
١٣٨ - قوله تعالى: ﴿وَجَاوَزْنَا بِبَنِي إِسْرَائِيلَ الْبَحْرَ﴾، يقال: جاوز الوادي إذا قطعه وخلفه وراءه، وجاوز بغيره عبر به (١).
﴿فَأَتَوْا عَلَى قَوْمٍ يَعْكُفُونَ عَلَى أَصْنَامٍ لَهُمْ﴾، قال ابن عباس: (يعبدونها مقيمين عليها) (٢).
قال الزجاج: (يواظبون عليها و (٣) يلازمونها، يقال لكل من لزم شيئًا وواظب عليه (٤): عكَف يعكُف ويعكِف، ومن هذا قيل لملازم المسجد: معتكف) (٥)، وكل واحد من الكسر والضم في عينى الكلمتين لغة مثل: يعرُش ويعرِش ويبطُش (٦) ويبطِش.
انظر: "العين" ٦/ ١٦٥، و"تهذيب اللغة" ١/ ٥١٩، و"الصحاح" ٣/ ٨٧٠، و"المجمل" ١/ ٢٠٣، و"مقاييس اللغة" ١/ ٤٩٤، و"المفردات" ص ٢١١، و"اللسان" ٢/ ٧٢٤ (جوز).
(٢) "تنوير المقباس" ٢/ ١٢٣، وذكره الواحدي في "الوسيط" ٢/ ٢٣١.
(٣) (الواو) ساقطة من (ب).
(٤) في (ب): (عليها)، وهو تحريف
(٥) "معاني الزجاج" ٢/ ٣٧١، ونحوه قال النحاس في "معانيه" ٣/ ٧٣، وانظر: "مجاز القرآن" ١/ ٢٢٧، و"تفسير غريب القرآن" ص ١٨٠.
(٦) هذا قول أبي علي في "الحجة" ٤/ ٧٤ - ٧٥ والضم والكسر في ﴿يَعْرِشُونَ﴾ و ﴿يَعْكُفُونَ﴾ لغة وقراءة سبعية، قرأ ابن عامر وأبو بكر عن عاصم: ﴿يَعْرِشُونَ﴾ بضم الراء، وقرأ الباقون بكسرها، وقرأ حمزة والكسائي: ﴿يَعْكُفُونَ﴾ بكسر الكاف، والباقون بضمها. انظر: "السبعة" ص ٢٩٢، و"المبسوط" ص ١٨٤، و"التذكرة" ٢/ ٤٢٤، و"التيسير" ص ١١٣، و"النشر" ٢/ ٢٧١، وانظر توجيه القراءة في "معاني القراءات" ١/ ٤٢١، و"إعراب القراءات" ١/ ٢٠٤، و"الحجة" لابن خالويه ص ١٦٢، ولابن زنجلة ص ٢٩٤، و"الكشف" ١/ ٤٧٥.

قال قتادة؛ (١): (كان أولئك القوم من لخم (٢) وكانوا نزولا بالرقة) (٣)
وقال ابن جريج: (كانت تلك الأصنام تماثيل بقر وذلك أول شأن العجل) (٤).
وقوله تعالى: ﴿قَالُوا يَا مُوسَى اجْعَلْ لَنَا إِلَهًا كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ﴾، قال عطاء: (يريد: من دون الله. ﴿قَالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ﴾ يريد: جهلتم نعمة ربكم وما صنع بكم) (٥).
قال أهل المعاني: (هذه الآية تخبر عن جهل عظيم من بني إسرائيل؛ حيث توهموا أنه يجوز عبادة غير الله بعد ما رأوا الآيات التي توالت على قوم فرعون حتى غرّقهم الله في البحر بكفرهم وعبادتهم غيره، فلم يردعهم ذلك عن أن قالوا لنبيهم: ﴿اجْعَلْ لَنَا إِلَهًا كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ﴾ (٦).
(٢) لَخْم: قبيلة من كهلان، ولخم أخو جُذام عم كندة وهم حي من اليمن ومنهم كانت ملوك العرب في الجاهلية، ونزلوا الحيرة وهم آل عمرو بن عدي بن نصر اللخمي، وقيل هم آل المنذر.
انظر: "اللسان" ٧/ ٤٠١٨ (لخم)، و"نهاية الأرب" ص ٣٦٧.
(٣) الرَّقَّة، بالفتح: مدينة مشهورة على الفرات من بلاد الجزيرة بينها وبين حَران ثلاثة أيام، ويقال لها: الرقة البيضاء. انظر: "معجم البلدان" ٣/ ٥٩.
(٤) أخرجه الطبري ٩/ ٤٥ بسند جيد.
(٥) ذكره الواحدي في "الوسيط" ٢/ ٢٣٢، عن ابن عباس قال: (جهلتم نعمة ربكم فيما صنع بكم).
(٦) انظر: "تفسير الطبري" ٩/ ٤٥، والسمرقندي ١/ ٥٦٦، وابن الجوزي ٣/ ٢٥٤.