
ومقاتل (١) والسدي (٢)
قال أبو إسحاق: (معنى ﴿يَلْبِسَكُمْ﴾: يخلط أمركم خلط اضطراب لا خلط اتفاق، فيجعلكم فرقًا لا تكونون فرقة واحدة، فإذا كنتم مختلفين قاتل بعضكم بعضًا، وهو معنى قوله تعالى: ﴿وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ﴾) (٣).
وقوله تعالى: ﴿انْظُرْ كَيْفَ نُصَرِّفُ﴾ نبين لهم الآيات في القرآن، ﴿لَعَلَّهُمْ يَفْقَهُونَ﴾ يَعلمون (٤).
٦٦ - قوله تعالى: ﴿وَكَذَّبَ بِهِ قَوْمُكَ﴾ قال ابن عباس (٥) والحسن (٦) والسدي (٧): (يريد: بالقرآن)، ﴿وَهُوَ الْحَقُّ قُلْ لَسْتُ عَلَيْكُمْ بِوَكِيلٍ﴾ قال الحسن: (لست عليكم بحافظ حتى أجازيكم على تكذيبكم وأعمالكم، إنما أنا منذر، والله المجازي لكم بأعمالكم) (٨).
(٢) أخرجه الطبري في "تفسيره" ٧/ ٢٢١، وابن أبي حاتم ٤/ ١٣١٢ بسند جيد، قال: (يفرق بينكم).
(٣) انظر: "معاني القرآن" ٢/ ٢٦٠، وفيه زيادة قال: (يقال: لبَسْت الأمر ألبسه: لم أبينه، وخلطت بعضه ببعض. ويقال: لبِستُ الثوب ألبَسه) اهـ، وانظر: "مجاز القرآن" ١/ ١٩٤، و"تفسير غريب القرآن" لابن قتيبة ص ١٦٤، و"معاني النحاس" ٢/ ٤٤١.
(٤) انظر:"تفسير السمرقندي" ١/ ٤٩٢، وابن عطية ٥/ ٢٣٢، والقرطبي ٧/ ١١.
(٥) "تنوير المقباس" ٢/ ٢٨.
(٦) ذكره الماوردي في "تفسيره" ٢/ ١٢٨، والهمداني في "الفريد" ٢/ ١٦٦.
(٧) أخرجه الطبري في "تفسيره" ٧/ ٢٢٧، وابن أبي حاتم ٤/ ١٣١٣ بسند جيد، وذكره السيوطي في "الدر" ٣/ ٣٧.
(٨) ذكره الماوردي ٢/ ١٢٨، والواحدي في "الوسيط" ١/ ٦٠، وابن الجوزي ٣/ ٦١٢.

وقال [أبو] (١) إسحاق: (أي إنما أدعوكم إلى الله وإلى شريعته، ولم أؤمر بحربكم ولا أخذكم بالإيمان كما يأخذ الموكل بالشيء الذي يلزم بلوغ آخره) (٢)، وقيل: (لست (٣) عليكم بحفيظ: يمنعكم من أن تكفروا كما يمنع الوكيل على الشيء من إلحاق الضرر به) (٤). قال ابن عباس (٥) والمفسرون (٦): (نسختها آية (٧) القتال).
(٢) "معاني القرآن" ٢/ ٢٦٠.
(٣) في (ش): (ليست)، وهو تحريف.
(٤) ذكره الماوردي في "تفسيره" ٢/ ١٢٨ عن بعض المتأخرين، وانظر: "البحر المحيط" ٤/ ١٥٢.
(٥) أخرجه النحاس في "ناسخه" ٢/ ٣١٧ بسند ضعيف، وذكره مكي في "الإيضاح" ص ٢٤٢، وابن العربي في "ناسخه" ٢/ ٢١١، وابن الجوزي في "نواسخ القرآن" ص ٣٢٤، والسيوطي في "الدر" ٣/ ٣٧.
(٦) وهو قول مقاتل ١/ ٥٦٦، وابن سلامة في "ناسخه" ص ٦٧، وابن العربي ٢/ ٢١١، وحكاه الرازي ١٣/ ٢٤، عن ابن عباس والمفسرين. وقال ابن عطية ٥/ ٢٣٣: (النسخ متوجه؛ لأن اللازم من اللفظ لست الآن، وليس فيه أنه لا يكون في المستأنف) ا. هـ. وانظر: القرطبي ٧/ ١١.
(٧) آية السيف عند الجمهور وهو أصح الأقوال في سورة التوبة آية (٥) قوله تعالى: ﴿فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ﴾ الآية، انظر: "النسخ في القرآن" لمصطفى زيد ٢/ ٥٠٤، والظاهر عدم النسخ؛ لأن المعنى: لست عليكم حفيظًا إنما أطالبكم بالظواهر من الإقرار والعمل لا بالإسرار، فهي خبر محكم، والخبر لا يجوز نسخه، ولعدم التعارض فهذه الآية تحصر وظيفة الرسول - ﷺ - في التبليغ والإنذار، وآية السيف تبين الوظيفة الأخرى وهي القتال إذا تعين وسيلة للدعوة، وهذا قول الأكثر، انظر: "ناسخ النحاس" ٢/ ٣١٨، و"الإيضاح" لمكي ص ٢٤٢، و"النواسخ" لابن الجوزي ص ٣٢٤، و"المصفى" لابن الجوزي ص ٣١، و"تفسير الرازي" ١٣/ ٢٤، و"النسخ" لمصطفى زيد ١/ ٤٢٦ - ٤٢٩.
وينبغي التنبيه على أن النسخ عند السلف رضي الله عنهم في الإطلاق أعم منه عند =