آيات من القرآن الكريم

قَدْ نَعْلَمُ إِنَّهُ لَيَحْزُنُكَ الَّذِي يَقُولُونَ ۖ فَإِنَّهُمْ لَا يُكَذِّبُونَكَ وَلَٰكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآيَاتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ
ﮱﯓﯔﯕﯖﯗﯘﯙﯚﯛﯜﯝﯞﯟﯠ

قوله: ﴿قَدْ نَعْلَمُ إِنَّهُ لَيَحْزُنُكَ﴾ الآية.
المعنى: أن / (قد) في هذا وشبهه تأتي لتأكيد الشيء وإيجابه وتصديقه، و (نعلم) بمعنى: " علمنا ". والتقدير: قد نعلم - يا محمد - إنه ليحزنك قولهم إنك كاذب، وإنك ساحر.
﴿فَإِنَّهُمْ لاَ يُكَذِّبُونَكَ﴾ جهلاً منهم بصدقك، بل أنت - فيما يسرون - صادق، ولكنهم حسدوك فكذبوك، وهم يعلمون أنهم ظالمون لك، وأنك صادق، هذا على قراءة من قرأ بالتشديد. قال أبو عمرو: وتصديقها ﴿وَلَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِّن قَبْلِكَ فَصَبَرُواْ على مَا كُذِّبُواْ﴾ [الأنعام: ٣٤].
ومعنى قراءة التخفيف - عند الفراء والكسائي -: هو من قولهم: " أكذبت الرجل "، إذا أخبرت أنه كاذب فيما قال فقط. و " كذّبته ": إذا أخبرت أنه كاذب في كل

صفحة رقم 2006

ما يأتي به.
وحكى أبو عبيدة: " أكذبت الرجل " إذا أخبرت أنه جاء بالكذب، و " كذّبته " إذا أخبرت أنه كاذب.
وروي أن أبا جهل قال للنبي: إنا لا نكذبك، ولكن نكذب ما جئت به، فأنزل الله ﴿فَإِنَّهُمْ لاَ يُكَذِّبُونَكَ﴾.
ومعنى التشديد - عند غير هؤلاء - فإنهم لا ينسبونك إلى الكذب. ومعنى التخفيف فإنهم لا يجدونك كاذباً، كما يقال: " أحمدت الرجل "، إذا أصبته محموداً.

صفحة رقم 2007

ويكون معنى التخفيف (أيضاً): لا يبيِّنون عليك أنك كاذب، يقال: " أكذبته "، إذا احتججت عليه وبيّنت (أنه كاذب)، وقال قطرب: " أكذبت الرجل ": دللت على كذبه.
وروي " أن جبريل عليه السلام أتى رسول الله يوماً وهو جالس حزين، فقال له: ما يُحزنك؟، فقال: كذّبني هؤلاء. فقال له جبريل: ﴿فَإِنَّهُمْ لاَ يُكَذِّبُونَكَ﴾ هم يعلمون أنك صادق، ﴿ولكن الظالمين بِآيَاتِ الله يَجْحَدُونَ﴾ ".
ويروى أن الأخنس بن شريق الثقفي مر بأبي جهل (بن هشام) يوم بدر، فقال له: يا أبا الحكم، أخبرني عن محمد، (أصادق) هو أم كاذب؟ فأنه ليس هنا من قريش غيري وغيرك يسمع كلامنا؟!، فقال أبو جهل: ويحك، والله إن محمداً لصادق، وما كذب محمد قط، ولكن إذا ذهبت بنو قصي باللواء والحجابة والسقاية والنبؤة،

صفحة رقم 2008
الهداية الى بلوغ النهاية
عرض الكتاب
المؤلف
أبو محمد مكي بن أبي طالب حَمّوش بن محمد بن مختار القيسي القيرواني ثم الأندلسي القرطبي المالكي
الناشر
مجموعة بحوث الكتاب والسنة - كلية الشريعة والدراسات الإسلامية - جامعة الشارقة
سنة النشر
1429
الطبعة
الأولى
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية