
سورة الحشر
مدنية، وهي أربع وعشرون آية، وأربعمائة وخمس وأربعون كلمة، وتسعمائة وثلاثة عشر حرفا
أخبرنا أبو العبّاس سهل بن محمّد بن سعيد المروزي قال: حدّثني أبو الحسن المحمودي قراءة: حدثنا تميم بن محمود عن العبّاس بن [... ] «١» عن رجاله: قال: حدّثنا محمّد بن صالح عن زيد العجمي عن ابن عباس قال: قال النبيّ صلّى الله عليه وسلّم (عليه السلام) :«من قرأ سورة (الحشر) لم يبق جنّة ولا نار ولا عرش ولا كرسي ولا حجاب ولا السماوات السبع والأرضون السبع والهوام والريح والطير والشجر والدواب والجبال والشمس والقمر والملائكة إلّا صلّوا عليه، واستغفروا له، فإن مات من يومه أو ليلته مات شهيدا» [٢٤٧] «٢».
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
[سورة الحشر (٥٩) : الآيات ١ الى ٥]بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
سَبَّحَ لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (١) هُوَ الَّذِي أَخْرَجَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ مِنْ دِيارِهِمْ لِأَوَّلِ الْحَشْرِ ما ظَنَنْتُمْ أَنْ يَخْرُجُوا وَظَنُّوا أَنَّهُمْ مانِعَتُهُمْ حُصُونُهُمْ مِنَ اللَّهِ فَأَتاهُمُ اللَّهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُمْ بِأَيْدِيهِمْ وَأَيْدِي الْمُؤْمِنِينَ فَاعْتَبِرُوا يا أُولِي الْأَبْصارِ (٢) وَلَوْلا أَنْ كَتَبَ اللَّهُ عَلَيْهِمُ الْجَلاءَ لَعَذَّبَهُمْ فِي الدُّنْيا وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذابُ النَّارِ (٣) ذلِكَ بِأَنَّهُمْ شَاقُّوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَمَنْ يُشَاقِّ اللَّهَ فَإِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقابِ (٤)ما قَطَعْتُمْ مِنْ لِينَةٍ أَوْ تَرَكْتُمُوها قائِمَةً عَلى أُصُولِها فَبِإِذْنِ اللَّهِ وَلِيُخْزِيَ الْفاسِقِينَ (٥)
سَبَّحَ لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ هُوَ الَّذِي أَخْرَجَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ مِنْ دِيارِهِمْ لِأَوَّلِ الْحَشْرِ الآيات، قال المفسرون: نزلت هذه الآيات بأسرها في بني النضير، وذلك
أنّ النبيّ صلّى الله عليه وسلّم لما دخل المدينة صالحه بنو النضير على ألّا يقاتلوه ولا يقاتلوا معه، فقبل رسول الله صلّى الله عليه وسلّم منهم ذلك، فلمّا غزا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بدرا وظهر على المشركين قالت بنو النضير: والله إنّه للنبيّ الذي وجدنا نعته في التوراة: لا تردّ لهم راية. فلما
(٢) تفسير مجمع البيان: ٩/ ٤٢٣.

غزا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أحدا وهزم المسلمون ارتابوا ونافقوا وأظهروا العداوة لرسول الله (عليه السلام) والمؤمنين، ونقضوا العهد الذي كان بينهم وبين رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فركب كعب بن الأشرف في أربعين راكبا من اليهود إلى مكّة، فأتوا قريشا فحالفوهم وعاقدوهم على أن تكون كلمتهم واحدة على محمّد (عليه السلام). ثم دخل أبو سفيان في أربعين وكعب في أربعين من اليهود المسجد وأخذ بعضهم على بعض الميثاق بين الأستار والكعبة، ثم رجع كعب بن الأشرف وأصحابه إلى المدينة، فنزل جبريل على رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فأخبره بما تعاقد عليه كعب وأبو سفيان، وأمر (عليه السلام) بقتل كعب بن الأشرف فقتله محمّد بن مسلمة الأنصاري، وكان أخاه من الرضاعة.
وقد كان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم اطّلع منهم على خيانة ونقض عهد، حتى أتاهم رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ومعه أبو بكر وعمر وعليّ (رضي الله عنهم) يستعينهم في دية الرجلين المسلمين اللذين قتلهما عمرو بن أميّة الضمري في منصرفه من بئر معونة حين أغربا إلى بني عامر، فأجابوه صلّى الله عليه وسلّم إلى ذلك، وأجلسوه وهمّوا بالفتك به وطرح حجر عليه من فوق الحصن، فأخبره الله سبحانه بذلك وعصمه.
وقد مضت هذه القصة وقصة مقتل كعب بن الأشرف، فلمّا قتل كعب أصبح رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وأمر الناس بالسير إلى بني النضير، وكانوا بقرية لهم يقال لها: زهرة، فلمّا سار إليهم النبيّ صلّى الله عليه وسلّم وجدهم ينوحون على كعب، وكان سيّدهم، فقالوا: يا محمّد، واعية على إثر واعية، وباكية على إثر باكية؟ قال: «نعم». قالوا: ذرنا نبكي بشجونا ثم ائتمرنا أمرك. فقال النبيّ صلّى الله عليه وسلّم: «اخرجوا من المدينة» [٢٤٨] «١».
قالوا: الموت أقرب إلينا من ذلك.
فتنادوا بالحرب وأذنوا بالقتال، ودسّ المنافقون: عبد الله بن أبيّ وأصحابه إليهم ألّا تخرجوا من الحصن، فإن قاتلوكم فنحن معكم ولا نخذلكم ولننصرنكم، ولَئِنْ أُخْرِجْتُمْ لَنَخْرُجَنَّ مَعَكُمْ فدربوا على الأزقة وحصونها. ثم أجمعوا الغدر برسول الله صلّى الله عليه وسلّم فأرسلوا إليه: اخرج في ثلاثين رجلا من أصحابك، وليخرج منا ثلاثون رجلا حتى نلتقي بمكان نصف بيننا وبينكم، فيسمعوا منك، فإن صدّقوك وآمنوا بك آمنّا كلّنا.
فخرج النبيّ صلّى الله عليه وسلّم في ثلاثين من أصحابه وخرج إليه ثلاثون حبرا من اليهود، حتى إذا كانوا في براز من الأرض قال بعض اليهود لبعض: كيف تخلصون إليه ومعه ثلاثون رجلا من أصحابه كلّهم يحبّ أن يموت قبله؟ فأرسلوا إليه: كيف نفهم ونحن ستون رجلا، اخرج في ثلاثة من أصحابك، ونخرج لك ثلاثة من علمائنا فيسمعوا منك، فإن آمنوا بك آمنّا كلّنا وصدّقناك.

فخرج النبي صلّى الله عليه وسلّم في ثلاثة من أصحابه، وخرج ثلاثة من اليهود، واشتملوا على الخناجر وأرادوا الفتك برسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فأرسلت امرأة ناصحة من بني النضير إلى أخيها وهو رجل مسلم من الأنصار فأخبرته بما أراد بنو النضير من الغدر برسول الله (عليه السلام)، فأقبل أخوها سريعا حتى أدرك النبي صلّى الله عليه وسلّم فسارّه بخبرهم قبل أن يصل النبيّ صلّى الله عليه وسلّم فرجع النبيّ صلّى الله عليه وسلّم (عليه السلام).
فلمّا كان الغد عدا عليهم بالكتائب فحاصرهم إحدى وعشرين ليلة، فلمّا قذف الله سبحانه فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ، وأيسوا من نصر المنافقين سألوا نبي الله (عليه السلام) الصلح فأبى عليهم [إلّا] «١» أن يخرجوا من المدينة على ما يأمرهم به النبيّ صلّى الله عليه وسلّم، فقبلوا ذلك، وصالحهم على الإجلاء، وعلى أنّ لهم ما أقلّت الإبل من أموالهم إلّا الحلقة وهي السلاح، وعلى أن يخلوا له ديارهم وعقارهم وسائر أموالهم.
وقال ابن عباس: صالحهم على أن يحمل كل أهل ثلاثة أبيات على بعير ما شاؤوا من متاعهم، وللنبي صلّى الله عليه وسلّم ما بقي.
وقال الضحاك: أعطى كلّ ثلاثة نفر بعيرا وسقاء، ففعلوا ذلك وخرجوا من المدينة إلى الشام إلى أذرعات وأريحا إلّا أهل بيتين منهم: آل أبي الحقيق وآل حيي بن أخطب، فإنّهم لحقوا بخيبر، ولحقت طائفة منهم بالحيرة، فذلك قوله سبحانه وتعالى: هُوَ الَّذِي أَخْرَجَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ يعني بني النضير مِنْ دِيارِهِمْ التي كانت بيثرب.
قال ابن إسحاق: كان إجلاء بني النضير مرجع النبي صلّى الله عليه وسلّم من أحد وكان فتح قريظة عند مرجعه من الأحزاب وبينهما سنتان.
لِأَوَّلِ الْحَشْرِ قال الزهري: كانوا من سبط لم يصبهم جلاء فيما مضى، وكان الله سبحانه قد كتب عليهم الجلاء، ولولا ذلك لَعَذَّبَهُمْ فِي الدُّنْيا وكانوا أول حشر في الدنيا حشروا إلى الشام.
قال ابن عباس: من شكّ أنّ المحشر بالشام فليقرأ هذه الآية وذلك
أنّ النبيّ صلّى الله عليه وسلّم (عليه السلام) قال لهم يومئذ: «اخرجوا». قالوا: إلى أين؟ فقال: «إلى أرض المحشر» [٢٤٩] «٢»
، فأنزل الله سبحانه لِأَوَّلِ الْحَشْرِ.
وقال الكلبي: إنّما قال: لِأَوَّلِ الْحَشْرِ لأنّهم أوّل من حشروا من أهل الكتاب ونفوا من الحجاز.
وقال مرّة الهمداني: كان هذا أوّل الحشر من المدينة، والحشر الثاني من خيبر وجميع
(٢) زاد المسير: ٣٣٢.

جزيرة العرب إلى أذرعات وأريحا من الشام في أيام عمر بن الخطاب رضي الله عنه وعلى بدنه «١».
وقال قتادة: كان هذا أوّل الحشر، والحشر الثاني نار تحشرهم من المشرق إلى المغرب تبيت معهم حيث باتوا، وتقيل معهم حيث قالوا، وتأكل منهم من تخلّف.
قال يمان بن رباب: إنّما قال: لِأَوَّلِ الْحَشْرِ لأنّ الله سبحانه فتح على نبيّه (عليه السلام) في أول ما قاتلهم.
ما ظَنَنْتُمْ أيّها المؤمنون أَنْ يَخْرُجُوا من المدينة وَظَنُّوا أَنَّهُمْ مانِعَتُهُمْ حُصُونُهُمْ مِنَ اللَّهِ حيث درّبوها وحصّنوها فَأَتاهُمُ اللَّهُ أي أمر الله وعدله مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ بقتل سيّدهم كعب بن الأشرف.
يُخْرِبُونَ قراءة العامّة بالتخفيف، من الإخراب، أي يهدمون، وقرأ أبو عبد الرحمن السلمي والحسن البصري وأبو عمرو بن العلاء بالتشديد، من التخريب، وقال أبو عمرو: إنّما اخترت التشديد لأنّ الإخراب ترك الشيء خرابا بغير ساكن، وأنّ بني النضير لم يتركوا منازلهم فيرتحلوا عنها ولكنّهم خرّبوها بالنقض والهدم.
وقال الآخرون: التخريب والإخراب بمعنى واحد.
قال الزهري: ذلك أنّهم لمّا صالحهم النبيّ صلّى الله عليه وسلّم على أنّ لهم ما أقلّت الإبل، كانوا ينظرون إلى الخشبة في منازلهم ممّا يستحسنونه، أو العمود أو الباب فيهدمون بيوتهم وينزعونها منها ويحملونها على إبلهم ويخرّب المؤمنون باقيها.
وقال ابن زيد: كانوا يقتلعون العمد وينقضون السقوف وينقبون الجدران ويقلعون الخشب حتى الأوتاد يخربونها لئلّا يسكنها المؤمنون، حسدا منهم وبغضا.
وقال الضحاك: جعل المسلمون كلّما هدموا شيئا من حصونهم جعلوا هم ينقضون بيوتهم بأيديهم ويخربونها ثم يبغون ما خرب المسلمون.
وقال ابن عباس: كلّما ظهر المسلمون على دار من دورهم هدموها ليتّسع لهم المقاتل، وجعل أعداء الله ينقبون دورهم من أدبارهم فيخرجون إلى التي بعدها فيتحصّنون فيها ويكسرون ما يليهم منها، ويرمون بالتي خرجوا منها أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم «٢».
وقال قتادة: كان المسلمون يخربون ما يليهم من ظاهرها، ويخربها اليهود من داخلها فذلك قوله سبحانه يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُمْ بِأَيْدِيهِمْ وَأَيْدِي الْمُؤْمِنِينَ فَاعْتَبِرُوا.
(٢) راجع تاريخ الإسلام للذهبي: قسم المغازي ص: ١٢٢.

: فاتّعظوا يا أُولِي الْأَبْصارِ يا ذوي العقول.
وَلَوْلا أَنْ كَتَبَ اللَّهُ عَلَيْهِمُ الْجَلاءَ: الخروج عن الوطن لَعَذَّبَهُمْ فِي الدُّنْيا بالقتل والسبي كما فعل ببني قريظة وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذابُ النَّارِ ذلِكَ بِأَنَّهُمْ شَاقُّوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَمَنْ يُشَاقِّ اللَّهَ وقرأ طلحة بن مصرف: (ومن يشاقق الله) (كالتي في الأنفال) فَإِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقابِ.
ما قَطَعْتُمْ مِنْ لِينَةٍ الآية، وذلك
أنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم لما نزل ببني النضير وتحصّنوا في حصونهم أمر بقطع نخيلهم وإحراقها، فجزع أعداء الله عند ذلك وقالوا: يا محمّد، زعمت أنّك تريد الصلاح، أفمن الصلاح عقر الشجر وقطع النخيل؟ فهل وجدت فيما زعمت أنّه أنزل عليك الفساد في الأرض؟ فشقّ ذلك على النبيّ صلّى الله عليه وسلّم، ووجد المسلمون في أنفسهم من قولهم، وخشوا أن يكون ذلك فسادا، واختلف المسلمون في ذلك، فقال بعضهم: لا تقطعوا فإنّه ممّا أفاء الله علينا، وقال بعضهم: بل نغيظهم بقطعها، فأنزل الله سبحانه هذه الآية بتصديق من نهى عن قطعه وتحليل من قطعه من الإثم، وأخبر أن قطعه وتركه بإذن الله سبحانه.
أخبرنا عبد الله بن حامد قال: أخبرنا أحمد بن محمّد بن الحسن قال: حدّثنا محمّد بن يحيى وعبد الرحمن بن بشر وأبو الأزهر وحمدان وعلي قالوا: حدّثنا عبد الرزاق قال: أخبرنا ابن جريح قال: أخبرني موسى بن عقبة، عن نافع، عن ابن عمر أنّ النبي (عليه السلام) قطع نخل بني النضير وحرق، ولها يقول حسان:
وهان على سراة بني لؤي | حريق بالبويرة مستطير «١» |
أخبرنا الشافعي، عن مالك، عن نافع، عن ابن عمر، أنّ النبيّ صلّى الله عليه وسلّم أمر بإحراق نخل بني النضير، فقال فيه حسان بن ثابت:
وهان على سراة بني لؤي | حريق بالبويرة مستطير «٢» |
اختلفوا فيها فقال قوم: هي ما دون العجوة من النخل، فالنخل كلّه لينة ما خلا العجوة، وهو قول عكرمة ويزيد بن رويان وقتادة.
ورواية باذان عن ابن عباس قال: وكان النبي صلّى الله عليه وسلّم أمر بقطع نخلهم إلّا العجوة
، وأهل المدينة يسمّون ما خلا العجوة من التمر: الألوان، واحدها لون ولينة، وأصلها لونة فقلبت الواو بالكسرة ما قبلها.
(٢) لسان العرب: ٤/ ٥١٣.

وقال الزهري: اللينة ألوان النخل كلّها إلّا العجوة والبرنيّة، وقال مجاهد وعطية وابن زيد: هي النخل كلّه من غير استثناء.
العوفي عن ابن عباس: هي لون من النخل.
وأخبرنا عبد الله بن حامد قال: أخبرنا أحمد بن عبد الله المزني قال: حدّثنا الحضرمي قال: حدّثنا جعفر بن محمّد قال: حدّثنا عبد الله بن مبارك، عن عثمان بن عطاء، عن أبيه، عن ابن عباس في قوله: ما قَطَعْتُمْ مِنْ لِينَةٍ قال: النخلة والشجرة.
قال سفيان: هي كرام النخل.
وقال مقاتل: هي ضرب من النخل يقال لثمرتها: اللون، وهو شديد الصفرة ترى نواه من خارج يغيب فيه الضرس. وكان من أجود تمرهم وأعجبها إليهم، وكانت النخلة الواحدة منها ثمن وصيف، وأحبّ إليهم من وصيف، فلما رأوا ذلك الضرب يقطع شقّ عليهم مشقّة شديدة، وقالوا للمؤمنين: تزعمون أنّكم تكرهون الفساد وأنتم تفسدون وتخربون وتقطعون الشجر، دعوا هذا النخل، فإنّما هي لمن غلب عليها.
وقيل: هي النخلة القريبة من الأرض.
وأنشد الأخفش:
قد شجاني الحمام حين تغنّى | بفراق الأحباب من فوق لينه «١» |
كأنّ قتودي فوقها عش طائر | على لينة فرواء «٢» تهفو جنوبها |
طراق الخوافي واقعا فوق لينة | لدى ليلة في ريشه يترقرق «٣» |
وسالفة كسحوق الليان | أضرم فيها الغوي السعر |
(٢) في ديوانه: سوقاء. انظر ديوان ذي الرمّة ٢: ٣٣٩.
(٣) لسان العرب: ٨/ ١٣٩.