
١٢٤ - قوله تعالى: ﴿لَأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ﴾ الآية. استعمل لفظ التقطيع هاهنا لمكان الأيدي وهي جمع.
وقوله تعالى: ﴿وَأَرْجُلَكُمْ مِنْ خِلَافٍ﴾. قال عبد العزيز بن يحيى: (على مخالفة، وهو أن يقطع من كل شق طرف كاليد اليمنى مع الرجل اليسرى) (١). قال سعيد بن جبير: (وفرعون أول من فعل ذلك) (٢).
١٢٥ - قوله تعالى: ﴿قَالُوا إِنَّا إِلَى رَبِّنَا مُنْقَلِبُونَ﴾. هذا جواب السحرة لفرعون لما توعدهم بالقطع والصلب. قال ابن عباس في هذه الآية: (يريد: راجعون إلى ربنا بالتوحيد والإخلاص) (٣).
وقال غيره (٤): (راجعون إلى ثواب ربنا وجنته، ولكنه فخم بالإضافة إلى لله، وهذا يدل على أنهم صبروا على وعيده بما توقعوا من الله تعالى من عظيم الثواب).
١٢٦ - قوله (٥) تعالى: ﴿وَمَا تَنْقِمُ مِنَّا إِلَّا أَنْ آمَنَّا بِآيَاتِ رَبِّنَا لَمَّا جَاءَتْنَا﴾. يقال: نقمتُ أنقِم إذا بالغت في كراهية الشيء، وقد مرّ عند قوله: ﴿قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ هَلْ تَنْقِمُونَ مِنَّا﴾ [المائدة: ٥٩].
قال (٦) عطاء عن ابن عباس: (يريد: ما لنا عندك من ذنب ولا ركبنا
(٢) أخرجه ابن أبي حاتم ٥/ ١٥٣٧ بسند جيد، وذكره الثعلبي ٧/ ٦ أ، وأخرجه الطبري ٩/ ٢٣ بسند لا بأس به عن سعيد بن جبير عن ابن عباس.
(٣) ذكره الواحدي في "الوسيط" ١/ ٢٢٠.
(٤) انظر: "تفسير الطبري" ٩/ ٢٤، والسمرقندي ١/ ٥٦١.
(٥) في: (ب) (وقوله).
(٦) في: (ب) (وقال).

منك مكروهاً تعذبنا عليه ﴿إِلَّا أَنْ آمَنَّا﴾ (١).
وقال الضحاك: وما تطعن علينا (٢) ﴿إِلَّا أَنْ آمَنَّا﴾، أي. إلا إيماننا ﴿بِآيَاتِ رَبِّنَا﴾. يعنون: ما أتى به موسى من الآيات في العصا واليد، آمنوا بها أنها من عند الله لا يقدر على مثلها إلا الله تعالى (٣).
قوله تعالى: ﴿رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا﴾، معنى الإفراغ في اللغة: الصّب، يقال: درهم مُفْرَغ إذا كان مصبوباً في قالب ليس بمضروب، وأصله من إفراغ الإناء؛ وهو صب ما فيه أجمع حتى يخلو الإناء، وهو من الفراغ، فاستعمل في الصب على التشبيه بحال إفراغ الإناء (٤).
قال مجاهد: (اصبب علينا الصبر عند الصلب والقطع حتى لا نرجع كفاراً) (٥).
وقال الزجاج: (أي: أنزل علينا صبراً يشتمل علينا) (٦)، وإنما ذكر لفظ الاشتمال لمعنى (٧) الإفراغ وهو أنك إذا صببت شيئاً على شيء شمله وعمّه.
(٢) ذكره الثعلبي في "الكشف" ٦/ ٧ أ، والبغوي ٣/ ٢٦٦.
(٣) انظر: "تفسير الطبري" ٩/ ٢٤، والسمرقندي ١/ ٥٦١.
(٤) انظر: "العين" ٤/ ٤٠٨، و"تهذيب اللغة" ٣/ ٢٧٧٧، و"الصحاح" ٤/ ١٣٢٤، و"مقاييس اللغة" ٤/ ٤٩٣، و"المفردات" ص ٦٣٢، و"اللسان" ٦/ ٣٣٩٦ (فرغ).
(٥) ذكره الواحدي في "الوسيط" ١/ ٢٢٠، وابن الجوزي ٣/ ٢٤٣، والرازي ٤/ ٢٠٩.
(٦) "معاني الزجاج" ٢/ ٣٦٧، ومثله ذكر النحاس في "معانيه" ٣/ ٦٤.
(٧) في (ب): (بمعنى).