
دعاؤهم.
والوجه الآخر: الإدعاء للحق.
و ﴿دَعْوَاهُمْ﴾ هنا، إنما قالوه حين عاينوا البأس، لا قبله ولا بعده. وذلك أن الرسل كانت تعدهم بالسطوة من الله وتخبرهم بأمارة ذلك وعلامته ليزدجروا، فلما عاينوا علامات ما أوعدوا به، أقروا بالظلم على أنفسهم.
قوله: ﴿فَلَنَسْأَلَنَّ الذين أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ﴾ الآية.
المعنى: فلنسألن الأمم الذين أرسلت إليهم رسلي: ماذا عملت فيما بلغتها الرسل من أمري ونهيي؟ [﴿وَلَنَسْأَلَنَّ المرسلين﴾، أي]: ولنسألن الرسل: هل

بلغت وأدت ما أرسلت به.
فسؤال الأمم سؤال توبيخ وتقرير، وهو عالم بما عملت، (وسؤال الرسل) سؤال تحقيق على الأمم؛ لأن الأمم قالت: ﴿مَا جَآءَنَا مِن بَشِيرٍ وَلاَ نَذِيرٍ﴾ [المائدة: ١٩] فأخبرت الرسل عند السؤال أنها قد بلغت، وأن الأمم التي أنكرت كاذبة في قولها.
فسؤال الرسل، إنما هو على وجه الاستشهاد على الأمم. وسؤال [الأُمَمِ] المرسل إليهم على وجه التقرير بما عملوا، لا أنه تعالى يسأل مسترشداً مستثبتاً؛ لأن هذا صفة من لا علم عنده، بل هو لا إله إلا الله، عالم بتبليغ الرسل، وبما أجابتهم به الأمم.
وهذا يدل على أن الكفار يحاسبون ويسألون.