آيات من القرآن الكريم

وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ صِدْقًا وَعَدْلًا ۚ لَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ ۚ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ
ﮐﮑﮒﮓﮔﮕﮖﮗﮘﮙﮚﮛﮜﮝﮞﮟﮠﮡﮢﮣﮤﮥﮦﮧﮨ ﮪﮫﮬﮭﮮﮯﮰﮱﯓﯔﯕﯖﯗ

وقال مجاهد وقتادة والحسن: إن من الإنس شياطين ومن الجن شياطين، أما مظهر عداوة هؤلاء للنبي والمسلمين فإنه يوحى بعض شياطين الجن إلى بعض شياطين الإنس وكذلك يوحى بعض الجن إلى بعض، وبعض الإنس إلى بعض، وعن مالك بن دينار:
إن شيطان الإنس أشد علىّ من شيطان الجن، إذا تعوذت بالله ذهب شيطان الجن عنى، وشيطان الإنس يجيئني فيجرنى إلى المعاصي عيانا.
يوحى بعضهم إلى بعض بالقول المزخرف المزين، وبالوسوسة والإغراء بالمعاصي، والتمويه والخداع بالباطل، ولو شاء ربك ما فعلوه أبدا فذرهم وما يفترون، يفعلون هذا ليغروهم بالفساد، لأنه الموافق لأهوائهم، وليترتب على ذلك أن يرضوه ويطمئنوا إليه، وأن يكتسبوا معه من الآثام والمعاصي ما هم مكتسبون.
الشهادة للنبي بالصدق وللقرآن بالحق [سورة الأنعام (٦) : الآيات ١١٤ الى ١١٥]
أَفَغَيْرَ اللَّهِ أَبْتَغِي حَكَماً وَهُوَ الَّذِي أَنْزَلَ إِلَيْكُمُ الْكِتابَ مُفَصَّلاً وَالَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ يَعْلَمُونَ أَنَّهُ مُنَزَّلٌ مِنْ رَبِّكَ بِالْحَقِّ فَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ (١١٤) وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ صِدْقاً وَعَدْلاً لا مُبَدِّلَ لِكَلِماتِهِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (١١٥)
المفردات:
حَكَماً: الحاكم: من يتحاكم إليه الناس، ويحكم بينهم بالحق أو بغيره، والحكم: من يحكم بالحق فقط كما قال القرطبي. مُفَصَّلًا: مبيّنا فيه الحق والباطل، والحلال والحرام. وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ قال الراغب: تمام الشيء انتهاؤه

صفحة رقم 653

إلى حد لا يحتاج معه إلى شيء خارج عنه، والمراد هنا أن كلمة الله وافية في الإعجاز والدلالة على صدق الرسول. لا مُبَدِّلَ: لا مغيّر.
المعنى:
ما لكم تطلبون آيات دالة على صدقى، وتحكمون بها على أنى رسول الله؟
وتقسمون أنها لو نزلت لآمنتم.
عجبا! أضللت فأبتغى غير الله حكما بيننا؟! وليس لي أن أتعدى حكم الله، ولا أن أتجاوزه، إذ هو الحكم العدل، وهو الذي أنزل إليكم القرآن كتابا مفصلا فيه كل شيء، مبينا لكل حكم، جامعا لكل خير، فيه الهدى والنور، والعلم والعرفان، وهو المعجزة الباقية الدالة على صدق رسالتي لما فيه من الآيات، ولما أعجز جهابذة البلاغة وأرباب البيان، مع التحدي الصارخ لهم... شهد لي بالصدق، وعليكم بالكذب البهتان!! والذين آتيناهم الكتاب من اليهود والنصارى، يعلمون أنه الحق المنزل من عند الله مشتملا على النور والهدى، ومتلبسا بالحق والعلم إذ هو من جنس الوحى الذي نزل عليهم، وقد جاء في كتبهم البشارة بالنبي صلّى الله عليه وسلّم وصفته فهم أدرى الناس به: الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ يَعْرِفُونَهُ كَما يَعْرِفُونَ أَبْناءَهُمْ وَإِنَّ فَرِيقاً مِنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ «١» وقد اعترف بذلك من أنار الله بصيرته منهم واهتدى.
والخلاصة أنكم تتحكمون في طلب المعجزات والآيات الدالة على صدق الرسول.
وقد حصل ذلك بوجهين:
(أ) القرآن وهو المعجزة الباقية القائمة مقام قوله تعالى: «صدق عبدى في كل ما يبلغه عنى».
(ب) معرفة أهل الكتاب وشهاداتهم للنبي محمد بالصدق.
وإذا كان هذا حاصلا فلا تكونن من الشاكّين، وهذا لون من ألوان التهييج والإلهاب كقوله: فلا تكونن من المشركين.

(١) سورة البقرة آية ١٤٦.

صفحة رقم 654
التفسير الواضح
عرض الكتاب
المؤلف
محمد محمود حجازي
الناشر
دار الجيل الجديد
سنة النشر
1413
الطبعة
العاشرة
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية