آيات من القرآن الكريم

فَأَنْجَيْنَاهُ وَالَّذِينَ مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِنَّا وَقَطَعْنَا دَابِرَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا ۖ وَمَا كَانُوا مُؤْمِنِينَ
ﮥﮦﮧﮨﮩﮪﮫﮬﮭﮮﮯﮰﮱﯓ

[٧٢] ﴿فَأَنْجَيْنَاهُ﴾ يعني: هودًا ﴿وَالَّذِينَ مَعَهُ﴾ من المؤمنينَ.
﴿بِرَحْمَةٍ مِنَّا﴾ بأَنْ جُعلوا في حظيرة ما يصلُ إليهم من الريح إِلَّا ما يُلَيِّنُ عليهم جلودهم.
﴿وَقَطَعْنَا دَابِرَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا﴾ أي: استأصلناهم عن آخرِهم.
﴿وَمَا كَانُوا مُؤْمِنِينَ﴾ أي: هلكَ الكفارُ، ونجا المؤمنون.
ويُروى أنّه كان من عادٍ شخصٌ اسمهُ لُقمانُ، وهو غيرُ لقمانَ الحكيمِ الّذي كانَ على عهدِ داودَ النبيِّ -عليه السّلام-، ولحقَ هودٌ حين أُهلك قومُه بمن آمنَ معه بمكَّة، فلم يزالوا فيها حتّى ماتوا فيها، وقيل إنَّ قبرَه بحضرموتَ، ورويَ (١) أن النبيَّ من الأنبياءِ كان إذا هلكَ قومُه، أقام بصالحيه بمكةَ يعبدونَ اللهَ حتّى يموتون (٢).
* * *
﴿وَإِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحًا قَالَ يَاقَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ قَدْ جَاءَتْكُمْ بَيِّنَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ هَذِهِ نَاقَةُ اللَّهِ لَكُمْ آيَةً فَذَرُوهَا تَأْكُلْ فِي أَرْضِ اللَّهِ وَلَا تَمَسُّوهَا بِسُوءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (٧٣)﴾.
[٧٣] ﴿وَإِلَى ثَمُودَ﴾ هو ثمودُ بنُ عابرِ بنِ إرمَ بنِ سامِ بنِ نوحٍ، والمراد هنا: القبيلةُ، وقيلَ: سُميت ثمودَ؛ لقلةِ مائِها، والثَّمَدُ: الماءُ القليلُ،

(١) في "ن": "ويروى".
(٢) انظر: "تفسير البغوي" (٢/ ١١٦ - ١١٧).

صفحة رقم 542

وكانت مساكنُهم الحِجْرَ بينَ المدينةِ الشريفةِ والشامِ، وكانوا عربًا يعبدونَ الأصنامَ.
﴿أَخَاهُمْ﴾ أي: أرسلْنا إلى ثمودَ أخاهم في النَّسبِ لا في الدِّينِ.
﴿أَخَاهُمْ صَالِحًا﴾ هو ابنُ عبيدِ بنِ أسفِ بنِ ماسحِ بنِ عبيدِ بن حاذرِ بنِ ثمودَ.
﴿قَالَ يَاقَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ﴾ وبالغَ صالحٌ في الإنذارِ، وادَّعى (١) النبوةَ وقال: ﴿قَدْ جَاءَتْكُمْ بَيِّنَةٌ﴾ حجةٌ ﴿مِنْ رَبِّكُمْ﴾ على صِدْقي، فقالَ سيدُهم جُندعُ بنُ عمرٍو: تُخرِجُ لنا من هذهِ الصخرةِ ناقةً مُخْتَرِجَةً وَبْراءَ عُشَراءَ، والمخترجةُ: ما شاكلَتِ البخت من الإبل، فقال: إنَّ فعلتُ تؤمنوا؟ قالوا: نعم، فأخذَ مواثيقَهم على ذلك، فتمخَّضَتِ الصخرةُ عن ناقةٍ كما أرادوا، ثمّ نُتِجَتْ مثلَها في العِظَم.
﴿هَذِهِ نَاقَةُ اللَّهِ﴾ أضافها إلى الله على التفضيل؛ لأنّها جاءت من عندِه بلا وسائطَ (٢) وأسبابٍ معهودةٍ.
﴿لَكُمْ آيَةً﴾ نصبٌ على الحالِ.
﴿فَذَرُوهَا تَأْكُلْ﴾ من المرعى ﴿فِي أَرْضِ اللَّهِ﴾، فالأرضُ له، والناقةُ ناقته، لا اعتراضَ لكم عليها.
﴿وَلَا تَمَسُّوهَا بِسُوءٍ﴾ بِعَقْرٍ وَلا ضَرْبٍ.
﴿فَيَأْخُذَكُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾ فآمنَ جُندعُ ورهطُه.

(١) في "ن": "وادعاء".
(٢) في "ن": "بلا واسط".

صفحة رقم 543
فتح الرحمن في تفسير القرآن
عرض الكتاب
المؤلف
أبو اليمن مجير الدين عبد الرحمن بن محمد بن عبد الرحمن العليمي الحنبلي
تحقيق
نور الدين طالب
الناشر
دار النوادر (إصدَارات وزَارة الأوقاف والشُؤُون الإِسلامِيّة - إدَارَةُ الشُؤُونِ الإِسلاَمِيّةِ)
سنة النشر
1430 - 2009
الطبعة
الأولى
عدد الأجزاء
7
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية