آيات من القرآن الكريم

فَطَافَ عَلَيْهَا طَائِفٌ مِنْ رَبِّكَ وَهُمْ نَائِمُونَ
ﭟﭠﭡﭢﭣﭤﭥ

المفسرين (١). ويقال: حلف فلان يمينًا ليس فيها ثنيا ولا ثنوى ولا ثنية ولا مثنوية ولا استثناء، كله واحد، وأصل هذا كله من الثني وهو الكف والرد (٢)، وذلك أن الحالف إذا قال: والله لأفعلن كذا إلا أن يشاء الله غيره فقد رد ما قاله بمشيئة الله غيره.
١٩ - قوله تعالى: ﴿فَطَافَ عَلَيْهَا طَائِفٌ مِنْ رَبِّكَ وَهُمْ نَائِمُونَ﴾ (٣) قال ابن عباس: أحاطت بها النار فاحترقت (٤).
وقال الكلبي: ﴿عَلَيْهَا﴾ على الجنة، أرسل عليها نارًا من السماء فاحترقت، فذلك قوله: ﴿فَطَافَ عَلَيْهَا طَائِفٌ مِنْ رَبِّكَ﴾، والطائف لا يكون إلا ليلاً (٥).
وروى (٦) أبو ظبيان (٧) عن ابن عباس قال: هو أمر من أمر ربك (٨).
وقال قتادة: طرقها طارق من أمر الله، والطائف: الطارق ليلاً (٩).

(١) في (س): (هذا قول جماعة المفسرين) زيادة.
(٢) انظر: "اللسان" ١/ ٣٨٢ (ثنى).
(٣) (وهم نائمون) ساقطة من (س).
(٤) انظر: "زاد المسير" ٨/ ٣٣٦.
(٥) انظر: "الكشف والبيان" ١٢/ ١٦٨ أ، و"التفسير الكبير" ٣٠/ ٨٨، و"غرائب القرآن" ٢٩/ ١٩.
(٦) في (ك): (وقال).
(٧) في (س): (روى أبو ظبيان عن) زيادة.
(٨) انظر: "جامع البيان" ٢٩/ ١٩، و"الجامع لأحكام القرآن" ١٨/ ٢٤١.
(٩) أخرجه عبد بن حميد وابن المنذر عن قتادة قال: (أتاها أمر الله ليلاً فأصبحت كالصريم. قال: كالليل المظلم).
وما ذكره المؤلف هنا هو قول ابن جرير -رحمه الله-، والمعنى متقارب.
انظر: "جامع البيان" ٢٩/ ١٩، و"الدر" ٦/ ٢٥٣.

صفحة رقم 97

وحقيقة المعنى ما ذكره ابن عباس من قوله: أحاطت بها النار (١).
وقال مقاتل: بعث نارًا بالليل على جنتهم فأحرقتها حتى صارت سوداء، فذلك قوله: ﴿وَهُمْ نَائِمُونَ (١٩) فَأَصْبَحَتْ كَالصَّرِيمِ﴾ قال: يعني أصبحت الجنة سوداء كالليل. وهو قول ابن عباس في رواية عطاء؛ يعني كالليل المظلم (٢)، شبه سوادها بسواد الليل الدامس، وهو آخر ليالي الشهر، وهو أشد ما يكون ظلمة. وهذا القول في الصريم هو قول الفراء والزجاج (٣).
قال شمر: الصريم: الليل، والصريم: النهار (٤)، ينصرم الليل من النهار والنهار من الليل. وعلى هذا الصريم بمعنى المصارم (٥).
وقال غيره: سمي الليل صريمًا لأنه يقطع بظلمته عن التصرف. وعلى هذا هو فعيل بمعنى فاعل، وهو يبطل بالنهار. سمي صريمًا ولا يصرم (٦) عن التصرف (٧).
وقال قتادة: ﴿كَالصَّرِيمِ﴾ كأنها صرمت (٨). وعلى هذا الصريم بمعنى

(١) انظر: "جامع البيان" ٢٩/ ٢٠، و"الجامع لأحكام القرآن" ١٨/ ٢٤٢.
(٢) انظر: "تفسير مقاتل" ١٦٣ ب، و"تفسير القرآن العظيم" ٤/ ٤٠٦ و"الدر" ٦/ ٢٥٤.
(٣) انظر: "معاني القرآن" للفراء ٣/ ١٧٥، و"معاني القرآن" للزجاج ٥/ ٢٠٨.
(٤) (النهار) ساقطة من (ك)، (س)، والصواب إثباتها. وانظر: "الأضداد" للأصمعي والسجستاني وابن السكيت ص ٤١، ١٠٥، ١٩٥، ٥٣٩.
(٥) انظر: "تهذيب اللغة" ١٢/ ١٨٥، و"اللسان" ٢/ ٤٣٥ (صرم).
(٦) في (ك): (ولا يصرف).
(٧) انظر: "التفسير الكبير" ٣٠/ ٨٨، و"الجامع لأحكام القرآن" ١٨/ ٢٤٢.
(٨) انظر: "تفسير القرآن العظيم" ٤/ ٤٠٦، و"تهذيب اللغة" ١٢/ ١٨٥، و"اللسان" ٢/ ٤٣٥ (صرم).

صفحة رقم 98

المصروم، أي: المقطوع ما فيه. وأبى عطاء هذا القول فروى عن ابن عباس: وليس يعني المصرومة، وذلك أن النار تحرق الأشجار فلا تشبه ما في ثمره وإن احترقت الثمار دون الأشجار، وهو بعيد أشبه المقطوع ثمره (١).
وقال الحسن: أي: صرم عنها الخير فليس فيها شيء (٢). والصريم على هذا مفعول أيضًا. وقال المؤرج: كالرملة (٣) انصرمت من معظم الرمل (٤).
وقال الأصمعي: الصريم من الرمل: قطعة ضخمة تنصرم عن سائر الرمل، وتجمع (٥) الصرائم (٦). وعلى هذا شبهت الجنة وهي محترقة لا ثمر فيها ولا خير بالرملة المنقطعة عن الرمال، وهي لا تنبت شيئاً ينتفع به. وقال الأخفش: كالصبح انصرم من الليل (٧). وقد ذكرنا أن النهار يسمى صريمًا.
قال المبرد: قيل: كالنهار لا شيء فيها، كما يقال: لك سواد الأرض وبياضها. فالسواد العامر، والبياض الغامر، وعلى (٨) هذا شبهه

(١) في (س): من قوله (وأبى عطاء) إلى هنا زيادة. وانظر: "غرائب القرآن" ٢٩/ ١٩.
(٢) انظر: "الكشف والبيان" ١٢/ ١٦٨ أ، و"معالم التنزيل" ٤/ ٣٧٩.
(٣) في (ك): (كالرمث).
(٤) انظر: "الكشف والبيان" ١٢/ ١٦٨ أ، و"الجامع لأحكام القرآن" ١٨/ ٢٤٢.
(٥) في (ك): (وجمعه).
(٦) انظر: "تهذيب اللغة" ١٢/ ١٨٥، و"اللسان" ٢/ ٤٣٥ (صرم).
(٧) انظر: "الكشف والبيان" ١٢/ ١٦٨ أ، و"البحر المحيط" ٨/ ٣١٢.
(٨) في (ك): (سوى).

صفحة رقم 99
التفسير البسيط
عرض الكتاب
المؤلف
أبو الحسن علي بن أحمد بن محمد بن علي الواحدي، النيسابوري، الشافعي
عدد الأجزاء
1