آيات من القرآن الكريم

ذَٰلِكَ أَنْ لَمْ يَكُنْ رَبُّكَ مُهْلِكَ الْقُرَىٰ بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا غَافِلُونَ
ﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚ

قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: ﴿يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ﴾ اخْتَلَفُوا فِي أَنَّ الْجِنَّ هَلْ أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ مِنْهُمْ [رَسُولٌ] (١) ؟ فَسُئِلَ الضَّحَّاكُ عَنْهُ، فَقَالَ: بَلَى أَلَمْ تَسْمَعِ اللَّهَ يَقُولُ ﴿أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ﴾ يَعْنِي: بِذَلِكَ رُسُلًا مِنَ الْإِنْسِ وَرُسُلًا مِنَ الْجِنِّ. قَالَ الْكَلْبِيُّ: كَانَتِ الرُّسُلُ مِنْ قَبْلِ أَنْ يُبْعَثَ مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُبْعَثُونَ إِلَى الْجِنِّ وَإِلَى الْإِنْسِ جَمِيعًا.
قَالَ مُجَاهِدٌ: الرُّسُلُ مِنَ الْإِنْسِ، وَالنُّذُرُ مِنَ الْجِنِّ، ثُمَّ قَرَأَ (وَلَّوْا إِلَى قَوْمِهِمْ مُنْذِرِينَ) (الْأَحْقَافُ، ٢٩)، وَهُمْ قَوْمٌ يَسْمَعُونَ كَلَامَ الرُّسُلِ فَيُبَلِّغُونَ الْجِنَّ مَا سَمِعُوا، وَلَيْسَ لِلْجِنِّ رُسُلٌ، فَعَلَى هَذَا قَوْلُهُ "رُسُلٌ مِنْكُمْ" يَنْصَرِفُ إِلَى أَحَدِ الصِّنْفَيْنِ وَهُمُ الْإِنْسُ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: (يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ والمرجان) (الرحمن، ٢٢) ١٢٤/ب وَإِنَّمَا يَخْرُجُ مِنَ الْمِلْحِ دُونَ الْعَذْبِ، قَالَ: (وَجَعَلَ الْقَمَرَ فِيهِنَّ نُورًا) (نُوحٌ، ١٦)، وَإِنَّمَا هُوَ فِي سَمَاءٍ وَاحِدَةٍ.
﴿يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ﴾ أي: يقرؤن عَلَيْكُمْ، ﴿آيَاتِي﴾ كُتُبِي ﴿وَيُنْذِرُونَكُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا﴾ وَهُوَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ، ﴿قَالُوا شَهِدْنَا عَلَى أَنْفُسِنَا﴾ أَنَّهُمْ قَدْ بُلِّغُوا، قَالَ مُقَاتِلٌ: وَذَلِكَ حِينَ شَهِدَتْ عَلَيْهِمْ جَوَارِحُهُمْ بِالشِّرْكِ وَالْكُفْرِ. قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: ﴿وَغَرَّتْهُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا﴾ حَتَّى لَمْ يُؤْمِنُوا، ﴿وَشَهِدُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَنَّهُمْ كَانُوا كَافِرِينَ﴾
﴿ذَلِكَ أَنْ لَمْ يَكُنْ رَبُّكَ مُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا غَافِلُونَ (١٣١) ﴾

(١) في "ب": (رسل).

صفحة رقم 190
معالم التنزيل
عرض الكتاب
المؤلف
محيي السنة، أبو محمد الحسين بن مسعود بن محمد بن الفراء البغوي الشافعي
تحقيق
محمد عبد الله النمر
الناشر
دار طيبة للنشر والتوزيع
سنة النشر
1417
الطبعة
الرابعة
عدد الأجزاء
8
التصنيف
كتب التفسير
اللغة
العربية