آيات من القرآن الكريم

اسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمُ الشَّيْطَانُ فَأَنْسَاهُمْ ذِكْرَ اللَّهِ ۚ أُولَٰئِكَ حِزْبُ الشَّيْطَانِ ۚ أَلَا إِنَّ حِزْبَ الشَّيْطَانِ هُمُ الْخَاسِرُونَ
ﮅﮆﮇﮈﮉﮊﮋﮌﮍﮎﮏﮐﮑﮒﮓﮔﮕﮖﮗﮘ ﮚﮛﮜﮝﮞﮟﮠﮡﮢﮣﮤ ﮦﮧﮨﮩﮪﮫﮬﮭﮮﮯ ﮱﯓﯔﯕﯖﯗﯘﯙﯚﯛﯜﯝﯞﯟﯠﯡﯢ ﯤﯥﯦﯧﯨﯩﯪﯫﯬﯭﯮﯯﯰﯱﯲﯳﯴﯵﯶ ﯸﯹﯺﯻﯼﯽﯾﯿﰀﰁﰂﰃﰄﰅﰆﰇﰈ

قلت: لا يطيقونه. قال: كم؟ قلت: حبة أو شعيرة، قال: إنك لزهيد. فلما رأوا ذلك: اشتدّ عليهم فارتدعوا وكفوا. أما الفقير فلعسرته، وأما الغنىّ فلشحه «١». وقيل: كان ذلك عشر ليال ثم نسخ. وقيل: ما كان إلا ساعة من نهار. وعن على رضى الله عنه: إن في كتاب الله لآية ما عمل بها أحد قبلي ولا يعمل بها أحد بعدي: كان لي دينار فصرفته، فكنت إذا ناجيته تصدقت بدرهم «٢». قال الكلبي: تصدق به في عشر كلمات سألهنّ رسول الله ﷺ «٣». وعن ابن عمر: كان لعلىّ ثلاث: لو كانت لي واحدة منهنّ كانت أحب إلىّ من حمر النعم: تزويجه فاطمة، وإعطاؤه الراية يوم خيبر، وآية النجوى. قال ابن عباس: هي منسوخة بالآية التي بعدها، وقيل: هي منسوخة بالزكاة أَأَشْفَقْتُمْ أخفتم تقديم الصدقات لما فيه من الإنفاق الذي تكرهونه، وأنّ الشيطان يعدكم الفقر ويأمركم بالفحشاء فَإِذْ لَمْ تَفْعَلُوا ما أمرتم به وشق عليكم، وتابَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ وعذركم ورخص لكم في أن لا تفعلوه، فلا تفرطوا في الصلاة والزكاة وسائر الطاعات بِما تَعْمَلُونَ قرئ بالتاء والياء.
[سورة المجادلة (٥٨) : الآيات ١٤ الى ١٩]
أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ تَوَلَّوْا قَوْماً غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ ما هُمْ مِنْكُمْ وَلا مِنْهُمْ وَيَحْلِفُونَ عَلَى الْكَذِبِ وَهُمْ يَعْلَمُونَ (١٤) أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ عَذاباً شَدِيداً إِنَّهُمْ ساءَ ما كانُوا يَعْمَلُونَ (١٥) اتَّخَذُوا أَيْمانَهُمْ جُنَّةً فَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ فَلَهُمْ عَذابٌ مُهِينٌ (١٦) لَنْ تُغْنِيَ عَنْهُمْ أَمْوالُهُمْ وَلا أَوْلادُهُمْ مِنَ اللَّهِ شَيْئاً أُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ (١٧) يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ جَمِيعاً فَيَحْلِفُونَ لَهُ كَما يَحْلِفُونَ لَكُمْ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ عَلى شَيْءٍ أَلا إِنَّهُمْ هُمُ الْكاذِبُونَ (١٨)
اسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمُ الشَّيْطانُ فَأَنْساهُمْ ذِكْرَ اللَّهِ أُولئِكَ حِزْبُ الشَّيْطانِ أَلا إِنَّ حِزْبَ الشَّيْطانِ هُمُ الْخاسِرُونَ (١٩)

(١). قلت: هذا ملفق من حديثين. فمن قوله «قال على إنك لزهيد» أخرجه الترمذي وابن حبان وأبو يعلى والبزار من رواية علقمة الأنماري عن على به وأتم منه. وقال بعد قوله «إنك لزهيد: فنزلت أأشفقتم الآية» قال: فمتى خفف الله عن هذه الأمة» قال الترمذي: حسن غريب: إنما نعرفه من هذا الوجه. وقال البزار:
لا يحفظ إلا عن على بهذا الاسناد. وأما أوله وآخره فأخرجه الطبري وابن مردويه من رواية على بن أبى طلحة عن ابن عباس في هذه الآية قال «إن المسلمين أكثروا المسائل على رسول الله ﷺ حتى شقوا عليه.
فأراد الله أن يخفف عن نبيه صلى الله عليه وسلم، فلما قال ذلك ضن كثير من الناس بأموالهم، فكف كثير من الناس عن المسألة. فأنزل الله تعالى بعد هذا فَإِذْ لَمْ تَفْعَلُوا وَتابَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ الآية فوسع الله عليهم.
(٢). أخرجه الحاكم من طريق عبد الرحمن بن أبى ليلى عن على به وأتم منه. وأخرجه ابن أبى شيبة من رواية ليث بن أبى سليم عن على بلفظ المصنف. [.....]
(٣). لم أجده.

صفحة رقم 494

كان المنافقون يتولون اليهود وهم الذين غضب الله عليهم في قوله تعالى مَنْ لَعَنَهُ اللَّهُ وَغَضِبَ عَلَيْهِ ويناصحونهم وينقلون إليهم أسرار المؤمنين ما هُمْ مِنْكُمْ يا مسلمون وَلا مِنْهُمْ ولا من اليهود، كقوله تعالى مُذَبْذَبِينَ بَيْنَ ذلِكَ لا إِلى هؤُلاءِ وَلا إِلى هؤُلاءِ. وَيَحْلِفُونَ عَلَى الْكَذِبِ أى يقولون: والله إنا لمسلمون، فيحلفون على الكذب الذي هو ادعاء الإسلام وَهُمْ يَعْلَمُونَ أن المحلوف عليه كذب بحت. فإن قلت: فما فائدة قوله وَهُمْ يَعْلَمُونَ؟
قلت: الكذب: أن يكون الخبر لا على وفاق المخبر عنه، سواء علم المخبر أو لم يعلم، فالمعنى:
أنهم الذين يخبرون وخبرهم خلاف ما يخبرون عنه، وهم عالمون بذلك متعمدون له، كمن يحلف بالغموس «١». وقيل: كان عبد الله بن نبتل المنافق يجالس رسول الله «٢» صلى الله عليه وسلم، ثم يرفع حديثه إلى اليهود، فبينا رسول الله في حجرة من حجره إذ قال لأصحابه: يدخل عليكم الآن رجل قلبه قلب جبار وينظر بعين شيطان، فدخل ابن نبتل وكان أزرق، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: «علام تشتمني أنت وأصحابك» ؟ فحلف بالله ما فعل، فقال عليه السلام: «فعلت» فانطلق فجاء بأصحابه، فحلفوا بالله ما سبوه، فنزلت عَذاباً شَدِيداً نوعا من العذاب متفاقما إِنَّهُمْ ساءَ ما كانُوا يَعْمَلُونَ يعنى أنهم كانوا في الزمان الماضي المتطاول على سوء العمل مصرين عليه. أو هي حكاية ما يقال لهم في الآخرة. وقرئ: إيمانهم، بالكسر، أى: اتخذوا أيمانهم التي حلفوا بها. أو إيمانهم الذي أظهروه جُنَّةً أى سترة يتسترون بها من المؤمنين ومن قتلهم فَصَدُّوا الناس في خلال أمنهم وسلامتهم عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وكانوا يثبطون من لقوا عن الدخول في الإسلام ويضعفون أمر المسلمين عندهم. وإنما وعدهم الله العذاب المهين المخزى لكفرهم وصدهم، كقوله تعالى الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ زِدْناهُمْ عَذاباً فَوْقَ الْعَذابِ. مِنَ اللَّهِ من عذاب الله شَيْئاً قليلا من الإغناء. وروى أنّ رجلا منهم قال:

(١). قوله «كمن يحلف بالغموس» في الصحاح: الأمر الغموس: الشديد. واليمين الغموس: التي تغمس صاحبها في الإثم. (ع)
(٢). لم أجده هكذا. وروى أحمد والبزار والطبراني والطبري وابن أبى حاتم والحاكم من رواية سماك عن ابن جبير عن ابن عباس قال «كان رسول الله ﷺ في ظل حجرة وقد كاد الظل أن يتقاص، فقال:
إنه سيأتيكم إنسان، فينظر إليكم بعين شيطان. فإذا جاءكم فلا تكلموه. فلم يلبث أن طلع عليهم رجل أزرق أعور فقال حين رآه: علام تشتمني أنت وأصحابك؟ فقال: ذرني آتيك بهم فانطلق فدعاهم فحلفوا ما قالوا وما فعلوا. فأنزل الله تعالى الآية»
لفظ الحاكم.

صفحة رقم 495
الكشاف عن حقائق التنزيل وعيون الأقاويل في وجوه التأويل
عرض الكتاب
المؤلف
محمود بن عمر بن محمد بن أحمد الخوارزمي الزمخشريّ، جار الله، أبو القاسم
الناشر
دار الكتاب العربي - بيروت
الطبعة
الثالثة - 1407 ه
عدد الأجزاء
4
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية