
وقيل: العهد الذي لم يَفُوْا به، هو ما أخذ عليهم إِذْ أُخرجوا من ظهر آدم.
قوله: ﴿ثُمَّ بَعَثْنَا مِن بَعْدِهِم موسى بآياتنآ إلى فِرْعَوْنَ وَمَلإِيْهِ فَظَلَمُواْ بِهَا﴾، إلى قوله: ﴿لِلنَّاظِرِينَ﴾.
والمعنى: ثم بعثنا (من) بعد هؤلاء الذين ذكرنا من الأنبياء. ط
وقيل: من/ بعد الأمم المذكورة، موسى.
﴿بآياتنآ﴾. أي: بحجتنا. ﴿إلى فِرْعَوْنَ وَمَلإِيْهِ فَظَلَمُواْ بِهَا﴾. أي: فجحدوا وكفروا بها.
ومات هارون (عليه السلام)، وهو ابن مائة وسبع عشرة سنة، وعاش

موسى (عليه السلام) بعد ثلاث سنين، صار عمره بها مثل عمر هارون؛ لأن هارون كان أكبر من موسى بثلاث سنين، فصار عمر موسى وهارون سواء، مائة وسبع عشرة لكل واحد.
وكان في وجه هارون شامة، وفي أَرْنَبَة موسى شامة، وعلى طرف لسانه شامة، وهي العقدة التي حلها الله ( تعالى)، له.
قوله: ﴿فانظر كَيْفَ كَانَ عاقبة المفسدين﴾.
أي: فانظر، يا محمد، بعين قلبك، ﴿كَيْفَ كَانَ عاقبة المفسدين﴾، يعني فرعون وملأه، إذ غرقوا في البحر جميعاً.
وموسى، هو: ابن عمران بن ناهب بن لاوى بن يعقوب بن إسحاق بن

إبراهيم عليه السلام.
وفرعون موسى هو فرعون يوسف، عَمِر أكثر من أربع مائة عام. وامسه: الوليد بن مصعب.
(وقوله): ﴿وَقَالَ موسى يافرعون إِنِّي رَسُولٌ مِّن رَّبِّ العالمين * حَقِيقٌ عَلَى﴾.
أي: خليق وجدير قول الحق على الله، ( تعالى).
وقيل المعنى: ﴿حَقِيقٌ عَلَى﴾ ترك القول على الله (سبحانه) إلا بالحق.
فمن أضاف ﴿عَلَى﴾ فمعناه: واجب عليَّ قول الحق على الله (سبحانه).

ومن لم يضعف فمعناه.
حريص على قول الحق علىَّ الله (جلت عظمته).
(وقيل) معناه: مَحْقوُقٌ عليَّ أن لا أقول على الله إلا الحق، وهو فعيل بمعنى مفعول، كقتيل. هذا في قراءة من لم يضف.
قوله: ﴿قَدْ جِئْتُكُمْ بِبَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ﴾. أي بحجة.
﴿فَأَرْسِلْ مَعِيَ بني إِسْرَائِيلَ﴾.
وكان بنو إسرائيل يؤدون الجزية إلى فرعون وقومه، فسأله موسى (عليه السلام)، أن يتركهم معه قال له فرعون: ﴿قَالَ إِن كُنتَ جِئْتَ بِآيَةٍ فَأْتِ بِهَآ﴾، فألفى موسى عصاه فإذا هي حية ظاهرة لمن يراها فَاغِرَة فَاهَا، فاستَغَاثَ فرعون بموسى، حين رآها قصدته، فَكَفَّها موسى (عليه السلام)، عنه.

وقال الكلبي: بلغنا أن موسى (عليه السلام)، قال يا فرعون، ما هذه بيدي؟ قال: هي عصا. فألقاها موسى، فإذا هي ثعبان مبين، قد ملأت الدار من عِظَمِها، ثم أهوت إلى فرعون لتبتلعه، فنادى: يا موسى! (يا موسى)! فأخذ موسى بذنبها فإذا هي عصا بيده. قال فرعون: يا موسى، هل من آية غير هذه؟ قال: نعم، قال: ما هي؟ فأخرج موسى يده، فقال: ما هذه يا فرعون؟ قال: يدك. فأدخلها موسى (عليه السلام)، في جيبه ثم أخرجها، ﴿فَإِذَا هِيَ بَيْضَآءُ لِلنَّاظِرِينَ﴾، تغشى البصر من بياضها.
قال وهب بن مُنَّبِه: أمر فرعون بموسى، فقال: خذوه! فبادره موسى (عليه السلام)، فألقى عصاه، فصارت ثعباناً، فحملت على الناس فانهزموا، فمات منهم خمسة وعشرون ألفاً، قتل بعضهم بعضاً، وقام فرعون منهزماً حتى دخل البيت.
وكان ما بين لَحْيَيْ الحية أربعون ذراعاً.

قال ابن عباس: وضعت فُقْماً أسفل قبة فرعون، وفُقْماً فوقها، فاستغاث بموسى فَأَجَارَهُ، وَكَفَّهَا.
وقوله: ﴿وَنَزَعَ يَدَهُ﴾.
أي: أخرجها (من جيب قميصه)، (بيضاء تلوح، (تدل) على صدقه فيما يقول، بياضاً من غير/ برص. ثم أعادها إلى موضعها، فرجعت كما كانت، وكان قد أخرجها من جيبه، فأخرجها بيضاء تلوح للناظرين.
قال السدي: وضعت لَحْيَهَا الأسفل في الأرض، والآخر على أعلى سور القصر، ثم توجهت نحو فرعون لتأخذه فَذُعِرَ منها، (ووثب) وأَحْدَثَ، ولم يكن