آيات من القرآن الكريم

۞ وَاكْتُبْ لَنَا فِي هَٰذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ إِنَّا هُدْنَا إِلَيْكَ ۚ قَالَ عَذَابِي أُصِيبُ بِهِ مَنْ أَشَاءُ ۖ وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ ۚ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالَّذِينَ هُمْ بِآيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ
ﯛﯜﯝﯞﯟﯠﯡﯢﯣﯤﯥﯦﯧﯨﯩﯪﯫﯬﯭﯮﯯﯰﯱﯲﯳﯴﯵﯶﯷﯸﯹﯺﯻﯼﯽﯾﯿﰀﰁﰂﰃﰄﰅﰆﰇﰈ ﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚﭛﭜﭝﭞﭟﭠﭡﭢﭣﭤﭥﭦﭧﭨﭩﭪﭫﭬﭭﭮﭯﭰﭱﭲ

[سورة الأعراف (٧) : الآيات ١٥٥ الى ١٥٦]

وَاخْتارَ مُوسى قَوْمَهُ سَبْعِينَ رَجُلاً لِمِيقاتِنا فَلَمَّا أَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ قالَ رَبِّ لَوْ شِئْتَ أَهْلَكْتَهُمْ مِنْ قَبْلُ وَإِيَّايَ أَتُهْلِكُنا بِما فَعَلَ السُّفَهاءُ مِنَّا إِنْ هِيَ إِلاَّ فِتْنَتُكَ تُضِلُّ بِها مَنْ تَشاءُ وَتَهْدِي مَنْ تَشاءُ أَنْتَ وَلِيُّنا فَاغْفِرْ لَنا وَارْحَمْنا وَأَنْتَ خَيْرُ الْغافِرِينَ (١٥٥) وَاكْتُبْ لَنا فِي هذِهِ الدُّنْيا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ إِنَّا هُدْنا إِلَيْكَ قالَ عَذابِي أُصِيبُ بِهِ مَنْ أَشاءُ وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُها لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَالَّذِينَ هُمْ بِآياتِنا يُؤْمِنُونَ (١٥٦)
قَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَلْحَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي تَفْسِيرِ هَذِهِ الْآيَةِ، كَانَ اللَّهُ أَمَرَهُ أَنْ يَخْتَارَ مِنْ قَوْمِهِ سَبْعِينَ رجلا فاختار سبعين رجلا فبرز ليدعوا ربهم وكان فيما دعوا الله أن قَالُوا اللَّهُمَّ أَعْطِنَا مَا لَمْ تُعْطِهِ أَحَدًا قَبْلَنَا وَلَا تُعْطِهِ أَحَدًا بَعْدَنَا، فَكَرِهَ اللَّهُ ذلك من دعائهم فأخذتهم الرَّجْفَةُ قالَ رَبِّ لَوْ شِئْتَ أَهْلَكْتَهُمْ مِنْ قَبْلُ وَإِيَّايَ «١» الْآيَةَ.
وَقَالَ السُّدِّيُّ: إِنَّ اللَّهَ أمر موسى أن يأتيه في ثلاثين مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ يَعْتَذِرُونَ إِلَيْهِ مِنْ عِبَادَةِ العجل ووعدهم موعدا وَاخْتارَ مُوسى قَوْمَهُ سَبْعِينَ رَجُلًا على عينيه ثُمَّ ذَهَبَ بِهِمْ لِيَعْتَذِرُوا فَلَمَّا أَتَوْا ذَلِكَ المكان قالوا لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ [البقرة: ٥٥] يا موسى حَتَّى نَرَى اللَّهَ جَهْرَةً [البقرة: ٥٥] فإنك قد كلمته فأرناه فَأَخَذَتْكُمُ الصَّاعِقَةُ [البقرة: ٥٥] فَمَاتُوا فَقَامَ مُوسَى يَبْكِي وَيَدْعُو اللَّهَ وَيَقُولُ رَبِّ مَاذَا أَقُولُ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ إِذَا لَقِيتُهُمْ وَقَدْ أَهْلَكْتَ خِيَارَهُمْ رَبِّ لَوْ شِئْتَ أَهْلَكْتَهُمْ مِنْ قَبْلُ وَإِيَّايَ «٢».
وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ: اخْتَارَ مُوسَى مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ سَبْعِينَ رَجُلًا الْخَيِّرَ فَالْخَيِّرَ، وَقَالَ انْطَلِقُوا إِلَى اللَّهِ فَتُوبُوا إِلَيْهِ مِمَّا صَنَعْتُمْ وَسَلُوهُ التَّوْبَةَ عَلَى مَنْ تَرَكْتُمْ وَرَاءَكُمْ مِنْ قَوْمِكُمْ صُومُوا وَتَطَهَّرُوا وَطَهِّرُوا ثِيَابَكُمْ، فَخَرَجَ بِهِمْ إِلَى طُورِ سَيْنَاءَ لِمِيقَاتٍ وَقَّتَهُ لَهُ رَبُّهُ وَكَانَ لَا يَأْتِيهِ إِلَّا بِإِذْنٍ مِنْهُ وَعِلْمٍ، فَقَالَ لَهُ السَّبْعُونَ فِيمَا ذُكِرَ لِي حِينَ صَنَعُوا مَا أَمَرَهُمْ بِهِ وخرجوا معه للقاء ربه لِمُوسَى: اطْلُبْ لَنَا نَسْمَعْ كَلَامَ رَبِّنَا، فَقَالَ: أَفْعَلُ فَلَمَّا دَنَا مُوسَى مِنَ الْجَبَلِ وَقَعَ عَلَيْهِ عَمُودُ الْغَمَامِ حَتَّى تَغَشَّى الْجَبَلَ كُلَّهُ دنا مُوسَى فَدَخَلَ فِيهِ وَقَالَ لِلْقَوْمِ ادْنُوا وَكَانَ مُوسَى إِذَا كَلَّمَهُ اللَّهُ وَقَعَ عَلَى جَبْهَةِ مُوسَى نُورٌ سَاطِعٌ لَا يَسْتَطِيعُ أَحَدٌ مِنْ بَنِي آدَمَ أَنْ يَنْظُرَ إِلَيْهِ فَضُرِبَ دُونَهُ بِالْحِجَابِ وَدَنَا الْقَوْمُ، حَتَّى إِذَا دَخَلُوا فِي الْغَمَامِ وَقَعُوا سُجُودًا فَسَمِعُوهُ وَهُوَ يُكَلِّمُ مُوسَى يَأْمُرُهُ وَيَنْهَاهُ افْعَلْ وَلَا تَفْعَلْ فَلَمَّا فَرَغَ إِلَيْهِ من أمره وانكشف عن موسى الغمام فأقبل إليهم فقالوا:
يَا مُوسَى لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللَّهَ جَهْرَةً [البقرة: ٥٥]... فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ وهي الصاعقة فالتقت أَرْوَاحُهُمْ فَمَاتُوا جَمِيعًا، فَقَامَ مُوسَى يُنَاشِدُ رَبَّهُ وَيَدْعُوهُ وَيَرْغَبُ إِلَيْهِ وَيَقُولُ رَبِّ لَوْ شِئْتَ أَهْلَكْتَهُمْ مِنْ قَبْلُ وَإِيَّايَ قَدْ سَفِهُوا، أَفَتُهْلِكُ مَنْ وَرَائِي مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ.
وَقَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ: حَدَّثَنِي أَبُو إِسْحَاقَ عَنْ عُمَارَةَ بْنِ عبيد السَّلُولِيِّ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: انْطَلَقَ مُوسَى وَهَارُونُ وَشَبَّرُ وَشَبِيرُ فَانْطَلَقُوا إِلَى سَفْحِ جَبَلٍ فَنَامَ هَارُونُ عَلَى سَرِيرٍ فَتَوَفَّاهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ، فَلَمَّا رَجَعَ مُوسَى إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ قَالُوا لَهُ: أين
(١) تفسير الطبري ٦/ ٧٤.
(٢) تفسير الطبري ٦/ ٧٣.

صفحة رقم 431

هَارُونُ؟ قَالَ: تَوَفَّاهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ، قَالُوا: أَنْتَ قَتَلْتَهُ حَسَدْتَنَا عَلَى خُلُقِهِ وَلِينِهِ أَوْ كَلِمَةٍ نَحْوَهَا قَالَ: فَاخْتَارُوا مَنْ شِئْتُمْ قَالَ: فَاخْتَارُوا سَبْعِينَ رَجُلًا قَالَ: فَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى وَاخْتارَ مُوسى قَوْمَهُ سَبْعِينَ رَجُلًا فَلَمَّا انْتَهَوْا إِلَيْهِ قَالُوا: يَا هَارُونُ مَنْ قَتَلَكَ؟ قَالَ: مَا قَتَلَنِي أَحَدٌ وَلَكِنْ تَوَفَّانِي اللَّهُ، قَالُوا: يا موسى لن تعصى بعد اليوم فأخذتهم الرجفة قال فجعل موسى يُرْجِعُ يَمِينًا وَشِمَالًا وَقَالَ: يَا رَبِّ لَوْ شِئْتَ أَهْلَكْتَهُمْ مِنْ قَبْلُ وَإِيَّايَ أَتُهْلِكُنا بِما فَعَلَ السُّفَهاءُ مِنَّا إِنْ هِيَ إِلَّا فِتْنَتُكَ تُضِلُّ بِها مَنْ تَشاءُ وَتَهْدِي مَنْ تَشاءُ قَالَ: فَأَحْيَاهُمُ اللَّهُ وَجَعَلَهُمْ أَنْبِيَاءَ كُلَّهُمْ «١».
هَذَا أثر غريب جدا وعمارة بن عبيد هَذَا لَا أَعْرِفُهُ، وَقَدْ رَوَاهُ شُعْبَةُ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ رَجُلٍ مِنْ بَنِي سَلُولَ عن علي فذكره.
وقال ابن عباس وقتادة ومجاهد وابن جرير: إنهم أَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ لِأَنَّهُمْ لَمْ يُزَايِلُوا قَوْمَهُمْ فِي عِبَادَتِهِمُ الْعِجْلَ وَلَا نَهْوَهُمْ، وَيَتَوَجَّهُ هَذَا الْقَوْلُ بِقَوْلِ مُوسَى أَتُهْلِكُنا بِما فَعَلَ السُّفَهاءُ مِنَّا وَقَوْلُهُ إِنْ هِيَ إِلَّا فِتْنَتُكَ أَيِ ابْتِلَاؤُكَ وَاخْتِبَارُكَ وَامْتِحَانُكَ، قَالَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ وَأَبُو الْعَالِيَةِ وَالرَّبِيعُ بْنُ أَنَسٍ وَغَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ عُلَمَاءِ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ، وَلَا مَعْنَى لَهُ غَيْرَ ذَلِكَ، يَقُولُ إِنِ الْأَمْرُ إِلَّا أَمْرُكَ وَإِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لَكَ فَمَا شِئْتَ كَانَ، تَضِلُّ مَنْ تَشَاءُ وَتَهْدِي مَنْ تَشَاءُ، وَلَا هَادِيَ لِمَنْ أَضْلَلْتَ وَلَا مُضِلَّ لِمَنْ هَدَيْتَ وَلَا مُعْطِيَ لِمَا مَنَعْتَ وَلَا مَانِعَ لِمَا أَعْطَيْتَ، فَالْمُلْكُ كُلُّهُ لَكَ وَالْحُكْمُ كُلُّهُ لَكَ، لَكَ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ.
وَقَوْلُهُ أَنْتَ وَلِيُّنا فَاغْفِرْ لَنا وَارْحَمْنا وَأَنْتَ خَيْرُ الْغافِرِينَ الْغَفْرُ هُوَ السَّتْرُ وَتَرْكُ الْمُؤَاخَذَةِ بِالذَّنْبِ وَالرَّحْمَةُ إِذَا قُرِنَتْ مَعَ الْغَفْرِ يُرَادُ بها أن لا يُوقِعَهُ فِي مِثْلِهِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ وَأَنْتَ خَيْرُ الْغافِرِينَ أي لا يغفر الذنب إِلَّا أَنْتَ وَاكْتُبْ لَنا فِي هذِهِ الدُّنْيا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ الفصل الأول من الدعاء لدفع الْمَحْذُورِ وَهَذَا لِتَحْصِيلِ الْمَقْصُودِ وَاكْتُبْ لَنا فِي هذِهِ الدُّنْيا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ أَيْ أَوْجِبْ لَنَا وَأَثْبِتْ لَنَا فِيهِمَا حَسَنَةً وَقَدْ تَقَدَّمَ تفسير الحسنة في سورة البقرة «٢».
إِنَّا هُدْنا إِلَيْكَ أَيْ تُبْنَا وَرَجَعْنَا وَأَنَبْنَا إليك، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ وَمُجَاهِدٌ وَأَبُو الْعَالِيَةِ وَالضَّحَّاكُ وَإِبْرَاهِيمُ التَّيْمِيُّ وَالسُّدِّيُّ وَقَتَادَةُ وَغَيْرُ وَاحِدٍ: وَهُوَ كَذَلِكَ لُغَةً، وَقَالَ ابْنُ جَرِيرٍ: حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، حَدَّثَنَا أَبِي عَنْ شَرِيكٍ عن جابر عن عبد الله بن يحيى عن علي قَالَ:
إِنَّمَا سُمِّيَتِ الْيَهُودُ لِأَنَّهُمْ قَالُوا إِنَّا هُدْنا إِلَيْكَ جَابِرٌ هُوَ ابْنُ يَزِيدَ الْجُعْفِيُّ ضعيف.
يقول تعالى مجيبا لنفسه في قوله إِنْ هِيَ إِلَّا فِتْنَتُكَ الآية، قال

(١) انظر تفسير الطبري ٦/ ٧٤.
(٢) في تفسير الآية ٢٠١ من سورة البقرة. [.....]

صفحة رقم 432

عَذابِي أُصِيبُ بِهِ مَنْ أَشاءُ وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ أَيْ أَفْعَلُ مَا أَشَاءُ وَأَحْكُمُ مَا أُرِيدُ، وَلِيَ الْحِكْمَةُ وَالْعَدْلُ فِي كُلِّ ذَلِكَ سُبْحَانَهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ، وَقَوْلُهُ تَعَالَى: وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ آيَةٌ عَظِيمَةُ الشُّمُولِ وَالْعُمُومِ، كقوله تعالى إِخْبَارًا عَنْ حَمَلَةِ الْعَرْشِ وَمَنْ حَوْلَهُ، أَنَّهُمْ يَقُولُونَ رَبَّنا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْماً [غَافِرٍ: ٧].
وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ «١» : حَدَّثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ، حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا الْجُرَيْرِيُّ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ الْجُشَمِيِّ، حَدَّثَنَا جُنْدُبٌ هُوَ ابْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْبَجَلِيُّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: جَاءَ أعرابي فأناخ راحلته ثم علقها ثُمَّ صَلَّى خَلْفَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمَّا صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَتَى رَاحِلَتَهُ فَأَطْلَقَ عِقَالَهَا ثُمَّ رَكِبَهَا ثُمَّ نَادَى اللَّهُمَّ ارْحَمْنِي وَمُحَمَّدًا وَلَا تُشْرِكْ فِي رَحْمَتِنَا أَحَدًا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «أَتَقُولُونَ هَذَا أَضَلُّ أَمْ بَعِيرُهُ أَلَمْ تَسْمَعُوا مَا قَالَ؟» قَالُوا بَلَى قَالَ: «لَقَدْ حَظَرْتَ رَحْمَةً وَاسِعَةً إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ خَلَقْ مِائَةَ رَحْمَةٍ فأنزل رحمة يَتَعَاطَفُ بِهَا الْخَلْقُ جِنُّهَا وَإِنْسُهَا وَبَهَائِمُهَا وَأَخَّرَ عِنْدَهُ تِسْعًا وَتِسْعِينَ رَحْمَةً أَتَقُولُونَ هُوَ أَضَلُّ أم بعيره؟ رواه أحمد وأبو دَاوُدَ «٢»، عَنْ عَلِيِّ بْنِ نَصْرٍ عَنْ عَبْدِ الصَّمَدِ بْنِ عَبْدِ الْوَارِثِ بِهِ.
وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ «٣» أَيْضًا: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ عَنْ سليمان عن أبي عثمان عن سلمان عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِنْ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ مِائَةَ رَحْمَةٍ فَمِنْهَا رَحْمَةٌ يَتَرَاحَمُ بِهَا الْخَلْقُ وَبِهَا تَعْطِفُ الْوُحُوشُ على أولادها وأخر تسعة وَتِسْعِينَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ»، تَفَرَّدَ بِإِخْرَاجِهِ مُسْلِمٌ «٤»، فَرَوَاهُ مِنْ حَدِيثِ سُلَيْمَانَ هُوَ ابْنُ طَرْخَانَ وَدَاوُدَ بْنِ أَبِي هِنْدٍ، كِلَاهُمَا عَنْ أَبِي عُثْمَانَ وَاسْمُهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُلٍّ عَنْ سَلْمَانَ هُوَ الْفَارِسِيِّ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِهِ.
وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ «٥» : حَدَّثَنَا عَفَّانُ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ عَنْ عَاصِمِ بْنِ بَهْدَلَةَ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم قال: «إن لِلَّهِ مِائَةُ رَحْمَةٍ عِنْدَهُ تِسْعَةٌ وَتِسْعُونَ وَجَعْلِ عِنْدَكُمْ وَاحِدَةً تَتَرَاحَمُونَ بِهَا بَيْنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ وَبَيْنَ الْخَلْقِ فَإِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ ضَمَّهَا إِلَيْهِ» تَفَرَّدَ بِهِ أَحْمَدُ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ.
وَقَالَ أَحْمَدُ «٦» : حَدَّثَنَا عَفَّانُ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ، حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «لِلَّهِ مِائَةُ رَحْمَةٍ فَقَسَّمَ مِنْهَا جزءا واحدا بين الخلق به يَتَرَاحَمُ النَّاسُ وَالْوَحْشُ وَالطَّيْرُ» وَرَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ «٧» مِنْ حَدِيثِ أَبِي مُعَاوِيَةَ عَنِ الْأَعْمَشِ بِهِ، وقال

(١) المسند ٤/ ٣١٢.
(٢) كتاب الأدب باب ٣٦.
(٣) المسند ٥/ ٤٣٩.
(٤) كتاب التوبة حديث ١٧، ٢٠.
(٥) المسند ٣/ ٥٥، ٥٦.
(٦) المسند ٣/ ٥٥.
(٧) كتاب الزهد باب ٣٥.

صفحة رقم 433
تفسير القرآن العظيم
عرض الكتاب
المؤلف
أبو الفداء إسماعيل بن عمر بن كثير القرشي البصري ثم الدمشقي
تحقيق
محمد حسين شمس الدين
الناشر
دار الكتب العلمية، منشورات محمد علي بيضون - بيروت
الطبعة
الأولى - 1419 ه
عدد الأجزاء
1
التصنيف
كتب التفسير
اللغة
العربية