آيات من القرآن الكريم

وَإِذَا لَمْ تَأْتِهِمْ بِآيَةٍ قَالُوا لَوْلَا اجْتَبَيْتَهَا ۚ قُلْ إِنَّمَا أَتَّبِعُ مَا يُوحَىٰ إِلَيَّ مِنْ رَبِّي ۚ هَٰذَا بَصَائِرُ مِنْ رَبِّكُمْ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ
ﮖﮗﮘﮙﮚﮛﮜ ﮞﮟﮠﮡﮢﮣﮤﮥﮦﮧﮨﮩﮪﮫﮬﮭﮮﮯﮰﮱﯓﯔﯕﯖﯗ ﯙﯚﯛﯜﯝﯞﯟﯠ

نَزْغٌ نَخْسَةٌ. وَالنَّزْغُ مِنَ الشَّيْطَانِ الْوَسْوَسَةُ. وَقَالَ الزَّجَّاجُ: النَّزْغُ أَدْنَى حَرَكَةٍ تَكُونُ مِنَ الْآدَمِيِّ، وَمِنَ الشَّيْطَانِ أَدْنَى وَسْوَسَةٍ.
«٩٦٣» وَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زَيْدٍ: لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ: خُذِ الْعَفْوَ، قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «كَيْفَ يَا رَبِّ وَالْغَضَبُ»، فَنَزَلَ: وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ، أَيِ: اسْتَجِرْ بِاللَّهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ.
إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا، يَعْنِي الْمُؤْمِنِينَ، إِذا مَسَّهُمْ طائِفٌ مِنَ الشَّيْطانِ، قَرَأَ ابْنُ كَثِيرٍ وَأَهْلُ الْبَصْرَةِ وَالْكِسَائِيُّ: طَيْفٌ، وقرأ الآخرون طائفة بِالْمَدِّ وَالْهَمْزِ وَهُمَا لُغَتَانِ كَالْمَيِّتِ وَالْمَائِتِ، وَمَعْنَاهُمَا:
الشَّيْءُ يُلِمُّ بِكَ. وَفَرَّقَ قَوْمٌ بَيْنَهُمَا، فَقَالَ أَبُو عَمْرٍو: الطَّائِفُ مَا يَطُوفُ حَوْلَ الشَّيْءِ، وَالطَّيْفُ: اللَّمَّةُ وَالْوَسْوَسَةُ. وَقِيلَ: الطائف ما يطوف بك [١] مِنْ وَسْوَسَةِ الشَّيْطَانِ، وَالطَّيْفُ: اللَّمَمُ وَالْمَسُّ.
تَذَكَّرُوا عَرَفُوا، قَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ: هُوَ الرَّجُلُ يَغْضَبُ الْغَضْبَةَ فَيَذْكُرُ اللَّهَ تَعَالَى فَيَكْظِمُ الغيظ.
وقال مجاهد: الرَّجُلُ يَهِمُّ بِالذَّنْبِ فَيَذْكُرُ اللَّهَ فَيَدَعُهُ. فَإِذا هُمْ مُبْصِرُونَ، أَيْ: يُبَصِرُونَ مَوَاقِعَ خَطَايَاهُمْ بِالتَّذَكُّرِ وَالتَّفَكُّرِ. قَالَ السُّدِّيُّ: إِذَا زَلُّوا تَابُوا. وَقَالَ مُقَاتِلٌ: إِنَّ الْمُتَّقِي إِذَا أَصَابَهُ [٢] نَزْغٌ مِنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرَ وعرف أنه معصية، فأبصر فنزغ عن مخالفة الله.
[سورة الأعراف (٧) : الآيات ٢٠٢ الى ٢٠٤]
وَإِخْوانُهُمْ يَمُدُّونَهُمْ فِي الغَيِّ ثُمَّ لَا يُقْصِرُونَ (٢٠٢) وَإِذا لَمْ تَأْتِهِمْ بِآيَةٍ قالُوا لَوْلا اجْتَبَيْتَها قُلْ إِنَّما أَتَّبِعُ مَا يُوحى إِلَيَّ مِنْ رَبِّي هَذَا بَصائِرُ مِنْ رَبِّكُمْ وَهُدىً وَرَحْمَةٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (٢٠٣) وَإِذا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (٢٠٤)
قَوْلُهُ: وَإِخْوانُهُمْ يَمُدُّونَهُمْ، يَعْنِي: إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ مِنَ الْمُشْرِكِينَ يَمُدُّونَهُمْ، أَيْ: يَمُدُّهُمُ الشَّيْطَانُ. قَالَ الْكَلْبِيُّ: لِكُلِّ كَافِرٍ أَخٌ مِنَ الشَّيَاطِينِ. فِي الغَيِّ، أي: يطلبون لهم الْإِغْوَاءَ حَتَّى يَسْتَمِرُّوا عَلَيْهِ. وَقِيلَ: يَزِيدُونَهُمْ فِي الضَّلَالَةِ. وَقَرَأَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ: يَمُدُّونَهُمْ بِضَمِّ الْيَاءِ وَكَسْرِ الْمِيمِ مِنَ الْإِمْدَادِ، وَالْآخَرُونَ بِفَتْحِ الْيَاءِ وَضَمِّ الْمِيمِ وَهُمَا لُغَتَانِ بِمَعْنًى وَاحِدٍ. ثُمَّ لَا يُقْصِرُونَ، أي: لا يكفّون. قَالَ الضَّحَّاكُ وَمُقَاتِلٌ: يَعْنِي الْمُشْرِكِينَ لَا يُقْصِرُونَ عَنِ الضَّلَالَةِ وَلَا يُبْصِرُونَهَا، بِخِلَافِ مَا قَالَ فِي الْمُؤْمِنِينَ:
تَذَكَّرُوا فَإِذا هُمْ مُبْصِرُونَ. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: لَا الْإِنْسُ يُقْصِرُونَ عَمَّا يَعْمَلُونَ مِنَ السَّيِّئَاتِ وَلَا الشَّيَاطِينُ يُمْسِكُونَ عَنْهُمْ، فَعَلَى هَذَا قَوْلُهُ: ثُمَّ لَا يُقْصِرُونَ مِنْ فِعْلِ المشركين والشياطين جميعا.
وَإِذا لَمْ تَأْتِهِمْ بِآيَةٍ، يَعْنِي: إِذَا لَمْ تَأْتِ الْمُشْرِكِينَ بِآيَةٍ، قالُوا لَوْلا اجْتَبَيْتَها، هَلَّا افْتَعَلْتَهَا وَأَنْشَأْتَهَا مِنْ قِبَلِ نَفْسِكَ وَاخْتِيَارِكَ؟ تَقُولُ الْعَرَبُ: اجْتَبَيْتُ الْكَلَامَ إِذَا اخْتَلَقْتُهُ. قَالَ الْكَلْبِيُّ: كَانَ أَهْلُ مَكَّةَ يَسْأَلُونَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْآيَاتِ تَعَنُّتًا فَإِذَا تَأَخَّرَتِ [اتَّهَمُوهُ] [٣] قالوا: لَوْلا اجْتَبَيْتَها؟ أَيْ: هَلَّا أَحْدَثْتَهَا وَأَنْشَأْتَهَا مِنْ عِنْدِكَ؟ قُلْ لَهُمْ يَا مُحَمَّدُ إِنَّما أَتَّبِعُ مَا يُوحى إِلَيَّ مِنْ رَبِّي، ثُمَّ قَالَ: هذا، يعني:

٩٦٣- ضعيف جدا. أخرجه الطبري ١٥٥٦٤ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ زَيْدِ بن أسلم وهذا معضل، ومع ذلك ابن زيد ضعيف ليس بشيء إن وصل الحديث فكيف إذا أرسله؟!. [.....]
(١) في المطبوع وط «طاف به».
(٢) في المخطوط «مسه».
(٣) زيادة عن المخطوط وط.

صفحة رقم 262

الْقُرْآنَ بَصائِرُ، حُجَجٌ وَبَيَانٌ وَبُرْهَانٌ؟ مِنْ رَبِّكُمْ، وَاحِدَتُهَا بَصِيرَةٌ، وَأَصْلُهَا ظُهُورُ الشَّيْءِ وَاسْتِحْكَامُهُ حَتَّى يُبْصِرَهُ الإنسان، فيهتدي به يقول: هذا دَلَائِلُ تَقُودُكُمْ إِلَى الْحَقِّ. وَهُدىً وَرَحْمَةٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ.
قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: وَإِذا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (٢٠٤)، اخْتَلَفُوا فِي سَبَبِ نُزُولِ هَذِهِ الْآيَةِ، فَذَهَبَ جَمَاعَةٌ إِلَى أَنَّهَا فِي الْقِرَاءَةِ فِي الصَّلَاةِ.
رُوِيَ عَنْ أبي هريرة أنّهم كَانُوا يَتَكَلَّمُونَ فِي الصَّلَاةِ بِحَوَائِجِهِمْ فَأُمِرُوا بِالسُّكُوتِ وَالِاسْتِمَاعِ إِلَى قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ.
وَقَالَ قَوْمٌ: نَزَلَتْ فِي تَرْكِ الْجَهْرِ بِالْقِرَاءَةِ خَلْفَ الْإِمَامِ. روى زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ فِي رَفْعِ الْأَصْوَاتِ وَهُمْ خَلْفَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الصَّلَاةِ. وَقَالَ الْكَلْبِيُّ: كَانُوا يَرْفَعُونَ أَصْوَاتَهُمْ فِي الصَّلَاةِ حِينَ يَسْمَعُونَ ذِكْرَ الْجَنَّةِ وَالنَّارِ. وَعَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ سَمَّعَ ناسا يقرؤون مَعَ الْإِمَامِ فَلَمَّا انْصَرَفَ قَالَ: أَمَا آنَ لَكُمْ أَنْ تَفْقَهُوا وإذا قرىء الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا كَمَا أَمَرَكُمُ اللَّهُ؟ وَهَذَا قَوْلُ الْحَسَنِ وَالزُّهْرِيِّ وَالنَّخَعِيِّ: أَنَّ الْآيَةَ فِي الْقِرَاءَةِ فِي الصَّلَاةِ. وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ وَعَطَاءٌ وَمُجَاهِدٌ: إِنَّ الْآيَةَ فِي الْخُطْبَةِ، أُمِرُوا بِالْإِنْصَاتِ لِخُطْبَةِ الْإِمَامِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ. وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ:
هَذَا فِي الْإِنْصَاتِ يَوْمَ الْأَضْحَى وَالْفِطْرِ وَيَوْمَ الْجُمُعَةِ، وَفِيمَا يَجْهَرُ بِهِ الْإِمَامُ. وَقَالَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ:
الْإِنْصَاتُ لِقَوْلِ كُلِّ وَاعِظٍ. وَالْأَوَّلُ أَوْلَاهَا، وَهُوَ أَنَّهَا فِي الْقِرَاءَةِ فِي الصَّلَاةِ لِأَنَّ الْآيَةَ مَكِّيَّةٌ وَالْجُمُعَةُ وَجَبَتْ بِالْمَدِينَةِ. وَاتَّفَقُوا عَلَى أَنَّهُ مَأْمُورٌ بِالْإِنْصَاتِ حَالَةَ مَا يَخْطُبُ الْإِمَامُ.
«٩٦٤» أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْخَطِيبُ ثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَحْمَدَ الْخَلَّالُ ثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ الْأَصَمُّ ثَنَا الرَّبِيعُ ثَنَا الشَّافِعِيُّ ثَنَا مَالِكٌ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنِ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ:
أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِذَا قُلْتَ لِصَاحِبِكَ أَنْصِتْ وَالْإِمَامُ يَخْطُبُ يَوْمَ الْجُمُعَةَ فَقَدْ لَغَوْتَ».
وَاخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي الْقِرَاءَةِ خَلْفَ الْإِمَامِ فِي الصَّلَاةِ فَذَهَبَ جماعة إلى إيجابها سَوَاءٌ جَهَرَ الْإِمَامُ بِالْقِرَاءَةِ أَوْ أَسَرَّ. رُوِيَ ذَلِكَ عَنْ عُمَرَ وَعُثْمَانَ وَعَلِيٍّ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَمُعَاذٍ، وَهُوَ قَوْلُ الْأَوْزَاعِيِّ وَالشَّافِعِيِّ.
وَذَهَبَ قَوْمٌ إِلَى أَنَّهُ يَقْرَأُ فِيمَا أَسَرَّ الْإِمَامُ فِيهِ بِالْقِرَاءَةِ وَلَا يَقْرَأُ إِذَا جَهَرَ. يُرْوَى ذَلِكَ عن ابن عمرو وَهُوَ قَوْلُ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ وَالْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ، وَبِهِ قَالَ الزُّهْرِيُّ وَمَالِكٌ وَابْنُ الْمُبَارَكِ وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ. وَذَهَبَ قَوْمٌ إِلَى أَنَّهُ لَا يَقْرَأُ سَوَاءٌ أَسَرَّ الْإِمَامُ أَوْ جَهَرَ، يُرْوَى ذَلِكَ عَنْ جَابِرٍ، وَبِهِ قَالَ الثَّوْرِيُّ وَأَصْحَابُ الرأي، وتمسّك [١]

٩٦٤- إسناده صحيح، الشافعي ثقة، وقد توبع ومن دونه، ومن فوقه رجاله رجال البخاري ومسلم.
أبو الزناد هو عبد الله بن ذكوان، الأعرج هو عبد الرحمن بن هرمز.
وهو في «شرح السنة» ١٠٧٥ بهذا الإسناد، وهو في «الموطأ» (١/ ١٠٣) عن أبي الزناد به.
ومن طريق مالك أخرجه الشافعي (١/ ١٣٧) وأحمد (٢/ ٤٨٥) والدارمي (١/ ٣٦٤).
وأخرجه مسلم ٨٥١ وأحمد (٢/ ٢٤٤) والشافعي (١/ ١٣٧) وابن خزيمة ١٨٠٦ من طريق سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ أَبِي الزناد به.
وأخرجه البخاري ٩٣٤ ومسلم ٨٥١ والترمذي ٥١٢ والنسائي (٣/ ١٠٣ و١٠٤) وأحمد (٢/ ٢٧٢ و٣٩٣ و٣٩٦ و٥١٨) وابن خزيمة ١٨٠٥ والدارمي (١/ ٣٦٤) وابن حبان ٢٧٩٣ من طرق عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنِ ابْنِ الْمُسَيَّبِ عن أبي هريرة به.
(١) في المطبوع «يتمسك».

صفحة رقم 263
معالم التنزيل
عرض الكتاب
المؤلف
محيي السنة، أبو محمد الحسين بن مسعود بن محمد بن الفراء البغوي الشافعي
تحقيق
عبد الرزاق المهدي
الناشر
دار إحياء التراث العربي -بيروت
سنة النشر
1420
الطبعة
الأولى
عدد الأجزاء
5
التصنيف
كتب التفسير
اللغة
العربية