آيات من القرآن الكريم

فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ وَأَقِيمُوا الشَّهَادَةَ لِلَّهِ ۚ ذَٰلِكُمْ يُوعَظُ بِهِ مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ۚ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا
ﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚﭛﭜﭝﭞﭟﭠﭡﭢﭣﭤﭥﭦﭧﭨﭩﭪﭫﭬﭭﭮﭯﭰﭱﭲﭳﭴﭵﭶﭷﭸﭹﭺﭻﭼﭽﭾ ﮀﮁﮂﮃﮄﮅﮆﮇﮈﮉﮊﮋﮌﮍﮎﮏﮐﮑﮒﮓﮔﮕﮖﮗﮘﮙﮚﮛﮜﮝﮞﮟ ﮡﮢﮣﮤﮥﮦﮧﮨﮩﮪﮫﮬﮭﮮﮯﮰﮱﯓﯔﯕﯖﯗﯘﯙ ﯛﯜﯝﯞﯟﯠﯡﯢﯣﯤﯥﯦﯧﯨﯩﯪﯫﯬﯭﯮﯯﯰﯱﯲﯳﯴﯵﯶﯷﯸ ﯺﯻﯼﯽﯾﯿﰀﰁﰂﰃﰄﰅﰆﰇﰈ

سورة الطلاق
وهي اثنتا عشرة آية مدنية
[سورة الطلاق (٦٥) : الآيات ١ الى ٥]

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذا طَلَّقْتُمُ النِّساءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ وَاتَّقُوا اللَّهَ رَبَّكُمْ لاَ تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلا يَخْرُجْنَ إِلاَّ أَنْ يَأْتِينَ بِفاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ لا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذلِكَ أَمْراً (١) فَإِذا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ وَأَقِيمُوا الشَّهادَةَ لِلَّهِ ذلِكُمْ يُوعَظُ بِهِ مَنْ كانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً (٢) وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لاَ يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْراً (٣) وَاللاَّئِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلاثَةُ أَشْهُرٍ وَاللاَّئِي لَمْ يَحِضْنَ وَأُولاتُ الْأَحْمالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْراً (٤)
ذلِكَ أَمْرُ اللَّهِ أَنْزَلَهُ إِلَيْكُمْ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئاتِهِ وَيُعْظِمْ لَهُ أَجْراً (٥)
قوله تعالى: يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذا طَلَّقْتُمُ النِّساءَ، فالخطاب للنبي صلّى الله عليه وسلم والمراد به هو وأمته، بدليل قوله: إِذا طَلَّقْتُمُ النِّساءَ، فذكر بلفظ الجماعة، فكأنه قال: يا أيها النبي ومن آمن بك، إِذا طَلَّقْتُمُ النِّساءَ يعني: أنت وأمتك. إذا أردتم أن تطلقوا النساء. وقال الكلبي: نزلت في النبي صلّى الله عليه وسلم، حين غضب على حفصة بنت عمر، فقال: فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ. وقال:
طاهرات، من غير جماع.

صفحة رقم 459

وروى أبو إسحاق، عن أبي الأحوص، عن عبد الله بن مسعود قال: فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ طاهرات من غير جماع. روى سفيان، عن عمرو بن دينار: أن ابن عباس- رضي الله عنهما- قرأ فطلقوهن قبل عدتهن وروي عن علي بن أبي طالب- رضي الله عنه- قال: لو أن الناس أصابوا حد الطلاق، لما ندم رجل على امرأته يطلقها، وهي طاهرة لم يجامعها. فإن بدا أن يمسكها أمسكها، وإن بدا له أن يخلي سبيلها خلى.
وروى عكرمة عن ابن عباس قال: الطلاق على أربعة أوجه: وجهان حلال، ووجهان حرام. فأما الحلال، بأن يطلقها من غير جماع، أو يطلقها حاملاً. وأما الحرام، بأن يطلقها حائضاً، أو يطلقها حين جامعها. وقال الحسن: فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ قال: إذا طهرن من الحيض من غير جماع. وقال الزهري، وقتادة: يطلقها لقبيل عدتها. وروى ابن طاوس، عن أبيه قال: حد الطلاق أن يطلقها قبل عدتها. قلت: وما قبل عدتها؟ قال: طاهرة من غير جماع.
ثم قال: وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ يعني: واحفظوا العدة. فأمر الرجل بحفظ العدة، لأن في النساء غفلة، فربما لا تحفظ عدتها. ثم قال: وَاتَّقُوا اللَّهَ رَبَّكُمْ يعني: واخشوا الله ربكم، فأطيعوه فيما أمركم ولا تطلقوا النساء في غير طهورهن. فلو طلقها في الحيض، فقد أساء.
والطلاق واقع عليها في قول عامة الفقهاء. ثم قال: لاَ تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ يعني: اتقوا الله في إخراجهن من بيوتهن لأن سكناها على الزوج ما لم تنقض عدتها ثم قال: وَلا يَخْرُجْنَ يعني: ليس لهن أن يخرجن من البيوت. ثم قال: إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ يعني: إلا أن تزني فتخرج لأجل إقامة الحد عليها، وهو قول ابن مسعود. وقال الشعبي، وقتادة: خروجها في العدة فاحشة. وإخراج الزوج لها في العدة معصية وهكذا روي، عن ابن عمرو، وإبراهيم النخعي. وقال ابن عباس: الفاحشة أن تبذو على زوجها فتخرج. ثم قال:
وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ يعني: الطلاق بالسنة، وإحصاء العدة من أحكام الله تعالى. وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ يعني: يترك حكم الله فيما أمر من أمر الطلاق. فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ يعني: أضر بنفسه.
ثم قال: لا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذلِكَ أَمْراً يعني: لا تطلقها ثلاثاً، فلعله يحدث من الحب أو الولد خير، فيريد أن يراجعها فلا يمكنه مراجعتها. وإن طلقها واحدة، يمكنه أن يراجعها. ثم قال: فَإِذا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ يعني: إذا بلغن وقت انقضاء عدتهن، وهو مضي ثلاث حيض ولم تغتسل من الحيضة الثالثة، فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ يعني: راجعوهن بإحسان، يعني: أن تمسكوهن بغير إضرار. أَوْ فارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ يعني: اتركوهن بإحسان. ويقال:
فَإِذا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ يعني: انقضت عدتهن، فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ يعني: بنكاح جديد إذا طلقها واحدة أو اثنتين.

صفحة رقم 460

ثم قال عز وجل: وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ يعني: أشهدوا على الطلاق والمراجعة فهو على الاستحباب. ويقال: على النكاح المستقبل، فإن أراد به الإشهاد على الطلاق والمراجعة، فهو على الاستحباب. ولو ترك الإشهاد بالمراجعة، جاز الطلاق والمراجعة. فإن أراد به الإشهاد على النكاح، فهو واجب، لأنه لا نكاح إلاَّ بشهود.
ثم قال: وَأَقِيمُوا الشَّهادَةَ لِلَّهِ يعني: يا معشر الشهود، أدوا الشهادة عند الحاكم بالعدل على وجهها لحق الله تعالى ولسبب أمر الله تعالى. ثم قال: ذلِكُمْ يُوعَظُ بِهِ يعني: هذا الذي يؤمر به. مَنْ كانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ أي: لا يكتم الشهادة. ثم قال: وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً يعني: يخشى الله ويطلق امرأته للسنة، يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً يعني:
المراجعة. وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لاَ يَحْتَسِبُ يعني: في شأن المراجعة. ويقال: يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً يعني: ينجو من ظلمات يوم القيامة ويرزقه الجنة. ووجه آخر: أن من اتقى الله عند الشدة وصبر، يجعل له مخرجاً من الشدة وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ يعني: يوسع عليه من الرزق. وقال مسروق: يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً قال: مخرجه أن يعلم أن الله هو يرزقه، وهو يمنحه ويعطيه، لأنه هو الرازق وهو المعطي وهو المانع. كما قال الله تعالى: هَلْ مِنْ خالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ يَرْزُقُكُمْ [فاطر: ٣] الآية.
ثم قال عز وجل: وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ يعني: من يثق بالله في الرزق فَهُوَ حَسْبُهُ يعني: الله كافيه. وروى سالم بن أبي الجعد: أن رجلاً من أشجع أسره العدو، فجاء أبوه إلى النبي صلّى الله عليه وسلم، فشكا إليه، فقال: اصبر. فأصاب ابنه غنيمة، فجاء بهما جبريل- عليه السلام- وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً الآية.
وعن عبد الله بن عباس- رضي الله عنه- قال: جاء عوف بن مالك الأشجعي إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله إن ابني أسره العدو وجزعت الأم، فما تأمرني؟ فقال: آمرك وإياها أن تستكثرا من قول: لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم. فرجع إلى منزله، فقالت له: بماذا أمرك رسول الله صلّى الله عليه وسلم؟ فقال: بكذا. فقالت: نعم ما أمرك به. فجعلا يقولان ذلك، فخرج ابنه بغنيمة كثيرة، فنزل قوله تعالى: وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ يعني: من يتق بالله في الشدة، يجعل له مخرجاً من الشدة. ويقال: المخرج على وجهين: أحدهما أن يخرجه من تلك الشدة، والثاني أن يكرمه فيها بالرضا والصبر. ثم قال: إِنَّ اللَّهَ بالِغُ أَمْرِهِ يعني: قاضياً أمره. قرأ عاصم في رواية حفص بالِغُ أَمْرِهِ بغير تنوين، بكسر الراء على الإضافة، والباقون بالتنوين أَمْرِهِ بالنصب، نصبه بالفعل بمعنى يمضي أمره في الشدة والرخاء أجلاً ووقتاً. ثم قال: قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْراً يعني: جعل لكل شيء من الشدة والرخاء أجلاً ووقتاً، لا يتقدم ولا يتأخر.

صفحة رقم 461
بحر العلوم
عرض الكتاب
المؤلف
أبو الليث نصر بن محمد بن أحمد بن إبراهيم السمرقندي
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية