
قَوْله تَعَالَى: ﴿مَا قطعْتُمْ من لينَة﴾ قَالَ سعيد بن جُبَير: اللينة كل تمر سوى البرني والعجوة، وَأهل الْمَدِينَة يسمون التمور الألوان. وَقيل: اللينة: النَّخْلَة. وَعَن بَعضهم أَن اللينة: جمع الْأَشْجَار، سميت لينَة للينها بِالْحَيَاةِ. وَعَن سُفْيَان قَالَ: اللينة كرائم النخيل. وَقيل: هُوَ الفسيل، سمي لينَة لِأَنَّهُ لَا يكون فِي شدَّة الْحر. وَمن الْمَشْهُور أَن النَّبِي قَالَ: " الْعَجْوَة من الْجنَّة وفيهَا شِفَاء من السم ".
وَفِي الْقِصَّة: أَن أَصْحَاب رَسُول الله لما حاصروا بني النَّضِير كَانَ بَعضهم يقطع النخيل وَبَعْضهمْ يَتْرُكهَا.
وَفِي رِوَايَة: " أَن النَّبِي أَمرهم بِقطع النخيل، فَخرج الْيَهُود حِين رَأَوْا ذَلِك وَقَالُوا: يَا مُحَمَّد، أَلَسْت تنْهى عَن الْفساد، وَهَذَا من الْفساد، فَأنْزل الله تَعَالَى هَذِه الْآيَة ".
وَقد ثَبت بِرِوَايَة نَافِع عَن ابْن عمر " أَن النَّبِي حرق نخيل بني النَّضِير وقطعها، فَأنْزل الله تَعَالَى: ﴿مَا قطعْتُمْ من لينَة أَو تَرَكْتُمُوهَا قَائِمَة على أُصُولهَا فبإذن الله﴾ " أَي: بِأَمْر الله، قَالَ رَضِي الله عَنهُ: أخبرنَا بِهَذَا الْخَبَر الْمَكِّيّ بن عبد الرَّزَّاق، أخبرنَا جدي، أخبرنَا الْفربرِي، أخبرنَا البُخَارِيّ، عَن قُتَيْبَة، عَن اللَّيْث بن سعد، عَن نَافِع. الْخَبَر. وَفِي رِوَايَة: أَن النَّبِي حرق البويرة، وَقَالَ شَاعِرهمْ شعرًا:
(وَهَان على سراة بني لؤَي | حريق بالبويرة مستطير) |

﴿رَسُوله مِنْهُم فَمَا أَوجَفْتُمْ عَلَيْهِ من خيل وَلَا ركاب وَلَكِن الله يُسَلط رسله على من يَشَاء وَالله على كل شَيْء قدير (٦) مَا أَفَاء الله على رَسُوله من أهل الْقرى فَللَّه وَلِلرَّسُولِ﴾
وَقَوله: ﴿وليخزي الْفَاسِقين﴾ هم الْيَهُود، وإخزاؤهم هُوَ رُؤْيَتهمْ كَيفَ يتحكم الْمُؤْمِنُونَ فِي أَمْوَالهم.