آيات من القرآن الكريم

وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ ۚ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ
ﯯﯰﯱﯲﯳﯴﯵﯶﯷﯸﯹﯺﯻﯼﯽﯾﯿﰀ ﰂﰃﰄﰅﰆﰇﰈﰉ ﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚﭛﭜﭝﭞﭟﭠﭡﭢﭣﭤﭥﭦﭧﭨﭩﭪﭫﭬﭭﭮﭯﭰﭱﭲﭳﭴﭵﭶﭷﭸﭹﭺﭻ

شرح الكلمات:
يمسسك: يصبك.
بضر: الضر: ما يؤلم الجسم أو النفس كالمرض والحزن.
بخير: الخير: كل ما يسعد الجسم أو الروح.
القاهر: الغالب المذل المعز.
شهادة: الشهادة: إخبار العالم بالشيء عنه بما لا يخالفه.
لأنذركم به: لأخوفكم بما فيه من وعيد الله لأهل عداوته.
إله واحد: معبود واحد لأنه رب واحد، إذ لا يعبد إلا الرب الخالق الرازق المدبر.
معنى الآيات:
ما زال السياق في توجيه الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وتقوية موقفه من أولئك العادلين بربهم المشركين به فيقول له ربه تعالى: ﴿وإن يمسسك الله بضر١ فلا كاشف له إلا هو﴾ أي إن أصابك الله بما يضرك في بدنك فلا كاشف له عنك بإنجائك منه إلا هو. ﴿وإن يمسسك بخير﴾ أي وإن يردك بخير فلا٢ راد له ﴿فهو على كل شيء قدير﴾، والخطاب وإن كان موجهاً للرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فإنه عام في كل أحد فلا كاشف للضر إلا هو، ولا راد لفضله أحد، ومع كل أحد، وقوله تعالى في الآية الثانية (١٨) ﴿وهو القاهر فوق عباده وهو الحكيم الخبير﴾ تقرير لربوييته المستلزمة لألوهيته فقهره لكل أحد، وسلطانه على كل أحد مع علو كلمته وعلمه بكل شيء موجب لألوهيته وطاعته وطلب ولايته، وبطلان ولاية غيره وعبادة سواه وقوله تعالى في الآية الثالثة (١٩) ﴿قل الله شهيد بيني وبينكم﴾ نزلت لما قال المشركون بمكة للرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إئتنا بمن يشهد لك بالنبوة فإن أهل الكتاب أنكروها فأمره ربه تعالى أن يقول لهم رداً عليهم: أي شيء أكبر شهادة؟ ولما كان لا جواب لهم إلا أن يقولوا الله أمره أن يجيب به: ﴿قل الله شهيد بيني وبينكم﴾. فشهادة الله تعالى لي بالنبوة إيحاؤه إليّ بهذا القرآن الذي أنذركم به، وأنذر

١ الضر: هو ما يؤلم الإنسان وهو من الشر المنافي للإنسان ويقابله النفع وهو من الخير الملائم للإنسان ولذا فالضر هنا أعم من المرض إذ يتناوله وغيره من سائر ما يضر الإنسان.
٢ شاهده حديث ابن عباس عند الترمذي وهو صحيح إذ قال له رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "يا غلام إذا سألت فاسأل الله، وإذا استعنت فاستعن بالله واعلم أن الأمة لو اجتمعوا على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك، ولو اجتمعوا على أن يضروك بشيء لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك رفعت الأقلام وجفّت الصحف".

صفحة رقم 44

كل من بلغه وسمع به بأن من بلغه١ ولم يؤمن به ويعمل بما جاء فيه من العقائد والعبادات والشرائع فإنه خاسر لنفسه يوم القيامة. ثم أمره أن ينكر عليهم الشرك بقوله: أئنكم٢ لتشهدون مع الله آلهة أخرى، وذلك بإيمانكم بها وعبادتكم لها أما أنا فلا أعترف بها بل أنكرها فضلاً عن أن أشهد بها. ثم أمره بعد إنكار آلهة المشركين أن يقرر ألوهيته الله وحده وأن يتبرأ من آلهتهم المدعاة فقال له قل: ﴿إنما هو إله واحد، وإنني بريء مما تشركون﴾ ٣.
هداية الآيات
من هداية الآيات:
١- وجوب اللجأ إلى الله تعالى دون غيره من سائر خلقه إذ لا يكشف الضر٤ إلا هو.
٢- شهادة الله تعالى لرسوله بالنبوة وما أنزل عليه من القرآن وما أعطاه من المعجزات.
٣- نذارة الرسول بلغت كل من بلغه القرآن الكريم إلى يوم الدين.
٤- تقرير مبدأ التوحيد لا إله إلا الله، ووجوب البراءة من الشرك.
الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءهُمُ الَّذِينَ خَسِرُواْ أَنفُسَهُمْ فَهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ (٢٠) وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللهِ كَذِبًا أَوْ كَذَّبَ بِآياتهِ إِنَّهُ لاَ يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ (٢١) وَيَوْمَ نَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا ثُمَّ نَقُولُ لِلَّذِينَ أَشْرَكُواْ أَيْنَ شُرَكَآؤُكُمُ الَّذِينَ كُنتُمْ تَزْعُمُونَ (٢٢) ثُمَّ لَمْ تَكُن فِتْنَتُهُمْ إِلاَّ أَن قَالُواْ وَاللهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ (٢٣) انظُرْ كَيْفَ كَذَبُواْ عَلَى أَنفُسِهِمْ وَضَلَّ عَنْهُم مَّا كَانُواْ يَفْتَرُونَ (٢٤)

١ في البخاري: "بلغوا عني ولو آية وحدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج، ومن كذب علي متعمداً فليتبوأ مقعده من النار" وقال مقاتل: من بلغه القرآن من الجن والإنس فهو نذير له، وقال القرطبي: من بلغه القرآن فكأنما خد رأي محمداً صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وسمع منه.
٢ الاستفهام للتوبيخ والتقريع مع الإنكار لشهادتهم الباطلة وذلك بتأليههم الأصنام، والأحجار جهلا وعنادا.
٣ أي من الشرك والشركاء معاً.
٤ آية (يونس) في هذا الباب عظيمة إذ قال مخاطبا رسوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ﴿" ولا تدع من دون الله مالا ينفعك ولا يضرك، فإن فعلت فانك إذا من الظالمين، وإن يمسسك الله بضر فلا كاشف له إلا هو وإن يردك بخير فلا راد لفضله يصيب به من يشاء من عباده وهو الغفور الرحيم"﴾.

صفحة رقم 45
أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير
عرض الكتاب
المؤلف
جابر بن موسى بن عبد القادر بن جابر أبو بكر الجزائري
الناشر
مكتبة العلوم والحكم بالمدينة المنورة
سنة النشر
1424
الطبعة
الخامسة
عدد الأجزاء
5
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية