آيات من القرآن الكريم

۞ وَإِذَا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسَامُهُمْ ۖ وَإِنْ يَقُولُوا تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ ۖ كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُسَنَّدَةٌ ۖ يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ ۚ هُمُ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ ۚ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ ۖ أَنَّىٰ يُؤْفَكُونَ
ﮐﮑﮒﮓﮔﮕﮖﮗﮘﮙﮚﮛﮜﮝﮞﮟﮠﮡ ﮣﮤﮥﮦﮧﮨﮩﮪﮫﮬﮭﮮﮯ ﮱﯓﯔﯕﯖﯗﯘﯙﯚﯛﯜ ﯞﯟﯠﯡﯢﯣﯤﯥﯦﯧﯨﯩﯪﯫﯬﯭﯮﯯﯰﯱﯲﯳﯴﯵﯶﯷﯸﯹﯺ

وابتدأت السورة بإيراد صفات المنافقين التي من أهمها الكذب في ادعاء الإيمان، وحلف الأيمان الفاجرة الكاذبة، وجبنهم وضعفهم وتآمرهم على النبي ﷺ وعلى المؤمنين، وصدهم الناس عن دين الله.
ثم ذكرت موقفهم المخزي والمستعلي وهو ادعاؤهم العزة وزعمهم بأنهم بعد العودة من غزوة بني المصطلق سيخرجون الرسول ﷺ والمؤمنين من المدينة.
وختمت السورة بحثّ المؤمنين على التضامن والطاعة وعبادة الله، وإنفاق الأموال في سبيل الله لمواجهة الأعداء في الداخل والخارج، قبل انقضاء الأجل أو فوات الأوان، فإن الأجل لا يتأخر لحظة.
أقبح أوصاف المنافقين في ميزان الشرع
[سورة المنافقون (٦٣) : الآيات ١ الى ٤]

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

إِذا جاءَكَ الْمُنافِقُونَ قالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنافِقِينَ لَكاذِبُونَ (١) اتَّخَذُوا أَيْمانَهُمْ جُنَّةً فَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّهُمْ ساءَ ما كانُوا يَعْمَلُونَ (٢) ذلِكَ بِأَنَّهُمْ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا فَطُبِعَ عَلى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لا يَفْقَهُونَ (٣) وَإِذا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسامُهُمْ وَإِنْ يَقُولُوا تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُسَنَّدَةٌ يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ هُمُ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ قاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ (٤)

صفحة رقم 213

الإعراب:
إِذا جاءَكَ الْمُنافِقُونَ عامل إِذا هو جاءَكَ وإنما جاز أن يعمل فيها وإن كان مضافا إليه، لأن إِذا فيها معنى الشرط، والشرط يعمل فيه ما بعده، لا ما قبله.
قالُوا: نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ.. الآية، إنما كسرت (إن) في الآية في المواضع الثلاثة، لمكان لام التأكيد في الخبر، لأنها في تقدير التقدم، فعلّقت الفعل عن العمل.
خُشُبٌ مُسَنَّدَةٌ يقرأ بضم الشين وسكونها، فمن قرأ بالضم فعلى الأصل، ومن قرأ بالسكون فعلى التخفيف، كأسد وأسد.
ساءَ ما كانُوا يَعْمَلُونَ ما: إما موصولة في موضع رفع فاعل ساءَ.
ويَعْمَلُونَ جملة فعلية صلتها، والعائد محذوف تقديره: يعملونه، فحذف الهاء تخفيفا. وإما مصدرية في موضع رفع أيضا ب ساءَ ولا عائد لها، وقيل: ما نكرة موصوفة في موضع نصب، وكانُوا يَعْمَلُونَ صفتها، والعائد إلى الموصوف من الصفة محذوف، كما هو محذوف من الصلة.
البلاغة:
وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنافِقِينَ لَكاذِبُونَ تأكيد بالقسم وإنّ واللام، زيادة في التقرير، وتأكيد علمهم بهذا الخبر.
وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ جملة اعتراضية بنى الشرط وجوابه، لدفع توهم أن التكذيب لقولهم في حد ذاته.
اتَّخَذُوا أَيْمانَهُمْ جُنَّةً استعارة، استعار لفظ جُنَّةً وهي كالترس، للتظاهر بالإسلام الذي يعصم الدم والمال.
آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا بينهما طباق.
كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُسَنَّدَةٌ تشبيه مرسل مجمل.
قاتَلَهُمُ اللَّهُ جملة دعائية عليهم باللعنة والهلاك.
المفردات اللغوية:
إِذا جاءَكَ الْمُنافِقُونَ إذا حضروا مجلسك، والمنافق: من يظهر الإسلام ويبطن الكفر.
قالُوا بألسنتهم خلافا لما في قلوبهم. نَشْهَدُ الشهادة: إخبار عن علم من الشهود.

صفحة رقم 214

وَاللَّهُ يَشْهَدُ يعلم. إِنَّ الْمُنافِقِينَ لَكاذِبُونَ لأنهم لم يعتقدوا بالرسالة أصلا، فهم كاذبون فيما أضمروه خلافا لما قالوه.
جُنَّةً وقاية وسترا من القتل والسبي وأخذ الأموال. فَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ صدوا بالأيمان عن الجهاد في سبيل الله. إِنَّهُمْ ساءَ ما كانُوا يَعْمَلُونَ من نفاق وصدّ. ذلِكَ أي سوء أعمالهم. آمَنُوا باللسان. ثُمَّ كَفَرُوا بالقلب، بمعنى أنهم استمروا على كفرهم به.
فَطُبِعَ ختم، حتى تمرنوا على الكفر واستحكموا فيه. فَهُمْ لا يَفْقَهُونَ حقيقة الإيمان ولا يعرفون صحته.
تُعْجِبُكَ أَجْسامُهُمْ لضخامتها وجمالها. تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ لفصاحتهم وذلاقتهم وحلاوة كلامهم. خُشُبٌ جمع خشباء: وهي الخشبة المنخور جوفها. مُسَنَّدَةٌ منصوبة مسندة إلى الجدار. يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ يظنون أن كل صوت واقع بهم لجبنهم وهلعهم. هُمُ الْعَدُوُّ الضمير للكل، والعدو يطلق على الجمع والمفرد. قاتَلَهُمُ اللَّهُ لعنهم وطردهم من رحمته، وأهلكهم. أَنَّى يُؤْفَكُونَ كيف يصرفون عن الحق والإيمان بعد قيام البرهان.
التفسير والبيان:
يخبر الله تعالى عن المنافقين أنهم ينطقون بالإسلام إذا جاؤوا النبي صلى الله عليه وسلم، وهم في الحقيقة على الضد من ذلك، فيقول:
إِذا جاءَكَ الْمُنافِقُونَ قالُوا: نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ، وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ، وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنافِقِينَ لَكاذِبُونَ أي إذا قدم المنافقون إليك يا رسول الله مثل عبد الله بن أبي وصحبه، وحضروا مجلسك، أظهروا لك الإسلام، وقالوا: نشهد إنك لرسول الله شهادة تتطابق فيها القلوب مع الألسنة، والله يعلم أن الأمر كما قالوا، وأنك رسول الله إلى الناس كافة، والله يشهد إنهم لكاذبون في قولهم: نشهد، وفيما أخبروا عنه وهو الشهادة بالرسالة التي هي حق، لأنهم لم يكونوا يعتقدون صدق وصحة ما يقولون، ولا تطابق بين ما عليه قلوبهم مع ما أعلنته ألسنتهم، ولهذا كذبهم بالنسبة إلى اعتقادهم، وأن شهادتهم لم تكن شهادة في الحقيقة، فهم كاذبون في تسمية شهادة.

صفحة رقم 215

وقولهم: نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ فيه تأكيد شهادتهم، للإشعار بأنها صادرة من صميم قلوبهم، مع صدق اعتقادهم، ومعنى نَشْهَدُ نعلم ونحلف.
وقوله: وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ جملة اعتراضية مخبرة أنه رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهي تصديق من الله عز وجل لما تضمنه كلامهم من الشهادة لمحمد ﷺ بالرسالة، لئلا يتوهم كون التكذيب الآتي بعدئذ موجها إلى ذلك. وقوله: وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنافِقِينَ لَكاذِبُونَ يراد به تكذيب دعواهم أن شهادتهم للنبي ﷺ هي من صميم القلب.
ثم أخبر الله تعالى عن استخدام الأيمان لإثباتهم ما يقولون، وإقناع الناس بصدقهم، فقال:
اتَّخَذُوا أَيْمانَهُمْ جُنَّةً، فَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ، إِنَّهُمْ ساءَ ما كانُوا يَعْمَلُونَ أي إنهم جعلوا أيمانهم الكاذبة التي حلفوها وقاية وسترا لصون دمائهم من القتل، وأنفسهم من الأسر، وأموالهم من الأخذ، حتى لا تطبق عليهم أحكام الكفار من القتل والأسر واغتنام المال، فاغترّ بهم من لا يعرف حقيقة أمرهم، فاعتقدوا بأنهم مسلمون، فاقتدوا بهم فيما يفعلون، مما ألحق ضررا بكثير من الناس، إذ منعوهم من الإيمان والجهاد وأعمال الطاعة بسبب ما يصدر منهم من التشكيك والقدح في النبوة، إنه لقبيح ما كانوا يفعلون من النفاق والصدّ عن سبيل الله تعالى.
والآية دليل على ارتكابهم جرمين كبيرين: الحلف بالأيمان الكاذبة، والصد عن الدخول في الإسلام والجهاد في سبيل الله، مما استوجب وصف أفعالهم بالقبح.
ثم أخبر الله تعالى عن أسباب موقفهم هذا، فقال:
ذلِكَ بِأَنَّهُمْ آمَنُوا، ثُمَّ كَفَرُوا، فَطُبِعَ عَلى قُلُوبِهِمْ، فَهُمْ لا يَفْقَهُونَ أي ذلك المذكور من الكذب والصدّ وقبح الأعمال بسبب أنهم آمنوا نفاقا، ثم كفروا

صفحة رقم 216

في الحقيقة والباطن، فختم على قلوبهم بسبب كفرهم، فلا يدخلها إيمان، ولا تهتدي إلى حق، ولا ينفذ إليها خير، فأصبحوا لا يفهمون ما فيه رشدهم وصلاحهم، ولا يعون ولا يدركون الأدلة الدالة على صدق الرسول ﷺ والرسالة.
ثم أبان الله تعالى مدى الاغترار بمظاهرهم وصورهم الجسدية، فقال:
وَإِذا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسامُهُمْ، وَإِنْ يَقُولُوا تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ، كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُسَنَّدَةٌ أي وإذا نظرت إليهم تروقك هيئاتهم ومناظرهم، لما فيها من النضارة والرونق وجمال الصورة واعتدال الخلقة، وإن تكلموا حسن السماع لكلامهم، وظن أن قولهم حق وصدق، لفصاحتهم وحلاوة منطقهم وذلاقة ألسنتهم، كأنهم أخشاب جوفاء منخورة مستندة إلى الحيطان، فهم مجرد كتل بشرية لا تفهم ولا تعلم، وقد كان عبد الله بن أبي رأس المنافقين فصيحا جسيما جميلا، ولكنه وصحبه لا وعي ولا إدراك لديهم، لخلوهم عن الفهم النافع، والعلم الذي ينتفع به صاحبه، فهم صور بلا معان. فقوله: وَإِذا رَأَيْتَهُمْ يعني عبد الله بن أبي، ومغيث بن قيس، وجدّ بن قيس، كانت لهم أجسام ومنظر، تعجبك أجسامهم لحسنها وجمالها، وكان عبد الله بن أبي جسيما صبيحا فصيحا.
يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ، هُمُ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ، قاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ أي وهم مع جمال مناظرهم وجسامة أجسادهم في غاية الضعف والخور والجبن، يظنون كل صوت كلما وقع أمر، أو كل صيحة يسمعونها واقعة عليهم، نازلة بهم، لفرط جبنهم، ورعب قلوبهم، وفراغهم النفسي، وإحساسهم بالهزيمة من الداخل، فهم الأعداء الألداء، فاحذر مؤامراتهم، ولا تطلعهم على شيء من أسرارك، لأنهم عيون لأعدائك من الكفار، لعنهم الله وطردهم من رحمته وأهلكهم، كيف يصرفون عن الحق، ويميلون عنه إلى الكفر، ويتركون الهدى إلى الضلال.

صفحة رقم 217

ونظير الآية قوله تعالى: أَشِحَّةً عَلَيْكُمْ، فَإِذا جاءَ الْخَوْفُ رَأَيْتَهُمْ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ، تَدُورُ أَعْيُنُهُمْ كَالَّذِي يُغْشى عَلَيْهِ مِنَ الْمَوْتِ، فَإِذا ذَهَبَ الْخَوْفُ، سَلَقُوكُمْ بِأَلْسِنَةٍ حِدادٍ، أَشِحَّةً عَلَى الْخَيْرِ، أُولئِكَ لَمْ يُؤْمِنُوا، فَأَحْبَطَ اللَّهُ أَعْمالَهُمْ، وَكانَ ذلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيراً
[الأحزاب ٣٣/ ١٩].
روى الإمام أحمد عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي ﷺ قال: «إن للمنافقين علامات يعرفون بها: تحيتهم لعنة، وطعامهم نهبة، وغنيمتهم غلول، ولا يقربون المساجد إلا هجرا، ولا يأتون الصلاة إلا دبرا، مستكبرين لا يألفون ولا يؤلفون، خشب بالليل، صخب بالنهار».
فقه الحياة أو الأحكام:
دلت الآيات على ما يأتي:
١- إن الإيمان تصديق القلب، والكلام الحقيقي كلام القلب، ومن قال شيئا واعتقد خلافه فهو كاذب، فالمنافقون كاذبون، لأنهم يقولون غير ما يعتقدون. وهذا مستنبط من الآية الأولى المتضمنة أن المنافقين يشهدون أن محمدا رسول الله صلى الله عليه وسلم، اعترافا بالإيمان، ونفيا للنفاق عن أنفسهم، وهم في هذا لم يضيفوا شيئا جديدا للحقيقة، فالله يعلم أن محمدا رسول الله كما قالوا بألسنتهم، ولكنه يشهد أنهم في ضمائرهم كاذبون، وإن أظهروا الشهادة بالإسلام وبتصديق النبي صلى الله عليه وسلم، وحلفوا بألسنتهم.
٢- لا يبالي المنافقون بالحلف كذبا، ويصدون عن الدخول في الإسلام، فقد اتخذوا بقيادة عبد الله بن أبي أيمانهم وقاية وسترا من الناس، يتقون بها تطبيق أحكام الكفرة عليهم من القتل والسبي واغتنام الأموال، فاغتر الناس بهم وظنوا أنهم مسلمون، فقلّدوهم، فأدى صنعهم هذا إلى صد الناس، من اليهود والمشركين عن الدخول في الإسلام، ومنعهم من الجهاد بسبب تخلفهم واقتداء

صفحة رقم 218

غيرهم بهم، فبئست أعمالا أعمالهم الخبيثة من نفاقهم وأيمانهم الكاذبة وصدهم عن سبيل الله.
ولكن الله تعالى بيّن أن حالهم لا يخفى عليه، ولكن حكمه أن من أظهر الإيمان، أجري عليه في الظاهر حكم الإيمان.
٣- قوله تعالى: ذلِكَ بِأَنَّهُمْ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا... إعلام من الله تعالى بأن المنافق كافر، لأنه أقر باللسان، ثم كفر بالقلب، والمعول عليه هو ما في القلوب. وكان من لوازم اعتصامهم بالكفر أن ختم الله على قلوبهم بالكفر، فأصبحوا لا يدركون معالم الإيمان وأدلته، ولا مفهوم الخير وطرقه، فهم على الكفر الثابت الدائم.
٤- إن الحكم على الناس لا يكون بالأشكال والهيئات والمناظر، وإنما يكون بالحقائق المدركة، والأفعال الواقعة، والأقوال الصادقة. وقد كان المنافقون حسان الهيئة، فصيحي اللسان، ولكنهم أشباح بلا أرواح، وصور بلا معان.
قال ابن عباس: كان عبد الله بن أبي وسيما صحيحا صبيحا ذلق اللسان، فإذا قال سمع النبي ﷺ مقالته، وصفه الله بتمام الصورة وحسن الإبانة.
أخرج مسلم وابن ماجه عن أبي هريرة أن النبي ﷺ قال: «إن الله تعالى لا ينظر إلى صوركم وأموالكم، ولكن إنما ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم».
٥- يؤدي النفاق عادة إلى القلق والتردد، والضعف والهزيمة، والجبن والجزع والهلع، لذا كان المنافقون جبناء، يحسبون كل واقعة، كأنها نازلة بهم لجبنهم، وكأن كل أمر وقع أو خوف نازل بهم وحدهم. قال مقاتل: إذا نادى مناد في العسكر، وانفلتت دابة، أو نشدت ضالة مثلا، ظنوا أنهم يرادون بذلك، لما في قلوبهم من الرعب، ولأنهم على وجل من أن يهتك الله أستارهم، ويكشف أسرارهم، يتوقعون الإيقاع بهم ساعة فساعة.

صفحة رقم 219
التفسير المنير
عرض الكتاب
المؤلف
وهبة بن مصطفى الزحيلي الدمشقي
الناشر
دار الفكر المعاصر - دمشق
سنة النشر
1418
الطبعة
الثانية
عدد الأجزاء
30
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية