آيات من القرآن الكريم

فَطَافَ عَلَيْهَا طَائِفٌ مِنْ رَبِّكَ وَهُمْ نَائِمُونَ
ﯢﯣﯤ ﯦﯧﯨﯩ ﯫﯬﯭﯮ ﯰﯱﯲﯳﯴ ﯶﯷﯸﯹﯺﯻﯼ ﯾﯿﰀ ﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚ ﭜﭝ ﭟﭠﭡﭢﭣﭤﭥ ﭧﭨ

وعليه، والمراد به والله أعلم الوليد بن المغيرة لقول ابن قتيبة: لا نعلم أن الله وصف أحدا ولا ذكر من عيوبه مثل ما ذكر من عيوب الوليد بن المغيرة فألحق به عارا لا يفارقه في الدنيا والآخرة. يريد ما وصفه الله به في هذه الآية، وقيل هو الأسود ابن يغوت أو الأخنس بن شريق والأول أولى وكلهم يستحق ذلك
«همّاز» عياب طعان يغمز على إخوانه في المجلس وسيأتي تفسير هذه اللفظة بأوسع مما هنا في تفسير سورة الهمزة الآتية «مشّاء» كثير المشي «بِنَمِيمٍ ١١» أي نقّال للحديث السّيء، راجع الآية/ ١١/ من سورة الحجرات في ج ٣، تجد ما يتعلق بهذا البحث. تراه دائما يسعى بالنميمة ليفسد بين الناس ويبلغهم طعن الغير بهم ويعيبهم ليفسد بينهم وهو مع هذا كله «منّاع» كثير المنع «للخير» لا يفعله ولا يترك الغير يفعله «معتد» على الناس مجاوز في الظلم حده «أثيم ١٢» كثير الإثم عظيم الوزر فاجر باغ طاغ عات بخيل، يمنع نفسه وولده وعشيرته من أفعال الخير، ومن الإسلام والإيمان، ويهددهم ان دخلوا فيهما، ويندد لهم بعدم لفظه، وبأن ما يخبرهم به الرسول من الحشر والنشر لا حقيقة له. قاتله الله، وأطلقوا لفظ الإثم على الخمر بعد الإسلام لما فيه من الضرر، قال ابن الفارض:

وقالوا شربت الإثم كلا وإنما شربت التي في تركها عندي الإثم
إلا أن هذا الإطلاق لم يعرف قبل الإسلام البتة فلا يستدل، على أنه في معانيها أو من سماتها كما نوضحه في تفسير الآية ٣٢ من الأعراف الآتية «عتل» غليظ جاف فاحش سيىء الخلق، شديد الخصومة في الكفر وهو «بعد ذلك» الذي وصف به من المثالب والمعايب «زَنِيمٍ ١٣» دعيّ ملصق في قريش إذ ادعاه أبوه بعد ثماني عشرة سنة من عمره وكانت له زنمة «قطعة لحم زائدة معلقة» في عنقه، وتطلق هذه اللفظة على ابن الزنا، قال حسان رضي الله:
زنيم تداعته الرجال زيادة كما زيد في عرض الأديم الأكارع
وقال عكرمه:

صفحة رقم 80

وهذا الخبيث إنما حدا به ذلك بسبب «أَنْ كانَ ذا مالٍ وَبَنِينَ ١٤» غرورا منه فأعرض يا حبيبي عنه ولا تركن اليه، فإن كثرة ماله وولده لا تغني عنه من الله شيئا، وان الله كافيك شره وولده ومغنيك عن ماله ونسبه، ولهذا تراه «إِذا تُتْلى عَلَيْهِ آياتُنا» المنزلة عليك «قال» هي «أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ ١٥» خرافاتهم وأقاويلهم وانا «سَنَسِمُهُ عَلَى الْخُرْطُومِ ١٦» الأنف منه وهذا أعيب ما يكون عند العرب حتى انهم إذا هددوا رجلا يقولون: (لنقطعن أنفك) وقد نهى عنه ﷺ في الحيوانات ولعن فاعله فكيف بالإنسان وبأكرم موضع منه لأنه تمام الحسن وقيل فيه:

زنيم ليس يعرف من أبوه بغي الأم ذو حسب لئيم
وحسن الفتى في الأنف والأنف عاطل فكيف إذا ما الخال كان له حليا
وهو مكان العزة والأنفة قال جرير:
لما وضعت على الفرزدق ميسمي وعلى البعيث جدعت أنف الأخطل
ويقولون فلان شامخ الأنف عالي العرنين، وفي الذليل جدع أنفه رغم أنفه، والوسم الكي بالنار إذ لا يذهب أثره على مر السنين، وهذا أول الآيات المدنيات من ١٧ الى ٣٣ كما حكاه السخاوي في جمال القراء وهي عبارة عن قصة قصها الله على رسوله عظة لقومه قال تعالى «إِنَّا بَلَوْناهُمْ» أي أهل مكة اختبرناهم بالقحط والجوع امتحانا لهم علّهم يؤمنون حتى أكلوا الجيف والجلود وذلك بسبب دعائك عليهم إذ قال، اللهم اشدد وطأتك على مضر واجعلها عليهم سنين كسني يوسف، وذلك بعد أن أنعم عليهم بكثرة الأموال والأولاد وجمع كلمتهم بوجوده فيهم وعزّز نعمهم بإرساله إليهم وهي أكبر نعمة لو قدروها كما سيأتي في تفسير الآية ٢٨ من سورة ابراهيم في ج ٢ فبدل أن يشكروا ذلك كفروا وتمادوا بالكفر والأذى لحضرته فكأنه قال تعالى لقد كان ابتلاؤنا لهم «كَما بَلَوْنا أَصْحابَ الْجَنَّةِ» أي كامتحاننا واختبارنا أهل البستان المسمى القروان دون صنعاء بفرسخين وهم جماعة مصلّون قيل انهم من ثقيف وقيل من بني إسرائيل بعد رفع المسيح ت (٦)

صفحة رقم 81
بيان المعاني
عرض الكتاب
المؤلف
عبد القادر بن ملّا حويش السيد محمود آل غازي العاني
الناشر
مطبعة الترقي - دمشق
الطبعة
الأولى، 1382 ه - 1965 م
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية