آيات من القرآن الكريم

ذَٰلِكَ أَنْ لَمْ يَكُنْ رَبُّكَ مُهْلِكَ الْقُرَىٰ بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا غَافِلُونَ
ﮯﮰﮱﯓﯔﯕﯖﯗ ﯙﯚﯛﯜﯝﯞﯟﯠﯡﯢﯣﯤﯥﯦﯧﯨﯩﯪﯫﯬﯭﯮﯯﯰﯱﯲﯳﯴﯵ ﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚ ﭜﭝﭞﭟﭠﭡﭢﭣﭤﭥ

واذكر يوم يحشر ربك المخلوقات جميعا إنسهم وجنهم، ويقول لهم: يا معشر الجن قد أكثرتم من إغوائكم للإنس حتى حشروا معكم، وقال أولياؤهم وأتباعهم من الإنس: ربنا استمتع بعضنا ببعض، فاستمتع الإنس بالجن حيث دلوهم على المعاصي وإرضاء الشهوات النفسية، واستمتع الجن بالإنس حيث كانوا قادة لهم ورؤساء فامتثلوا أمرهم، وسرّ الجن بذلك، وقالوا متحسرين: قد بلغنا أجلنا الذي أجلته لنا وحددته لنا، وهو يوم القيامة. قال الله لهم عند ذلك: النار مأواكم خالدين فيها إلا ما شاء الله، إن ربك حكيم عليم.
من سنن الله في الكون مع ذكر بعض مواقف الآخرة [سورة الأنعام (٦) : الآيات ١٢٩ الى ١٣٢]
وَكَذلِكَ نُوَلِّي بَعْضَ الظَّالِمِينَ بَعْضاً بِما كانُوا يَكْسِبُونَ (١٢٩) يا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آياتِي وَيُنْذِرُونَكُمْ لِقاءَ يَوْمِكُمْ هذا قالُوا شَهِدْنا عَلى أَنْفُسِنا وَغَرَّتْهُمُ الْحَياةُ الدُّنْيا وَشَهِدُوا عَلى أَنْفُسِهِمْ أَنَّهُمْ كانُوا كافِرِينَ (١٣٠) ذلِكَ أَنْ لَمْ يَكُنْ رَبُّكَ مُهْلِكَ الْقُرى بِظُلْمٍ وَأَهْلُها غافِلُونَ (١٣١) وَلِكُلٍّ دَرَجاتٌ مِمَّا عَمِلُوا وَما رَبُّكَ بِغافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ (١٣٢)
المفردات:
نُوَلِّي: من الولاية والإمارة، أو: نجعل بعضهم أنصارا وأولياء لبعض.
ُصُّونَ
: يتلونها مع التوضيح والتبيين، وفي المصباح: قصصت الخبر قصّا من باب رد: حدثته على وجهه. دَرَجاتٌ: مراتب من أعمالهم وجزائها.

صفحة رقم 663

المعنى:
ومثل الذي ذكر من استمتاع أولياء الإنس والجن بعضهم ببعض في الدنيا لأنهم متشابهون ومتحدون في الاتجاه والعمل، نولي بعض الظالمين بعضا بسبب ما كانوا يكسبون من أعمال الظلم المشتركة بينهم.
نولي بعضهم بعضا، ونجعلهم أنصارا وأولياء لبعض وأصدقاء. فالمؤمنون بعضهم أولياء بعض، والكافرون بعضهم أولياء بعض، وكل يقع على شاكلته، إذ الأرواح جنود مجندة.
وأما ولاية المشركين لبعض فبمقتضى السنن الكونية، إذ ولايتهم لبعض مترتبة على اتفاقهم في الخلق والعقيدة والمنفعة والتحزب، مع أن الله لم يأمرهم بشيء من ذلك.
وفي المأثور قيل: سمعتهم يقولون: إذا فسد الناس أمر عليهم شرارهم، وكما تكونون يولى عليكم. وعن ابن عباس «إذا رضى الله على قوم ولى أمرهم خيارهم، وإذا سخط على قوم ولى أمرهم شرارهم» فيكون الحاكم وبطانته مثلا في السوء يقلدهم غيرهم فيعم الفساد البلد، والمعنى: إنا نكل بعض الظالمين إلى بعض، ونسلطهم على أنفسهم، وهذا تهديد عام شامل لكل ظالم في الحكم أو غيره، وقال فضيل بن عياض: «إذا رأيت ظالما ينتقم من ظالم فقف وانظر فيه متعجبا».
يا معشر الجن والإنس اقرّوا واعترفوا بإرسال الرسل لكم، وقد قاموا بمهمة الرسالة خير قيام، يقصون عليكم الآيات، ويوضحون الحجج والبينات، وينذرونكم لقاء يومكم هذا، ويبشرون من آمن بالله وعمل صالحا بالثواب العظيم، وينذرون من خالف وعصى بهذا اليوم الشديد وقعه، البالغ أثره، وهذه الرسل منكم، أى: من جنسكم في الخلق والتكليف والمخاطبة، أى: من مجموعكم.
وهنا بحث: هل للجن رسل من أنفسهم كما للإنس؟ أم الرسل من الإنس فقط؟
وقوله منكم من باب التغليب، كقوله: يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجانُ وهما يخرجان من الماء الملح فقط، أو المراد برسل الجن من كان يستمع إلى النبي صلّى الله عليه وسلّم ثم ينذر قومه بما سمع: وَلَّوْا إِلى قَوْمِهِمْ مُنْذِرِينَ والثابت عن ابن عباس: كانت الرسل تبعث إلى الإنس، وإن محمدا صلّى الله عليه وسلّم بعث إلى الجن والإنس، فقد قال الجن: إِنَّا سَمِعْنا كِتاباً أُنْزِلَ مِنْ بَعْدِ مُوسى [سورة الأحقاف آية ٣٠].

صفحة رقم 664
التفسير الواضح
عرض الكتاب
المؤلف
محمد محمود حجازي
الناشر
دار الجيل الجديد
سنة النشر
1413
الطبعة
العاشرة
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية