
عرفوهم، واستعاذوا أن يُجْعلوا معهم.
قوله: ﴿ونادى أَصْحَابُ الأعراف﴾، الآية.
المعنى: إن " أصحاب الأعراف " نادوا رجالاً يعرفونهم، من أهل النار ﴿بِسِيمَاهُمْ﴾، أي: بسواد وجوههم، وزرقة أعينهم، قالوا لهم: أي شيء أغنى عنكم جمعكم في الدنيان واستكبارهم فيها، عن عبادة الله، تعالى، والإيمان برسوله، ﷺ.
قال السدي: مر بأهل " الأعراف " رجال من الجبارين يعرفونهم، فقالوا لهم ذلك.
وقوله: ﴿أهؤلاء [الذين] أَقْسَمْتُمْ لاَ يَنَالُهُمُ الله بِرَحْمَةٍ﴾.
هذا قول الله ( تعالى) [ لأهل النار] توبيخاً لهم على ما كان من قِيلِهِمْ لأهل الأعراف في الدنيا، وذلك حين دخل [أهل] الأعراف

الجنة، فهو قول اتصل أصحاب الأعراف، فهو من قول الله، جل ذكره، إلى قوله: ﴿تَحْزَنُونَ﴾، ففيه رجوع من مخاطبة كفار إلى مخاطبة مؤمنين متصل بعضه ببعض.
وقد قيل: إنه من قول الملائكة لأهل النار، [ويكون] ﴿[ادخلوا] الجنة﴾ من قول الله ( تعالى)، فتكون الآية [فيها] ثلاثة أقوال:
- قول أهل الأعراف إلى ﴿تَسْتَكْبِرُونَ﴾ [الأعراف: ٤٨].
- وقول الملائكة إلى ﴿بِرَحْمَةٍ﴾.
- وقول الله إلى ﴿تَحْزَنُونَ﴾، متصل (كله) بعضه ببعض.
قال ابن عباس: " أصحاب الأعراف "، رجال كانت لهم ذنوب عظام، وكان

حسم أمره [الله]، يقومو على الأعراف، فإذا نظروا إلى [أهل] الجنة طمعوا فيها، وإذا نظروا [إلى] أهل النار تعوذوا بالله منها، فأدخلوا الجنة، فقال الله، تبارك الله، ﴿أهؤلاء الذين أَقْسَمْتُمْ﴾، يا أهل النار، ﴿لاَ يَنَالُهُمُ الله بِرَحْمَةٍ ادخلوا الجنة لاَ خَوْفٌ عَلَيْكُمْ وَلاَ أَنتُمْ تَحْزَنُونَ﴾.
وقال حذيفة: ﴿أَصْحَابُ الأعراف﴾، قوم قَصَّرت بهم حسناتهم عن الجنة، وفصرت بهم/ سيئاتهم عن النار، فجعلوا على الأعراف، يعرفون الناس بسيمهم. فلما قضي بين العباد، أذن لهم في طلب الشفاعة [فيأتون الأنبياء كلهم من الشفاعة]، ويدل على الآخر حتى يأتوا محمداً ( ﷺ)، فيشفع لهم، فيذهب بهم إلى " نهر الحيوان " حافتاه قصب من ذهب مكلل باللؤلؤ، ترابه المسك، وحصباؤه الياقوت، فيغتسلون فيه، فتعود إليهم ألوان أهل الجنة وريح أهل الجنة، ويصيرون كأنهم الكواكب الدرِّية، وتبقى في صدورهم شامات بيض يعرفون بها، يقال لهم: " مساكين أهل الجنة ".

وقال أبو مِجْلَز: [بل] هذا القول خبر من الله ( تعالى) [ عن] قول الملائكة لأهل النار، تعييراً منهم لهم ما كانوا يقولون في الدنيا للمؤمنين الذين قد دخلوا الجنة.
قوله: ﴿ادخلوا الجنة﴾، وما بعده من كلام الله (سبحانه)، فالوقف على هذا: ﴿بِرَحْمَةٍ﴾.
ومن قال إنها خبر من الله ( تعالى) عن نفسه (جلت عظمته) وقف على: ﴿تَحْزَنُونَ﴾.
وقرأ يحيى بن يَعْمَر: " أُدْخِلُوا الجَنَّة "، على ما لم يسلم فاعله بكسر الخاء.