
الأولياء المشتاقين إذا تصاعدت حسراتهم وعلت زفراتهم وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ ما كُنْتُمْ فى الأرض وهو تمثيل لاحاطة علمه تعالى بهم وتصوير لعدم خروجهم عنه أينما داروا وفي الحديث أفضل ايمان المرء أن يعلم ان الله معه حيث كان
يار با تست هر كجا هستى | جاى ديكر چهـ خواهى اى او باش |
با تو در زيرك كليم چواوست | پس برو اى حريف خود را باش |
اين معيت مى نكنجد در بيان | نى زمان دارد خبر زونى مكان |

على ما بدأتم به هُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ بواسطة جبرائيل عليه السلام (على عبده) المطلق محمد عليه السلام آياتٍ بَيِّناتٍ واضحات من الأمر والنهى والحلال والحرام لِيُخْرِجَكُمْ الله يا قوم محمد أو العبد بسبب تلك الآيات مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ من ظلمات الكفر والشرك والشك والجهل والمخالفة والحجاب الى نور الايمان والتوحيد واليقين والعلم والموافقة والتجلي وَإِنَّ اللَّهَ بِكُمْ لَرَؤُفٌ رَحِيمٌ حيث يهديكم الى سعادة الدارين بإرسال الرسول وتنزيل الآيات بعد نصب الحجج العقلية (وقال الكاشفى) مهربانست كه قرآن ميفرستد بخشاينده است كه رسول را بدعوت ميفرمايد وقال بعضهم لرؤف بافاضة نور الوحى رحيم بازالة ظلمة النفس البشرية وَما لَكُمْ أَلَّا تُنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ اى واى شيء لكم من أن تنفقوا فيما هو قربة الى الله ما هو له في الحقيقة وانما أنتم خلفاؤه في صرفه الى ما عينه من المصارف فقوله في سبيل الله مستعار لما يكون قربة اليه وقال بعضهم معناه لاجل الله وَلِلَّهِ مِيراثُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ حال من فاعل لا تنفقوا او مفعوله المحذوف اى ومالكم في ترك إنفاقها في سبيل الله والحال انه لا يبقى لكم منها شيء بل تبقى كلها لله بعد فناء الخلق وإذا كان كذلك فانفاقها بحيث تستخلف عوضا يبقى وهو الثواب كان اولى من الإمساك لانها إذا تخرج من أيديكم مجانا بلا عوض وفائدة قال الراغب وصف الله نفسه بانه الوارث من حيث ان الأشياء كلها صائرة اليه وقال ابو الليث انما ذكر لفظ الميراث لان العرب تعرف ان ما ترك الإنسان يكون ميراثا فخاطبهم بما يعرفون فيما بينهم قال بعض الكبار اولا ان القلوب مجبولة على حب المال ما فرضت الزكاة ومن هنا قال بعضهم ان العارف لا زكاة عليه والحق ان عليه الزكاة كما ان عليه الصلاة والطهارة من الجنابة ونحوهما لانه يعلم ان نفسه مجموع العالم ففيها من يحب المال فيوفيه حقه من ذلك الوجه بإخراجها فهو زاهد من وجه وراغب من وجه آخر وقد اخرج رسول الله عليه السلام صدقة ماله فالكامل من جمع بين الوجهين إذ الوجوب حقيقة في المال لا على المكلف لانه انما كلف بإخراج الزكاة من المال لكون المال لا يخرج بنفسه فللعارفين المحبة في جميع العالم كله وان تفاضلت وجوهها فيحبون جميع ما في العالم بحب الله تعالى في إيجاد ذلك لا من جهة عين ذلك الموجود فلا بد للعارف أن يكون فيه جزء يطلب مناسبة العالم ولولا ذلك الجزء ما كانت محبة ولا محبوب ولا تصور وجودها وفي كلام عيسى عليه السلام قلب كل انسان حيث ماله فاجعلوا أموالكم فى السماء تكن قلوبكم في السماء فحث أصحابه على الصدقة لما علم ان الصدقة تقع بيد الرحمن وهو يقولء أمنتم من في السماء فانظر ما أعجب كلام النبوة وما أدقه وأحلاء وكذلك لما علم السامري ان حب المال ملصق بالقلوب صاغ لهم العجل من حليهم بمرأى منهم لعلمه ان قلوبهم تابعة لاموالهم ولذلك لما سارعوا الى عبادة العجل دعاهم إليها فعلم ان العارف من حيث سره الرباني مستخلف فيما بيده من المال كالوصى على مال المحجور عليه يخرج عنه الزكاة وليس له فيه شيء ولكن لما كان المؤمن لحجابه يخرجها بحكم الملك فرضت عليه الزكاة لبنال بركات ثواب من رزئ في محبوبه والعارف لا يخرج شيأ بحكم الملك والمحبة كالمؤمن
صفحة رقم 355
انما يخرج امتثالا للامر ولا تؤثر محبت فلمال في محبته الله تعالى لانه ما أحب المال الا بتحبيب الله ومن هنا قال سليمان عليه السلام هب لى ملكا لا ينبغى لاحد من بعدي انك أنت الوهاب فما طلب الا من نسبة فاقة فقير الى عنى ثم اعلم ان المال انما سمى مالا لميل النفوس اليه فان الله تعالى قد أشهد النفوس ما في المال من قضاء الحاجات المجبول عليها الإنسان إذ هو فقير بالذات ولذلك مال الى المال بالطبع الذي لا ينفك عنه ولو كان الزهد في المال حقيقة لم يكن مالا ولكان الزهد في الآخرة أتم مقاما من الزهد في الدنيا وليس الأمر كذلك فان الله تعالى قد وعد بتضعيف الجزاء الحسنة بعشر أمثالها الى سبعمائة ضعف فلو كان القليل منه حجابا لكان الكثير منه أعظم حجابا فالدنيا للعارف صفة سليمانية كمالية وما أليق قوله انك أنت الوهاب أتراه عليه السلام سأل ما
يحجبه عن الله تعالى او سأل ما يبعده من الله تعالى كلا ثم انظر الى تتميم النعمة عليه بدار التكليف بقوله تعالى له هذا عطاؤنا فامنن او أمسك بغير حساب فرفع عنه الحرج في التصرف بالاسم المانع والمعطى واختصه بجنة معجلة في الدنيا وما حجبة ذلك المال عن ربه فانظر الى درجة العارف كيف جمع بين الجنتين وتحقق بالحقيقتين وأخرج زكاة المال الذي بيده عملا بقوله تعالى وأنفقوا مما جعلكم مستخلفين فيه فجعله مالكا للانفاق من حقيقة الهية فيه في مال هو ملك الحقيقة أخرى فيه هو وليها من حيث الحقيقة الالهية لا يَسْتَوِي مِنْكُمْ يا معشر المؤمنين (روى) ان جماعة من الصحابة رضى الله عنهم أنفقوا نفقات كثيرة حتى قال ناس مؤلاء أعظم اجرا من كل من أنفق قديما فنزلت الآية مبينة ان النفقة قبل فتح مكة أعظم أجرا مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ اى فتح مكة الذي أزال الهجرة وقال عليه السلام فيه لا هجرة بعد الفتح ولكن جهاد ونية وهذا قول الجمهور وقال الشعبي هو صلح الحديبية فانه فتح كما سبق في سورة الفتح وَقاتَلَ العدو تحت لواء رسول الله صلّى الله تعالى عليه وسلّم والاستواء يقتضى شيئين فقسيم من أنفق محذوف لوضوحه ودلالة ما بعده عليه اى لا يستوى في الفضل من أنفق من قبل الفتح وقاتل ومن أنفق من بعده وقاتل والظاهر أن من أنفق فاعل لا يستوى وقيل من مبتدأ ولا يستوى خبره ومنكم حال من ضمير لا يستوى لا من ضمير أنفق لضعف تقديم ما في الصلة على الموصول او الصفة على الموصوف ولضعف تقديم الخبر على منكم لان حقه أن يقع بعده ثم في أنفق اشارة الى انفاق المال وما يقدر عليه من القوى وفي قاتل اشارة الى انفاق النفس فان الجهاد سعى فى بذل الوجود ليحصل بالفناء كمال الشهود ولذا قال تعالى ولا تقولوا لمن يقتل في سبيل الله أموات بل أحياء عند ربهم يرزقون فهذه الحياة حياة أخروية باقية عندية فكيف تساويها الحياة الدنيوية الفانية الخلقية مع ان رزق الحياة الفانية ينفد وما عند الله باق ولذا قال أكلها دائم وظلها اى راحتها فالانسان العاقل بترك الراحة الدنيوية اليسيرة لله تعالى يصل الى الراحة الكثيرة الأخروية فشأنه يقتضى الجهاد والقتال أُولئِكَ المنفقون المقاتلون فبل انفتح وهم السابقون الأولون من المهاجرين والأنصار أَعْظَمُ دَرَجَةً وأرفع منزلة عند الله وبعظم الدرجة يكون عظم صاحبها فالدرجة بمعنى المرتبة والطبقة وجمعها درجات وإذا كانت بمعنى المرقاة فجمعها

درج مِنَ الَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ وَقاتَلُوا لانهم انما فعلوا من الانفاق والقتال قبل عزة الإسلام وقوة أهله عند كمال الحاجة الى النصرة بالنفس والمال وهؤلاء فعلوا ما فعلوا بعد ظهور الدين ودخول الناس فيه أفواجا وفلة الحاجة الى الانفاق والقتال وقد صرح عليه السلام ايضا بفضل الأولين بقوله لو أنفق أحدكم مثل أحد ذهبا ما بلغ مد أحد هم ولا نصيفه قال فى القاموس المد بالضم مكيال وهو رطلان او رطل وثلث او ملئ كفى الإنسان المعتدل إذا ملأهما ومديده بهما وبه سمى مدا وقد جربت ذلك فوجدته صحيحا والنصيف والنصف واحد وهو أحد شقى الشيء وللضمير في نصيفه راجع الى أحدهم لا الى المد والمعنى ان أحدكم أيها الصحابة الحاضرون لا يدرك بانفاق مثل جبل أحد ذهبا من الفضيلة ما أدرك أحدهم بانفاق مد من الطعام او نصيف له وفيه اشارة الى ان صحبة السابقين الأولين كاملة بالنسبة الى صحبة اللاحقين الآخرين لسبقهم وتقدمهم وفي الحديث سيأتى قوم بعدكم تحقرون أعمالكم مع أعمالهم قالوا يا رسول الله نحن أفضل أم هم قال لو أن أحدهم أنفق مثل أحد ذهبا ما أدرك فضل أحدكم ولا نصفه فرقت هذه الآية بينكم وبين الناس لا يستوى منكم الآية ذكره ابو الليث في تفسيره وفيه اشارة الى ان الصحابة متفاوتون في الدرجة بالنسبة الى التقدم والتأخر وإحراز الفضائل فكذا الصحابة ومن بعدهم فالصحابة مطلقا أفضل ممن جاء بعدهم مطلقا فانهم السابقون من كل وجه وَكُلًّا اى كل واحد من الفريقين وهو مفعول أول لقوله وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنى اى المثوبة الحسنى وهى الجنة لا الأولين فقط ولكن الدرجات متفاوتة وَاللَّهُ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ بظواهره وبواطنه فيجازيكم بحسبه
قال في المناسبات لما كان زكاء الأعمال انما هو بالنيات وكان التفضيل مناط العلم قال مرغبا في حسن النيات مرهبا من التقصير فيها والله بما تعملون اى تجددون عمله على ممر الأوقات خبير اى عالم بباطنه وظاهره علما لا مزيد عليه بوجه فهو يجعل جزاء الأعمال على قدر النيات التي هى أرواح صورها
عبادت بإخلاص نيت نكوست | وكر نه چهـ آيد زبى مغز پوست |