آيات من القرآن الكريم

وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَا نُكَلِّفُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا أُولَٰئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ ۖ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ
ﮱﯓﯔﯕﯖﯗﯘﯙﯚﯛﯜﯝﯞﯟﯠﯡ

ومن يشرك بالله فكانما خرمن السماء فتخطفه الطير او تهوى به الريح فى مكان سحيق لحديث وفى حديث ابى هريرة عند ابن ماجة نحوه وَلا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِياطِ اى حتّى يدخل ما هو مثل فى عظم الجثة وهو البعير فيما هو مثل فى ضيق المنفذ وهو ثقبة الابرة وذلك لا يكون فكذا ما علق به بدل ذلك على تأكيد المنع يعنى لا يدخلون ابدا وَكَذلِكَ اى مثل ذلك الجزاء القطيع يعنى الياس من رحمة الله تعالى نَجْزِي الْمُجْرِمِينَ لَهُمْ اى للمجرمين مِنْ جَهَنَّمَ مِهادٌ فراش وَمِنْ فَوْقِهِمْ غَواشٍ لحف منها والتنوين عوض من الياء المحذوفة عند سيبويه وللصرف عند غيره يعنى النار محيط بهم من كل جانب نظيره قوله تعالى من فوقهم ظلل من النار ومن تحتهم ظلل وَكَذلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ ذكر الجرم مع الحرمان من الجنة والظلم مع التعذيب بالنار تنبيها على انه أعظم من الاجرام ثم أورد الله سبحانه وعد المؤمنين بعد وعيد الكفار كما هو عادته فقال.
وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ مبتدأ ولما كان الجمع المحلى باللام من صيغ العموم موهما لاختصاص الوعد بمن عمل جميع الصالحات أورد معترضا بين المبتدأ والخبر لدفع ذلك التوهم قوله لا نُكَلِّفُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَها اى بقدر طاقتها بحيث لا تحرج ولا يشق عليها أُولئِكَ أَصْحابُ الْجَنَّةِ خبر للمبتدأ هُمْ فِيها خالِدُونَ وَنَزَعْنا اى أخرجنا صيغة ماض وضع موضع مستقبل تحقيقا لوقوعه ما فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ اى حسد وعداوة كانت بينهم فى الدنيا حتى لا يكون بينهم الا التواد لا يحسد بعضهم على بعض على شىء خص الله به بعضهم اخرج سعيد بن منصور وابو نعيم فى الفتن وابن ابى شيبة والطبراني وابن مردوية عن على رضى الله عنه انه قال انى أرجو أن أكون انا وعثمان وطلحة والزبير منهم قلت قال ذلك على رضى الله عنه لما وقع بينهم فساد ظن فى فتنة شهادة عثمان رضى الله عنه اخرج البخاري والإسماعيليّ فى مستخرجه واللفظ له عن ابى سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه واله وسلم فى قوله تعالى ونزعنا ما فى صدورهم من غل إخوانا على سرر متقابلين قال يخلص المؤمنون من النار فيحسون على قنطرة بين الجنة والنار فيقتص لبعضهم من بعض مظالم كانت بينهم حتى إذا هذبوا وقفوا اذن لهم فى دخول الجنة فو الذي نفس محمد بيده لاحدهم اهدى بمنزله فى الجنة منه بمنزله فى الدنيا قال قتادة راوى الحديث كان يقال ما يشبه بهم الا اهل الجمعة

صفحة رقم 351

انصرفوا عن جمعتهم واخرج ابن ابى حاتم عن الحسن البصري قال بلغني ان رسول الله صلى الله عليه واله وسلم قال يحبس اهل الجنة بعد ما يجوزون الصراط حتى يوخذ لبعضهم من البعض ظلماتهم فى الدنيا ويدخلون الجنة ليس فى قلوب بعضهم على بعض غل قال القرطبي هذا فى حق من لم يدخل النار اما من دخلها ثم اخرج منها فانهم لا يحاسبون بل إذا خرجوا اذهبوا على نهار الجنة قال ابن حجر قوله يخلص المؤمنون من النار اى ينجون من السقوط بمجاورة الصراط واختلف فى القنطرة المذكورة فقيل انها من تتمة الصراط وهى طرفه الذي يلى الجنة وقيل الصراط اخر وبه جزم القرطبي وقال السيوطي والاول هو المختار قلت وذلك لان القصاص انما يكون بالحسنات والسيئات فانه ليس ثمه دينار ولا درهم ان كان له يعنى للظالم عمل صالح أخذ منه بقدر مظلمة وان لم يكن له حسنة أخذ من سيأت صاحبه فحمل عليه كذا روى البخاري من حديث ابى هريرة مرفوعا وعند مسلم والترمذي عنه مرفوعا فان فنيت حسناته قبل ان يقتص ما عليه من الخطايا أخذ من خطاياهم فتطرح عليه ثم طرح فى النار قلت والطرح فى النار لا يتصور بعد مجاورة الصراط بتمامه والله اعلم قلت وليس نزع الغل من الصدور منحصرا فى صورة القصاص ودفع الحسنات والسيئات من البعض الى البعض بل قد يكون بغير ذلك كما قال البغوي قال السند فى هذه الاية الكريمة ان اهل الجنة إذا سبقوا الى الجنة وجدوا عند بابها شجرة فى اصل ساقها عينان فشربوا من أحدهما فينزع ما فى صدورهم من غل وهو الشراب الطهور ومن الاخرى فجرت عليهم نضرة النعيم ان يشعثوا ولن يشحبوا بعدها ابدا تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ من تحت منازلهم بعد ما دخلوا الجنة الْأَنْهارُ حال من هم فى صدورهم فيها بمعنى الاضافة وَقالُوا اى اهل الجنة الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدانا لِهذا اى الى هذا يعنى الجنة وقال سفيان الثوري معناه هدانا لعمل ثوابه هذا وَما كُنَّا لِنَهْتَدِيَ اللام للجحود لتاكيد النفي كما فى قوله تعالى ما كان الله ليعذبهم بعدها ان المصدرية مقدرة والمصدر بمعنى الفاعل او بتقدير المضاف خبر لكان تقديره ما كنا ذا اهتداء او مهتدين لَوْلا أَنْ هَدانَا اللَّهُ وجواب لولا محذوف دل عليه ما قبله يعنى لولا هداية الله ما كنا مهتدين قرأ ابن عامر ما كنا بغير واو على انها صبية للاولى والباقون بالواو على انه حال من مفعول هدانا لَقَدْ جاءَتْ رُسُلُ رَبِّنا بِالْحَقِّ فاهتدينا بإرشادهم يقولون ذلك تبجحا حين رأوا

صفحة رقم 352
التفسير المظهري
عرض الكتاب
المؤلف
القاضي مولوي محمد ثناء الله الهندي الفاني فتي النقشبندى الحنفي العثماني المظهري
تحقيق
غلام نبي تونسي
الناشر
مكتبة الرشدية - الباكستان
سنة النشر
1412
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية