آيات من القرآن الكريم

وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ ۚ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ
ﭽﭾﭿﮀﮁﮂﮃﮄﮅﮆﮇ ﮉﮊﮋﮌﮍﮎﮏﮐﮑﮒﮓﮔ ﮖﮗﮘﮙﮚﮛﮜ

قوله: ﴿وَإِماَّ يَنزَغَنَّكَ مِنَ الشيطان نَزْغٌ﴾، إلى قوله: ﴿يُقْصِرُونَ﴾.
والمعنى: وإما يغضبَنَّكَ من الشيطان، غَضَبٌ يَصُدُّكَ عن الإعراض عن الجَاهلين، ويحملك على مجازاتهم ﴿فاستعذ بالله﴾، أي: اسْتَجِرْ بِهِ، ﴿إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ﴾ لجل الجاهل عليك، ولاستعاذتك به من نزغ الشيطان، ولغير ذلك من أمورك، ﴿عَلِيمٌ﴾، بما يذهب عند نَزْغَ الشَّيْطَانِ، وبغير ذلك.
وقال أبو عبيدة المعنى: وإما يستخفنك منه خفة.
وقيل " نَزْغُهُ ". وسوسته.
وقيل: " نَزْغُهُ ": فساده.

صفحة رقم 2693

ثم قال تعالى: ﴿إِنَّ الذين اتقوا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ﴾.
و" الطَّائِفُ " و " الطَّيْفُ " عند جماعة من البصريين، سواء، وهو ما كان كالخيال، والشيء يُلِمُّ بِكَ.
وقيل: إن " طيفاً " مخفف من: " طيّفٍ "، مثل: " مَيْتٌ ومَيِّتٌ.
وقال بعض الكوفيين: " الطَّائِفُ ": ما طاف به من وسوسة الشيطان. و " الطَّيْفُ ": من اللَّمم والمَسِّ.
وقال الكسائي: " الطَّيْفُ: " اللهو، و " الطَّائفُ ": كل ما طاف حول الإنسان.
وقرأ ابن جبير: " طيِّفٌ " مشدوداً.
و" الطَّيْفُ " عند أهل العربية: مصدر طاف.

صفحة رقم 2694

وقال الكسائي: هو مخفف من " طَيِّفٍ ".
وقال الكسائي: " طَافَ " من: الواو.
وقال الأَحْمَرُ سمعت: طِفْتُ أطِيفُ ".
وحكى البصريون: " طَاف بطيف " و " طِفْتُ أطِيفُ ".
قال ابن جبير ومجاهد: " الطَّيْفُ ": الغضب.
وقال ابن عباس " طَائِفٌ ": لمَّةٌ من الشيطان.

صفحة رقم 2695

وقال السدي: ﴿تَذَكَّرُواْ﴾ أي: تذكروا عقاب الله، ( تعالى)، فتابوا، أي: تابوا إذا زَلُّوا.
قال ابن عباس: ﴿فَإِذَا هُم مُّبْصِرُونَ﴾، أي: منتهون عن المعصية.
ثم قال تعالى: ﴿وَإِخْوَانُهُمْ يَمُدُّونَهُمْ فِي الغي﴾.
أي: وإخوان الشياطين تمدهم الشياطين في الغي.
﴿ثُمَّ لاَ يُقْصِرُونَ﴾.
أي: لا يقصرون عما أقصر عنه الذين اتقوا ﴿إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِّنَ الشيطان﴾.
وهذا خبر من الله، ( تعالى) عن حال المؤمنين وحال الكفار، أن المؤمن إذا

صفحة رقم 2696

أصاب الذنب تذكر العقوبة فتاب ورجع وأبصر رشده، والكافر يمد له إخوانه من الشياطين في الغي، ثم لا يقصر عن غيه، ولا يرجع كما فعل المؤمن.
و" المَدُّ ": الزيادة، ف " الهاء " و " الميم " في: ﴿وَإِخْوَانُهُمْ﴾ تعود على الشياطين. ودَلَّ " الشيطان " في قوله ﴿طَائِفٌ مِّنَ الشيطان﴾، على الشياطين. و " الإخوان " كناية عن الكفار.
والضمير المرفوع في: " يُمِدُّونَ " يعود على " الشياطين ".
و" الهاء " و " الميم " في ﴿يَمُدُّونَهُمْ﴾ تعود على " الكفار "، وهم الإخوان.
وقيل المعنى: ثم لا يقصر الشياطين في مدهم في الغي للكفار. قاله: قتادة.
وقال: ﴿لاَ يُقْصِرُونَ﴾ عنهم ولا يرحمونهم. / فالضمير في ﴿يُقْصِرُونَ﴾ للشياطين. وعلى القول الأول للمشركين، وَهُوَ الأَكْثَرُ.
و" الغَيُّ ": الجهل والوقوع في الهلكة.

صفحة رقم 2697

وهذا الكلام عند أبي إسحاق مُقَدَّمٌ مُتَّصِلٌ في النبية بقوله: ﴿ولا أَنْفُسَهُمْ يَنْصُرُونَ﴾ [الأعراف: ١٩٧].
ثم قال: ﴿وَإِخْوَانُهُمْ﴾، أي: وإخوانهم يعني: الشياطين، ﴿يَمُدُّونَهُمْ﴾، يعنى: الكفار.
يقال: " قَصَّر " عن الشيء و " أَقْصَرَ ".
وقد أنكر أبو حاتم وأبو عُبَيْد قرأءه نافع، بـ: " ضَمَّ اليَاءِ " في: ﴿يَمُدُّونَهُمْ﴾ وهي مشهورة.

صفحة رقم 2698

حكى المبرد: " مَدَدَتْ لَهُ في كَذَا ": " زينته له، واسْتَدْعَيْتُه أن يفعله، و " أَمْدَدْتُهُ في كذا " أي: أعنته برأيي وغير ذلك.
وحكى غير المبرد: " مَدَّهُ " و " أمَدَّهُ " بمعنىً.
وقيل ﴿فِي الغي﴾: متعلق بـ " الإخوان "، التقدير: " وَإِخْوَانُهُمْ فِي الغَيِّ يُمِدُّونَهُمُ، والأول أحسن، كما قال: ﴿وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ﴾ [البقرة: ١٥].

صفحة رقم 2699
الهداية الى بلوغ النهاية
عرض الكتاب
المؤلف
أبو محمد مكي بن أبي طالب حَمّوش بن محمد بن مختار القيسي القيرواني ثم الأندلسي القرطبي المالكي
الناشر
مجموعة بحوث الكتاب والسنة - كلية الشريعة والدراسات الإسلامية - جامعة الشارقة
سنة النشر
1429
الطبعة
الأولى
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية