آيات من القرآن الكريم

وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ
ﭨﭩﭪﭫﭬ

مِثْلَ الْجَمْرَةِ، فَأَمَّا الْمُؤْمِنُ فَيُجِيزُهُ لَا يَضُرُّهُ، وَأَمَّا الْمُنَافِقُ فَيَتَعَلَّقُ حَتَّى إِذَا بَلَغَ أَوْسَطَهُ خَرَّ مِنْ قَدِمِهِ فَيَهْوِي بِيَدِهِ إِلَى قَدَمَيْهِ، فَتَضْرِبُهُ الزَّبَانِيَةُ بِخُطَّافٍ فِي نَاصِيَتِهِ وَقَدَمِهِ، فَتَقْذِفُهُ فِي جَهَنَّمَ، فَيَهْوِي (١) فِيهَا مِقْدَارَ خَمْسِينَ عَامًا". قُلْتُ: مَا ثِقَلُ الرَّجُلِ؟ قَالَتْ: ثِقَلُ عَشْرِ خَلِفَاتٍ سِمَانٍ، فَيَوْمَئِذٍ يُعْرَفُ الْمُجْرِمُونَ بِسِيمَاهُمْ فَيُؤْخَذُ بِالنَّوَاصِي وَالْأَقْدَامِ.
هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ [جِدًّا] (٢)، وَفِيهِ أَلْفَاظٌ مُنْكَرٌ رَفْعُهَا، وَفِي الْإِسْنَادِ مَنْ لَمْ يُسَمّ، وَمِثْلُهُ لَا يُحْتَجُّ بِهِ (٣)، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَقَوْلُهُ: ﴿هَذِهِ جَهَنَّمُ الَّتِي يُكَذِّبُ بِهَا الْمُجْرِمُونَ﴾ أَيْ: هَذِهِ النَّارُ الَّتِي كُنْتُمْ تُكَذِّبُونَ بِوُجُودِهَا هَا هِيَ حَاضِرَةٌ تُشَاهِدُونَهَا عِيَانًا، يُقَالُ لَهُمْ ذَلِكَ تَقْرِيعًا وَتَوْبِيخًا وَتَصْغِيرًا وَتَحْقِيرًا.
وَقَوْلُهُ: ﴿يَطُوفُونَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ حَمِيمٍ آنٍ﴾ أَيْ: تَارَةً يُعَذَّبُونَ فِي الْجَحِيمِ، وَتَارَةً يُسْقَوْنَ مِنَ الْحَمِيمِ، وَهُوَ الشَّرَابُ الَّذِي هُوَ كَالنُّحَاسِ الْمُذَابِ، يُقَطِّعُ الْأَمْعَاءَ وَالْأَحْشَاءَ، وَهَذِهِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿إِذِ الأغْلالُ فِي أَعْنَاقِهِمْ وَالسَّلاسِلُ يُسْحَبُونَ. فِي الْحَمِيمِ ثُمَّ فِي النَّارِ يُسْجَرُونَ﴾ [غَافِرٍ: ٧١، ٧٢].
وَقَوْلُهُ: ﴿آنٍ﴾ أَيْ: حَارٌّ وَقَدْ بَلَغَ الْغَايَةَ فِي الْحَرَارَةِ، لَا يُسْتَطَاعُ مِنْ شِدَّةِ ذَلِكَ.
قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ: ﴿يَطُوفُونَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ حَمِيمٍ آنٍ﴾ قَدِ انْتَهَى غلْيه، وَاشْتَدَّ حَرُّهُ. وَكَذَا قَالَ مُجَاهِدٌ، وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ، وَالضَّحَّاكُ، وَالْحَسَنُ، وَالثَّوْرِيُّ، وَالسُّدِّيُّ.
وَقَالَ قَتَادَةُ: قَدْ أنَى طَبْخُهُ مُنْذُ خَلَقَ الله السموات وَالْأَرْضَ. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ كَعْبٍ الْقُرَظِيُّ: يُؤْخَذُ الْعَبْدُ فيحرّكُ بِنَاصِيَتِهِ فِي ذَلِكَ الْحَمِيمِ، حَتَّى يَذُوبَ (٤) اللَّحْمُ وَيَبْقَى الْعَظْمُ وَالْعَيْنَانِ فِي الرَّأْسِ. وَهِيَ كَالَّتِي يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿فِي الْحَمِيمِ ثُمَّ فِي النَّارِ يُسْجَرُونَ﴾. والحميم الآن: يَعْنِي الْحَارَّ. وَعَنِ الْقُرَظِيِّ رِوَايَةٌ أُخْرَى: ﴿حَمِيمٍ آنٍ﴾ أَيْ: حَاضِرٌ. وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ زَيْدٍ أَيْضًا، وَالْحَاضِرُ، لَا يُنَافِي مَا رُوِيَ عَنِ الْقُرَظِيِّ أَوَّلًا أَنَّهُ الْحَارُّ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿تُسْقَى مِنْ عَيْنٍ آنِيَةٍ﴾ [الْغَاشِيَةِ: ٥] أَيْ حَارَّةٍ شَدِيدَةِ الْحَرِّ لَا تُسْتَطَاعُ. وَكَقَوْلِهِ: ﴿غَيْرَ نَاظِرِينَ إِنَاهُ﴾ [الْأَحْزَابِ: ٥٣] يَعْنِي: اسْتِوَاءَهُ وَنُضْجَهُ. فَقَوْلُهُ: ﴿حَمِيمٍ آنٍ﴾ أَيْ: حَمِيمٌ حَارٌّ جِدًّا. وَلَمَّا كَانَ مُعَاقَبَةُ الْعُصَاةِ (٥) الْمُجْرِمِينَ وَتَنْعِيمُ الْمُتَّقِينَ مِنْ فَضْلِهِ وَرَحْمَتِهِ وَعَدْلِهِ وَلُطْفِهِ بِخُلُقِهِ، وَكَانَ إِنْذَارُهُ لَهُمْ عَذَابَهُ وَبَأْسَهُ مِمَّا يَزْجُرُهُمْ عَمَّا هُمْ فِيهِ مِنَ الشِّرْكِ وَالْمَعَاصِي وَغَيْرِ ذَلِكَ، قَالَ مُمْتَنًّا بِذَلِكَ عَلَى بَرِيَّتِهِ: ﴿فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ﴾.
﴿وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ (٤٦) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (٤٧) ذَوَاتَا أَفْنَانٍ (٤٨) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (٤٩) فِيهِمَا عَيْنَانِ تَجْرِيَانِ (٥٠) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (٥١) فِيهِمَا مِنْ كُلِّ فَاكِهَةٍ زَوْجَانِ (٥٢) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (٥٣) ﴾.

(١) في م: "فهوى".
(٢) زيادة من م.
(٣) رواه عبد الرزاق في المصنف كما في الدر المنثور (٧/٧٠٤) عن رجل من كنده بنحوه.
(٤) في م: "حتى تذوب".
(٥) في أ: "العاصين".

صفحة رقم 500

قَالَ ابْنُ شَوْذب، وَعَطَاءٌ الْخُرَاسَانِيُّ: نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ: ﴿وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ﴾ فِي أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ.
وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُصَفَّى، حَدَّثَنَا بَقيَّة، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي مَرْيَمَ، عَنْ عَطِيَّةَ بْنِ قَيْسٍ فِي قَوْلِهِ: ﴿وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ﴾ : نَزَلَتْ فِي الَّذِي قَالَ: أَحْرِقُونِي بِالنَّارِ، لَعَلِّي أُضِلُّ اللَّهَ، قَالَ: تَابَ يَوْمًا وَلَيْلَةً بَعْدَ أَنْ تَكَلَّمَ بِهَذَا، فَقَبِلَ اللَّهُ مِنْهُ وَأَدْخَلَهُ الْجَنَّةَ.
وَالصَّحِيحُ أَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ عَامَّةٌ كَمَا قَالَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ وَغَيْرُهُ، يَقُولُ تَعَالَى: وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَهُ بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ، عَزَّ وَجَلَّ، يَوْمَ الْقِيَامَةِ، ﴿وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى﴾ [النَّازِعَاتِ: ٤٠]، وَلَمْ يَطْغَ، وَلَا آثَرَ الدُّنْيَا، وَعَلِمَ أَنَّ الْآخِرَةَ خَيْرٌ وَأَبْقَى، فَأَدَّى فَرَائِضَ اللَّهِ، وَاجْتَنَبَ مَحَارِمَهُ، فَلَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عِنْدَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ، كَمَا قَالَ الْبُخَارِيُّ، رَحِمَهُ اللَّهُ.
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي الْأَسْوَدِ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ الصَّمَدِ العَمّي، حَدَّثَنَا أَبُو عِمْران الجَوْني، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قَيْسٍ، عَنْ أَبِيهِ؛ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "جَنَّتَانِ مِنْ فِضَّةٍ، آنِيَتُهُمَا وَمَا فِيهِمَا، وَجَنَّتَانِ مِنْ ذَهَبٍ آنِيَتُهُمَا وَمَا فِيهِمَا، وَمَا بَيْنَ الْقَوْمِ وَبَيْنَ أَنْ يَنْظُرُوا إِلَى رَبِّهِمْ عَزَّ وَجَلَّ إِلَّا رداءُ الْكِبْرِيَاءِ عَلَى وَجْهِهِ فِي جَنَّةِ عَدْنٍ".
وَأَخْرَجَهُ بَقِيَّةُ الْجَمَاعَةِ إِلَّا أَبَا دَاوُدَ، مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، بِهِ (١).
وَقَالَ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي مُوسَى، عَنْ أَبِيهِ -قَالَ حَمَّادٌ: وَلَا أَعْلَمُهُ إِلَّا قَدْ رَفَعَهُ-فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ﴾، وَفِي قَوْلِهِ: ﴿وَمِنْ دُونِهِمَا جَنَّتَانِ﴾ [قَالَ] :(٢) جَنَّتَانِ مِنْ ذَهَبٍ لِلْمُقَرَّبِينَ، وَجَنَّتَانِ مِنْ ورِق لِأَصْحَابِ الْيَمِينِ.
وَقَالَ ابْنُ جَرِيرٍ: حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا بْنُ يَحْيَى بْنِ أَبَانٍ الْمِصْرِيُّ (٣)، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنْ مُحَمَّدٍ بْنِ أَبِي حَرْمَلَة، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَار، أَخْبَرَنِي أَبُو الدَّرْدَاءِ؛ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَرَأَ يَوْمًا هذه الآية: ﴿وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ﴾، فَقُلْتُ: وَإِنْ زَنَى أَوْ سَرَقَ؟ فَقَالَ: ﴿وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ﴾، فَقُلْتُ: وَإِنْ زَنَى وَإِنْ سَرَقَ؟ فَقَالَ: ﴿وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ﴾. فَقُلْتُ: وَإِنْ زَنَى وَإِنْ سَرَقَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ فَقَالَ: "وَإِنْ رَغِمَ أَنْفُ أَبِي الدَّرْدَاءِ".
وَرَوَاهُ النَّسَائِيُّ مِنْ حَدِيثِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي حَرْمَلَة، بِهِ (٤) وَرَوَاهُ النَّسَائِيُّ أَيْضًا عَنْ مؤمِّل (٥) بْنِ هِشَامٍ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ، عَنِ الجُرَيري، عَنْ مُوسَى، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ، بِهِ (٦). وَقَدْ رُوِيَ مَوْقُوفًا عَلَى أَبِي الدَّرْدَاءِ. وَرُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: إِنَّ مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ لم يزْنِ

(١) صحيح البخاري برقم (٤٨٧٨) وصحيح مسلم برقم (١٨٠) وسنن الترمذي برقم (٢٥٢٨) والنسائي في السنن الكبرى برقم (٧٧٦٥) وسنن ابن ماجه برقم (١٨٦).
(٢) زيادة من أ.
(٣) في م: "المقري".
(٤) تفسير الطبري (٥/٤٩٠) "ط. المعارف"، والنسائي في السنن الكبرى برقم (١١٥٦٠).
(٥) في أ: "موسى".
(٦) النسائي في السنن الكبرى برقم (١١٥٦١).

صفحة رقم 501

وَلَمْ يَسْرِقْ.
وَهَذِهِ الْآيَةُ عَامَّةٌ فِي الْإِنْسِ وَالْجِنِّ، فَهِيَ مِنْ أَدَلِّ دَلِيلٍ عَلَى أَنَّ الْجِنَّ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ إِذَا آمَنُوا وَاتَّقَوْا؛ وَلِهَذَا امْتَنَّ اللَّهُ تَعَالَى عَلَى الثَّقَلَيْنِ بِهَذَا الْجَزَاءِ فَقَالَ: ﴿وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ. فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ﴾.
ثُمَّ نَعَتَ هَاتَيْنِ الْجَنَّتَيْنِ فَقَالَ: ﴿ذَوَاتَا أَفْنَانٍ﴾ أَيْ: أَغْصَانٍ نَضِرَة حَسَنَةٍ، تَحْمِلُ مِنْ كُلِّ ثَمَرَةٍ نَضِيجَةٍ فَائِقَةٍ، ﴿فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ﴾. هَكَذَا (١) قَالَ عَطَاءٌ الْخُرَاسَانِيُّ وَجَمَاعَةٌ: إِنَّ الْأَفْنَانَ أَغْصَانُ الشجَر يَمَسُّ بعضُها بَعْضًا.
وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ، حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ قُتَيْبَةَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ النُّعْمَانِ، سَمِعْتُ عِكْرِمَةَ يَقُولُ: ﴿ذَوَاتَا أَفْنَانٍ﴾، يَقُولُ: ظِل الْأَغْصَانِ عَلَى الْحِيطَانِ، أَلَمْ تَسْمَعْ قَوْلَ الشَّاعِرِ حَيْثُ يَقُولُ:
مَا هاجَ شَوقَكَ مِنْ هَديل حَمَامَةٍ... تَدْعُو عَلَى فَنَن الغُصُون حَمَاما...

تَدْعُو أَبَا فَرْخَين صَادَفَ طَاوِيًا ذَا مِخْلَبَيْنِ مِنَ الصُّقُورِ قَطاما (٢)
وَحَكَى الْبَغَوِيُّ، عَنْ مُجَاهِدٍ، وَعِكْرِمَةَ، وَالضَّحَّاكِ، وَالْكَلْبِيِّ: أَنَّهُ الْغُصْنُ الْمُسْتَقِيمُ (٣) [طِوَالًا] (٤).
قَالَ: وَحَدَّثَنَا أَبُو سَعِيدٍ الْأَشَجُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ السَّلَامِ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا عَطَاءُ بْنُ السَّائِبِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: ﴿ذَوَاتَا أَفْنَانٍ﴾ : ذَوَاتَا أَلْوَانٍ.
قَالَ: وَ [قَدْ] (٥) رُوِيَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، وَالْحَسَنِ، وَالسُّدِّيِّ، وخُصَيف، وَالنَّضْرِ بْنِ عَرَبِيٍّ (٦)، وَأَبِي سِنَان مِثْلُ ذَلِكَ. وَمَعْنَى هَذَا الْقَوْلِ أَنَّ فِيهِمَا فُنُونًا مِنَ الْمَلَاذِّ، وَاخْتَارَهُ ابْنُ جَرِيرٍ.
وَقَالَ عَطَاءٌ: كُلُّ غُصْنٍ يَجْمَعُ فُنُونًا مِنَ الْفَاكِهَةِ، وَقَالَ الرَّبِيعُ بْنُ أَنَسٍ: ﴿ذَوَاتَا أَفْنَانٍ﴾ : وَاسِعَتَا الْفِنَاءِ.
وَكُلُّ هَذِهِ الْأَقْوَالِ صَحِيحَةٌ، وَلَا مُنَافَاةَ بَيْنَهَا، وَاللَّهُ أَعْلَمُ. وَقَالَ قَتَادَةُ: ﴿ذَوَاتَا أَفْنَانٍ﴾ يُنْبِئُ بِسِعَتِهَا وَفَضْلِهَا (٧) وَمَزِيَّتِهَا عَلَى مَا سِوَاهَا.
وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، عَنْ يَحْيَى بْنِ عَبَّادِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَسْمَاءَ (٨) قَالَتْ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -وَذَكَرَ سِدْرَةَ الْمُنْتَهَى-فَقَالَ: "يَسِيرُ فِي ظِلِّ الفَنَن مِنْهَا الرَّاكِبُ مِائَةَ سَنَةٍ-أَوْ قَالَ: يَسْتَظِلُّ فِي ظِلِّ الفَنَن مِنْهَا مِائَةُ رَاكِبٍ-فِيهَا فِرَاشُ الذَّهَبِ، كَأَنَّ ثَمَرَهَا القِلال".
(١) في أ: "وكذا".
(٢) رواه عبد بن حميد وابن المنذر وأبو بكر بن حيان في الفنون وابن الأنباري في الوقف والابتداء كما في الدر المنثور (٧/٧٠٩).
(٣) في م: "الغصن المنيف طولا".
(٤) زيادة من أ.
(٥) زيادة من م.
(٦) في أ: "عدي".
(٧) في م: "بفضلها وسعتها".
(٨) في م: "أسماء بنت يزيد"، وفي ا: "أسماء بنت أبي بكر".

صفحة رقم 502
تفسير القرآن العظيم
عرض الكتاب
المؤلف
أبو الفداء إسماعيل بن عمر بن كثير القرشي البصري ثم الدمشقي
تحقيق
سامي سلامة
الناشر
دار طيبة للنشر والتوزيع
سنة النشر
1420
الطبعة
الثانية
عدد الأجزاء
8
التصنيف
كتب التفسير
اللغة
العربية