آيات من القرآن الكريم

أَفَرَأَيْتُمْ مَا تُمْنُونَ
ﭯﭰﭱﭲ ﭴﭵﭶ ﭸﭹﭺﭻﭼ ﭾﭿﮀﮁﮂﮃﮄ ﮆﮇﮈﮉﮊﮋﮌﮍﮎ ﮐﮑﮒﮓﮔﮕ

الْهِيمُ، الْإِبِلُ الْعِطَاشُ الظِّمَاءُ، وَعَنْ عِكْرِمَةَ أَنَّهُ قَالَ: الْهِيمُ الْإِبِلُ الْمِرَاضُ تَمُصُّ الْمَاءَ مَصًّا وَلَا تَرْوَى. وَقَالَ السُّدِّيُّ: الْهِيمُ دَاءٌ يَأْخُذُ الْإِبِلَ فَلَا تَرْوَى أَبَدًا حَتَّى تَمُوتَ، فَكَذَلِكَ أَهْلُ جَهَنَّمَ لَا يَرْوُونَ مِنَ الْحَمِيمِ أَبَدًا. وَعَنْ خَالِدِ بْنِ مَعْدَانَ أَنَّهُ كَانَ يَكْرَهُ أَنْ يَشْرَبَ شُرْبَ الْهِيمِ عَبَّةً وَاحِدَةً مِنْ غَيْرِ أَنْ يَتَنَفَّسَ ثَلَاثًا، ثُمَّ قَالَ تَعَالَى: هَذَا نُزُلُهُمْ يَوْمَ الدِّينِ أَيْ هَذَا الَّذِي وَصَفْنَا هُوَ ضِيَافَتُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ يَوْمَ حِسَابِهِمْ، كما قال تعالى فِي حَقِّ الْمُؤْمِنِينَ: إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ كانَتْ لَهُمْ جَنَّاتُ الْفِرْدَوْسِ نُزُلًا [الْكَهْفِ: ١٠٧] أي ضيافة وكرامة.
[سورة الواقعة (٥٦) : الآيات ٥٧ الى ٦٢]
نَحْنُ خَلَقْناكُمْ فَلَوْلا تُصَدِّقُونَ (٥٧) أَفَرَأَيْتُمْ مَا تُمْنُونَ (٥٨) أَأَنْتُمْ تَخْلُقُونَهُ أَمْ نَحْنُ الْخالِقُونَ (٥٩) نَحْنُ قَدَّرْنا بَيْنَكُمُ الْمَوْتَ وَما نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ (٦٠) عَلى أَنْ نُبَدِّلَ أَمْثالَكُمْ وَنُنْشِئَكُمْ فِي مَا لَا تَعْلَمُونَ (٦١)
وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ النَّشْأَةَ الْأُولى فَلَوْلا تَذَكَّرُونَ (٦٢)
يَقُولُ تعالى مقررا للمعاد، ورادا عَلَى الْمُكَذِّبِينَ بِهِ مِنْ أَهْلِ الزَّيْغِ، وَالْإِلْحَادِ من الذين قالوا أَإِذا مِتْنا وَكُنَّا تُراباً وَعِظاماً أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ [الصَّافَّاتِ: ١٦] وَقَوْلُهُمْ ذَلِكَ صَدَرَ مِنْهُمْ عَلَى وجه التكذيب والاستبعاد. فقال تعالى: نَحْنُ خَلَقْناكُمْ أَيْ نَحْنُ ابْتَدَأْنَا خَلْقَكُمْ بَعْدَ أَنْ لَمْ تَكُونُوا شَيْئًا مَذْكُورًا، أَفَلَيْسَ الَّذِي قَدَرَ عَلَى الْبَدَاءَةِ بِقَادِرٍ عَلَى الْإِعَادَةِ بِطَرِيقِ الأولى والأحرى؟ ولهذا قَالَ:
فَلَوْلا تُصَدِّقُونَ أَيْ فَهَلَّا تُصَدِّقُونَ بِالْبَعْثِ! ثُمَّ قَالَ مُسْتَدِلًّا عَلَيْهِمْ بِقَوْلِهِ: أَفَرَأَيْتُمْ مَا تُمْنُونَ أَأَنْتُمْ تَخْلُقُونَهُ أَمْ نَحْنُ الْخالِقُونَ أَيْ أَنْتُمْ تُقِرُّونَهُ فِي الْأَرْحَامِ وَتَخْلُقُونَهُ فِيهَا أَمِ الله الخالق لذلك؟ ثم قال تعالى: نَحْنُ قَدَّرْنا بَيْنَكُمُ الْمَوْتَ أَيْ صَرَّفْنَاهُ بَيْنَكُمْ، وَقَالَ الضَّحَّاكُ: سَاوَى فِيهِ بَيْنَ أَهْلِ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَما نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ أَيْ وَمَا نَحْنُ بِعَاجِزِينَ عَلى أَنْ نُبَدِّلَ أَمْثالَكُمْ
أَيْ نُغَيِّرُ خُلُقَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ.
وَنُنْشِئَكُمْ فِي مَا لَا تَعْلَمُونَ
أَيْ مِنَ الصِّفَاتِ وَالْأَحْوَالِ. ثُمَّ قَالَ تعالى: وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ النَّشْأَةَ الْأُولى فَلَوْلا تَذَكَّرُونَ أَيْ قَدْ عَلِمْتُمْ أَنَّ اللَّهَ أَنْشَأَكُمْ بَعْدَ أَنْ لَمْ تَكُونُوا شَيْئًا مَذْكُورًا، فَخَلَقَكُمْ وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ، فَهَلَّا تَتَذَكَّرُونَ وَتَعْرِفُونَ أَنَّ الَّذِي قَدَرَ عَلَى هَذِهِ النَّشْأَةِ وَهِيَ الْبَدَاءَةُ، قَادِرٌ عَلَى النَّشْأَةِ الْأُخْرَى وَهِيَ الْإِعَادَةُ بِطَرِيقِ الأولى والأحرى، كما قال تعالى: وَهُوَ الَّذِي يَبْدَؤُا الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ [الرُّومِ: ٢٧] وقال تعالى: أَوَلا يَذْكُرُ الْإِنْسانُ أَنَّا خَلَقْناهُ مِنْ قَبْلُ وَلَمْ يَكُ شَيْئاً [مَرْيَمَ: ٦٧] وَقَالَ أَوَلَمْ يَرَ الْإِنْسانُ أَنَّا خَلَقْناهُ مِنْ نُطْفَةٍ فَإِذا هُوَ خَصِيمٌ مُبِينٌ وَضَرَبَ لَنا مَثَلًا وَنَسِيَ خَلْقَهُ قالَ مَنْ يُحْيِ الْعِظامَ وَهِيَ رَمِيمٌ قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَها أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ [يس: ٧٧- ٧٩] وَقَالَ تَعَالَى: أَيَحْسَبُ الْإِنْسانُ أَنْ يُتْرَكَ سُدىً أَلَمْ يَكُ نُطْفَةً مِنْ مَنِيٍّ يُمْنى ثُمَّ كانَ عَلَقَةً فَخَلَقَ فَسَوَّى فَجَعَلَ مِنْهُ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالْأُنْثى أَلَيْسَ ذلِكَ بِقادِرٍ عَلى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتى [القيامة: ٣٦- ٤٠].

صفحة رقم 27
تفسير القرآن العظيم
عرض الكتاب
المؤلف
أبو الفداء إسماعيل بن عمر بن كثير القرشي البصري ثم الدمشقي
تحقيق
محمد حسين شمس الدين
الناشر
دار الكتب العلمية، منشورات محمد علي بيضون - بيروت
الطبعة
الأولى - 1419 ه
عدد الأجزاء
1
التصنيف
كتب التفسير
اللغة
العربية