آيات من القرآن الكريم

وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ صِدْقًا وَعَدْلًا ۚ لَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ ۚ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ
ﮪﮫﮬﮭﮮﮯﮰﮱﯓﯔﯕﯖﯗ

﴿حَكَماً﴾ نَصْبٌ على البيان أو على الحال.
والمعنى: قل لهم يا محمد: (أأبتغي) غير الله حَكَماً؟، أي: [أأبتغي] حُكماً غير حُكمِه ولا حُكْمَ أَعْدَلُ من حُكْمِهِ، ﴿وَهُوَ الذي أَنَزَلَ إِلَيْكُمُ الكتاب﴾ (أي القرآن)، ﴿مُفَصَّلاً﴾ أي: مبيّناً.
﴿والذين آتَيْنَاهُمُ الكتاب يَعْلَمُونَ أَنَّهُ مُنَزَّلٌ مِّن رَّبِّكَ بالحق﴾ يريد أهل التوراة والإنجيل المؤمنين منهم بمحمد، يعلمون أنه حق، ﴿فَلاَ تَكُونَنَّ مِنَ الممترين﴾ أي: من الشاكين فيما جاءك من الأنباء، وفي ﴿والذين آتَيْنَاهُمُ الكتاب يَعْلَمُونَ أَنَّهُ مُنَزَّلٌ مِّن رَّبِّكَ بالحق﴾.
قوله: ﴿وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ﴾ (الآية).
حجة من قرأ (كلمات) - بالجمع - أنها في المصحف بالتاء، ولإجماع

صفحة رقم 2160

الجميع على قوله: ﴿لاَّ مُبَدِّلِ لِكَلِمَاتِهِ﴾.
ومة قرأ بالتوحيد، احتج بإجماع الجميع على التوحيد في قوله: ﴿وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ لأَمْلأَنَّ جَهَنَّمَ﴾ [هود: ١١٩]، ﴿وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ الحسنى﴾ [الأعراف: ١٣٧]. وإنما كتبت بالتاء عند من وحّد، لأنها كتبت على اللفظ، بمنزلة ﴿وَمَعْصِيَتِ الرسول﴾ [المجادلة: ٨، ٩] و ﴿فِطْرَتَ الله﴾ [الروم: ٣٠] وشبهه.
والمعنى: أن الله سمى القرآن (كلمة)، كما تقول العرب للقصيدة: " هذه كلمة

صفحة رقم 2161

فلان "، والموصوف هنا بالتمام هو القرآن، لا مبدل له، أي: لا مغير لما أخبر في كتابه أنه كائن، وهذا مثل قوله: ﴿يُرِيدُونَ أَن يُبَدِّلُواْ كَلاَمَ الله﴾ [الفتح: ١٥] والذي أرادوا أن يبدلوا هو قوله: ﴿لَّن تَتَّبِعُونَا كذلكم قَالَ الله مِن قَبْلُ﴾ [الفتح: ١٥]، فتقدم في علم الله أنهم لا يتبعون النبي، فأرادوا أن يبدلوا ذلك فقالوا للنبي: ﴿ذَرُونَا نَتَّبِعْكُمْ﴾ [الفتح: ١٥]، وقد تقدم من الله أنهم لا يتبعونهم فأرادوا أن يغيِّروا ما تقدَّم في علم الله وقد كان أخبره الله في كتابه بقوله: ﴿فَإِن رَّجَعَكَ الله إلى طَآئِفَةٍ مِّنْهُمْ فاستأذنوك لِلْخُرُوجِ (فَقُلْ لَّن تَخْرُجُواْ مَعِيَ أَبَداً وَلَن)﴾ [التوبة: ٨٣] إلى ﴿الخالفين﴾ [التوبة: ٨٣]، فكلام الله هنا: ما أخبر أنهم لن يتبعوا، فأرادوا أن يبدلوا خبر الله ويتبعوه، وكذلك قوله: ﴿وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ﴾ أي: أنَّه لا بُدَّ واقع كل ما أخبر به، لا يحيلهُ أحد ولا يغيره.

صفحة رقم 2162
الهداية الى بلوغ النهاية
عرض الكتاب
المؤلف
أبو محمد مكي بن أبي طالب حَمّوش بن محمد بن مختار القيسي القيرواني ثم الأندلسي القرطبي المالكي
الناشر
مجموعة بحوث الكتاب والسنة - كلية الشريعة والدراسات الإسلامية - جامعة الشارقة
سنة النشر
1429
الطبعة
الأولى
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية