
فلا يؤمنون بها كَما لَمْ يُؤْمِنُوا بِهِ اى بما جاء من الآيات أَوَّلَ مَرَّةٍ من انشقاق القمر ونحوه وَنَذَرُهُمْ اى ندعهم عطف على لا يؤمنون داخل فى حكم الاستفهام الإنكاري فِي طُغْيانِهِمْ ضلالهم متعلق بنذرهم يَعْمَهُونَ اى متحيرين لا نهديهم هداية المؤمنين فهو حال من الضمير المنصوب فى نذرهم ووجه هذا التقليب والترك فساد استعدادهم واعراضهم عن الحق بالكلية فان الله تعالى لا يفعل بهم ذلك مع توجههم الى الحق واستعدادهم لقبوله فانه إجبار محض فان كان مقهورا مطبوعا على قلبه فليعلم ان ذلك لعدم تأثير اللطف فيه أصلا فلله الحجة البالغة ومن الله الهداية والتوفيق: تم الجزء السابع فى أوائل شهر ربيع الآخر من سنة الف ومائة الجزء الثامن من الاجزاء الثلاثين وَلَوْ أَنَّنا نَزَّلْنا إِلَيْهِمُ الْمَلائِكَةَ تفصيل ما ذكر على الإجمال بقوله وَما يُشْعِرُكُمْ أَنَّها إِذا جاءَتْ لا يُؤْمِنُونَ اى ولو اننا نزلنا إليهم الملائكة كما سألوه بقولهم لو انزل علينا الملائكة فنراهم عيانا وَكَلَّمَهُمُ الْمَوْتى وشهدوا بحقية الايمان بعد ان احييناهم حسبما اقترحوه بقولهم فائت بآية قال صاحب التيسير وأحيينا لهم كل الموتى فكلموهم بان شهدوا لك وان كانوا سألوا منك احياء اثنين من موتاهم قصى بن كلاب وجدعان بن عمرو وكانا كبيرين منهم وصدوقين حيث قالوا لئن أحييتهما فشهدا لك بالنبوة لشهدنا نحن ايضا وَحَشَرْنا اى جمعنا عَلَيْهِمْ كُلَّ شَيْءٍ قُبُلًا جمع قبيل بمعنى كفيل وانتصابه على الحالية من المفعول اى كفلاء بصحة الأمر وصدق النبي عليه السلام او جمع قبيل الذي هو جمع قبيلة بمعنى جماعات اى وحشرنا كل شىء نوعا نوعا وفوجا فوجا من سائر المخلوقات وفى التيسير اى وبعثنا كل حيوان من الفيل الى البعوض اى أقمنا القيامة ما كانُوا لِيُؤْمِنُوا فى حال من الأحوال الداعية الى الايمان إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللَّهُ اى الا فى حال مشيئة الله لايمانهم وهيهات ذلك وحالهم حالهم من التمادي فى العصيان والغلو فى التمرد والطغيان وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ يَجْهَلُونَ اى ولكن اكثر المؤمنين يجهلون عدم ايمانهم عند مجيىء الآيات لجهلهم عدم مشيئة الله تعالى لايمانهم فيتمنون مجيئها طمعا فيما لا يكون فالجملة مقررة لمضمون قوله تعالى وَما يُشْعِرُكُمْ الآية واعلم ان الآية وان عظمت لا تضطر الى الايمان ان لم يشأ الله تعالى فانه لا آية أعظم من قيام الساعة والله تعالى يقول وَلَوْ رُدُّوا لَعادُوا لِما نُهُوا عَنْهُ وجملة الأمر ان المشيئة تغير السجية وعدمها من فساد الاستعداد فلذا بقي اهل الضلال فى يد القهر والجلال: قال السعدي
ز وحشي نيايد كه مردم شود | بسعى اندر او تربيت كم شود |
توان پاك كردن ز ژنك آيينه | ولكن نيايد ز سنك آيينه |
كر جان بدهد سنك سيه لعل نكردد | با طينت أصلي چهـ كند بد كهر افتاد |
كر تو سنك خاره ومرمر شوى | چون بصاحب دل رسى كوهر شوى |
كر كران وكر شتابنده بود | عاقبت جوينده يابنده بود |
فلو أجوع فذكر الله يشبعنى | ولا أكون بحمد الله عطشانا |
وان ضعفت فوجد منه يحملنى | من الحجاز الى أقصى خراسانا |

رأسه باقة نرجس كأنها رحى عظيمة وعلى قبره مكتوب هذا حبيب الله فتيل الغيرة وعلى ورقها مكتوب صفة الانابة فقرأت ما هو على النرجس مكتوب فسألونى ان أفسره لهم ففسرته فوقع فيهم الطرب فلما أفاقوا وسكنوا قالوا قد كفينا جواب مسألتنا قال ووقع علىّ النوم فما انتبهت الا وانا قريب من مسجد عائشة رضى الله عنها وإذا فى وعائى باقة ريحان فبقيت معى سنة كاملة لم تتغير فلما كان بعد فقدتها رضى الله عنه وعنهم وعن جميع الصالحين أَفَغَيْرَ اللَّهِ أَبْتَغِي حَكَماً الهمزة للانكار والفاء للعطف على مقدر وغير مفعول ابتغى وحكما حال وتقديم المفعول للايذان بان مدار الإنكار هو ابتغاء غيره حكما لا مطلق الابتغاء والحكم ابلغ من الحاكم وادل على الرسوخ لما انه لا يطلق الا على العادل وعلى من تكرر منه الحكم بخلاف الحاكم وفى الكلام ارادة القول وإضماره- روى- ان مشركى مكة قالوا يا محمد اجعل بيننا وبينك حكما من أحبار اليهود او من اساقفة النصارى يفصل بين المحق والمبطل فانهم قرأوا الكتب قبلك فانزل الله هذه الآية وقال قل يا محمد أأميل عن لحق فاطلب غير الله تعالى حال كون ذلك الغير قاضيا بينى وبينكم وَهُوَ الَّذِي أَنْزَلَ إِلَيْكُمُ الْكِتابَ الجملة حال من فاعل ابتغى اى والحال ان الله تعالى هو الذي انزل إليكم وأنتم امة امية لا تدرون ما تأتون وما تذرون القرآن الناطق بالحق والصواب مُفَصَّلًا اى مبينا فيه الحق والباطل والحلال والحرام وغير ذلك من الاحكام بحيث لم يبق فى امر الدين شىء من التخليط والإبهام فأى حاجة بعد ذلك الى الحكم وهذا كما ترى صريح فى ان القرآن الكريم كاف فى امر الدين مغن عن غيره بينانه وتفصيله وَالَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ يَعْلَمُونَ أَنَّهُ مُنَزَّلٌ مِنْ رَبِّكَ كلام مستأنف غير داخل تحت القول المقدر مبين ان الذين وثقوا بهم ورضوا بحكميتهم من علماء اهل الكتابين عالمون بحقية القرآن ونزوله من عند الله تعالى والمعنى وعلماء اليهود والنصارى الذين فهمناهم التوراة والإنجيل يعلمون ان ذلك الكتاب اى القرآن منزل من ربك حال كونه ملتبسا بِالْحَقِّ والصدق وهو بالفارسي [براستى ودرستى] وهو متعلق بمحذوف وقع حالا من الضمير المستكن فى منزل فَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ اى من الشاكين فى انهم يعلمون بحقية القرآن لما لا تشاهد منهم آثار العلم واحكام المعرفة فالفاء لترتيب النهى على الاخبار بعلم اهل الكتاب بشأن القرآن وفى انه منزل من ربك بالحق فيكون من باب التوبيخ والالهاب اى الثبات على اليقين كقوله وَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُشْرِكِينَ فالفاء لترتيب النهى على نفس علمهم بحال القرآن ثم انه تعالى لما بين كمال الكتاب المذكور من حيث إضافته اليه تعالى بكونه منزلا منه بالحق بين ايضا كماله من حيث ذاته فقال وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ عبر عن الكتاب اى القرآن بالكلمة لانها الأصل فى الاتصاف بالصدق والعدل وبها يظهر الآثار من الحكم صِدْقاً وَعَدْلًا مصدران نصبا على الحال اى صادقة وعادلة ومعنى تمامها عبارة عن بلوغها الغاية فى كونها كافية فى بيان ما يحتاج اليه المكلفون الى يوم القيامة علما وعملا وفى كونها صدقا وعدلا والمعنى انها بلغت الغاية القاصية صدقا فى الاخبار والمواعيد كالخبر عن وجود ذات الله تعالى وصفاته الثبوتية والسلبية وكالخبر عن احكام الله تعالى فى الوعد والوعيد والثواب
صفحة رقم 90
والعقاب وكالخبر عن احوال المتقدمين وعن الغيوب المستقبلة وعدلا فى الاقضية والاحكام المتعلقة بالمكلفين من الجن والانس كالصلاة والصوم والزكاة والحج وسائر التكاليف الشرعية سواء كانت امرا او نهيا لا مُبَدِّلَ لِكَلِماتِهِ لا أحد يبدل شيأ من ذلك بما هو اصدق واعدل ولا بما هو مثله فكيف يتصور ابتغاء حكم غيره تعالى وَهُوَ السَّمِيعُ لكل ما يتعلق به السمع الْعَلِيمُ بكل ما يمكن ان يعلم فيدخل فى ذلك اقوال المتحاكمين وأحوالهم الظاهرة والباطنة دخولا أوليا ومحصول الآية ان القرآن حكم الله تعالى وحجته الغالبة بين الناس فلا عدول عنه الى غيره إذ لا يعدل عنه الا المنكر سواء كان إنكاره عناديا كالعالم بحقيته او تكذيبيا كالجاهل بها واما المقر فهو له جذبة الهية ينجذب بالعمل بما فيه الى درجات العلم والعرفان وكمال الإيقان إذ
هو كلمة حق وصدق والصدق يهدى الى الجنة والقربة والوصلة ولا ترتفع التكليفات عن العبد وان وصل الى تجلى الذات مادام فى عالم الدنيا لا كما زعمه بعض الزاعمين واما فى عالم الآخرة فترتفع التكليفات فعبادة ذلك العالم التوحيد ليس الا ولا بد من رعاية الشريعة فى جميع المراتب فان الكمال فيه والا فهو ناقص ولذلك ترى المجاذيب لا يخلون عن نقصان ألا يرى ان الأنبياء عليهم السلام لم يسمع عن واحد منهم عروض السفه والجنون فكامل العقل يحس صرير الباب وصوت الذباب فى حال استغراقه- حكى- ان الشيخ الأكبر قدس سره الأطهر قال يوما لمريديه هل صدر منى شىء يخالف الشريعة قالوا لا فحمد الله تعالى وقال ما كنت هاهنا منذ ثلاثين سنة والإنسان اشرف المخلوقات واشرف الإنسان نبينا محمد ﷺ ولذلك صار مظهرا للفرقان الكريم من المبتدأ القديم وهو الحكم الذي نصبه الله تعالى لاحقاق الحق وابطال الباطل
ألا اى احمد مرسل شود هر مشكل از تو حل | كنم وصف ترا مجمل تويى سلطان هر مولى |
شريعت از تو روشن شد طريقت هم مبرهن شد | حقيقت خود معين شد زهى سلطان بي همتا |