آيات من القرآن الكريم

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قِيلَ لَكُمْ تَفَسَّحُوا فِي الْمَجَالِسِ فَافْسَحُوا يَفْسَحِ اللَّهُ لَكُمْ ۖ وَإِذَا قِيلَ انْشُزُوا فَانْشُزُوا يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ ۚ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ
ﯷﯸﯹﯺﯻﯼﯽﯾﯿﰀﰁﰂﰃﰄﰅﰆﰇﰈﰉﰊﰋﰌﰍﰎﰏﰐﰑﰒﰓﰔﰕﰖ

[سورة المجادلة (٥٨) : آية ١١]

يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا قِيلَ لَكُمْ تَفَسَّحُوا فِي الْمَجالِسِ فَافْسَحُوا يَفْسَحِ اللَّهُ لَكُمْ وَإِذا قِيلَ انْشُزُوا فَانْشُزُوا يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجاتٍ وَاللَّهُ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (١١)
شرح المفردات
تفسحوا: أي توسعوا وليفسح بعضكم عن بعض، من قولهم: افسح عنى أي تنحّ، يفسح الله لكم: أي فى رحمته ويوسع لكم فى أرزاقكم، انشزوا: أي انهضوا للتوسعة على المقبلين، فانشزوا أي فانهضوا ولا تتباطئوا، يرفع الله الذين آمنوا: أي يرفع منزلتهم يوم القيامة، ويرفع الذين أوتوا العلم درجات، أي ويرفع العالمين منهم خاصة درجات فى الكرامة وعلوّ المنزلة.
المعنى الجملي
بعد أن نهى عباده المؤمنين عما يكون سببا للتباغض من التناجي بالإثم والعدوان- أمرهم بما يكون سبب التوادّ والتوافق بين بعض المؤمنين وبعض:
من التوسع فى المجالس حين إقبال الوافد، والانصراف إذا طلب منكم ذلك.
فإذا فعلتم ذلك رفع الله منازلكم فى جناته، وجعلكم من الأبرار الذين لا خوف عليهم ولا هم يحزنون.
الإيضاح
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا قِيلَ لَكُمْ تَفَسَّحُوا فِي الْمَجالِسِ فَافْسَحُوا يَفْسَحِ اللَّهُ لَكُمْ) أي يا أيها الذين آمنوا بالله وصدقوا برسوله، إذا قيل لكم توسعوا فى مجالس رسول الله أو فى مجالس القتال، فافسحوا يفسح الله فى منازلكم فى الجنة.

صفحة رقم 15

أخرج ابن أبى حاتم عن مقاتل بن حبان قال: «كان ﷺ يوم جمعة فى الصّفّة وفى المكان ضيق، وكان يكرم أهل بدر من المهاجرين والأنصار، فجاء ناس منهم ثابت بن قيس وقد سبقوا إلى المجالس، فقاموا حيال رسول الله ﷺ فقالوا: السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، فرد النبي ﷺ ثم سلموا على القوم فردوا عليهم، فقاموا على أرجلهم ينتظرون أن يوسّع لهم، فلم يفسحوا لهم، فشقّ ذلك على رسول الله ﷺ فقال لبعض من حوله: قم يا فلان، قم يا فلان، فأقام نفرا بمقدار من قدم، فشق ذلك عليهم، وعرفت كراهيته فى وجوههم، وطعن المنافقون وقالوا: والله ما عدل على هؤلاء، إن قوما أخذوا مجالسهم وأحبوا القرب منه، أقامهم وأجلس من أبطأ عنه فنزلت الآية».
وقال الحسن: كان الصحابة يتشاحون فى مجالس القتال إذا اصطفوا للحرب، فلا يوسع بعضهم لبعض رغبة فى الشهادة، ومن الآية نعلم:
(١) أن الصحابة كانوا يتنافسون فى القرب من مجلس رسول الله ﷺ لسماع حديثه، لما فيه من الخير العميم، والفضل العظيم، ومن ثم
قال عليه الصلاة والسلام: «ليلينى منكم أولو الأحلام والنّهى».
(٢) الأمر بالتفسح فى المجالس وعدم التضامّ فيها متى وجد إلى ذلك سبيل، لأن ذلك يدخل المحبة فى القلوب، والاشتراك فى سماع أحكام الدين.
(٣) إن كل من وسع على عباد الله أبواب الخير والراحة، وسع الله عليه خيرات الدنيا والآخرة.
وعلى الجملة فالآية تشمل التوسع فى إيصال جميع أنواع الخير إلى المسلم وإدخال السرور عليه، ومن ثم
قال عليه الصلاة والسلام «لا يزال الله فى عون العبد ما دام العبد فى عون أخيه».

صفحة رقم 16
تفسير المراغي
عرض الكتاب
المؤلف
أحمد بن مصطفى المراغي
الناشر
شركة مكتبة ومطبعة مصطفى البابى الحلبي وأولاده بمصر
الطبعة
الأولى، 1365 ه - 1946 م
عدد الأجزاء
30
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية