
قَوْله تَعَالَى: ﴿لقد أرسلنَا رسلنَا بِالْبَيِّنَاتِ وأنزلنا مَعَهم الْكتاب﴾ أَي: الْكتب.
وَقَوله: ﴿وَالْمِيزَان﴾ قَالَ قَتَادَة: الْعدْل. وَقَالَ الْكَلْبِيّ: الْمِيزَان الْمَعْرُوف الَّذِي توزن بِهِ الْأَشْيَاء. وَمَعْنَاهُ: وَضعنَا الْمِيزَان، وعَلى القَوْل الأول مَعْنَاهُ: أمرنَا بِالْعَدْلِ.
وَقَوله: ﴿ليقوم النَّاس بِالْقِسْطِ﴾ أَي: بِالْعَدْلِ فِي الْمِيزَان.
وَقَوله: ﴿وأنزلنا الْحَدِيد فِيهِ بَأْس شَدِيد﴾ قَوْله: ﴿أنزلنَا الْحَدِيد﴾ فِيهِ قَولَانِ: أَحدهمَا: أَن مَعْنَاهُ: وخلقنا الْحَدِيد وأحدثناه.
وَالْقَوْل الثَّانِي: أَن المُرَاد بِهِ هُوَ الْإِنْزَال من السَّمَاء حَقِيقَة، " وَأَن الله تَعَالَى لما أنزل آدم إِلَى الأَرْض أنزل مَعَه العلاة والكلبتين والميقعة " وَهِي المطرقة وَقيل: أنزل مَعَه الْحجر الْأسود وعصا مُوسَى من آس الْجنَّة وَمَا ذكرنَا من الْحَدِيد.
وَقَوله: ﴿فِيهِ بَأْس شَدِيد﴾ أَي: هُوَ سلَاح وجنة. فالسلاح يُقَاتل بِهِ، وَالْجنَّة يتقى
وَقَوله ﴿مَنَافِع للنَّاس﴾ هِيَ مَا يتَّخذ من الْآلَات من الْحَدِيد مثل الفأس والقدوم والمنشار والمسلة والإبرة وَنَحْوهَا بهَا.
وَقَوله: ﴿وليعلم الله من ينصره وَرُسُله بِالْغَيْبِ﴾ ذكر هَاهُنَا هَذَا؛ لِأَن نصْرَة الله تَعَالَى ونصرة رسله بِالْقِتَالِ، والقتال بآلات الْحَدِيد، وَإِنَّمَا قَالَ: ﴿بِالْغَيْبِ﴾ لِأَن كل مَا يَفْعَله الْعباد من الطَّاعَات إِنَّمَا يَفْعَلُونَهُ بِالْغَيْبِ، على مَا قَالَ الله تَعَالَى: ﴿الَّذين يُؤمنُونَ بِالْغَيْبِ﴾.
وَقَوله: ﴿إِن الله قوي عَزِيز﴾ ظَاهر الْمَعْنى.

﴿فَمنهمْ مهتد وَكثير مِنْهُم فَاسِقُونَ (٢٦) ثمَّ قفينا على آثَارهم برسلنا وقفينا بِعِيسَى ابْن مَرْيَم وَآتَيْنَاهُ الْإِنْجِيل وَجَعَلنَا فِي قُلُوب الَّذين اتَّبعُوهُ رأفة وَرَحْمَة ورهبانية ابتدعوها مَا كتبناها عَلَيْهِم إِلَّا ابْتِغَاء رضوَان الله فَمَا رعوها حق رعايته فآتينا الَّذين آمنُوا مِنْهُم﴾
صفحة رقم 379