آيات من القرآن الكريم

نِعْمَةً مِنْ عِنْدِنَا ۚ كَذَٰلِكَ نَجْزِي مَنْ شَكَرَ
ﰋﰌﰍﰎﰏﰐﰑ ﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙ ﭛﭜﭝﭞ ﭠﭡﭢﭣ ﭥﭦﭧﭨﭩﭪﭫﭬ ﭮﭯﭰﭱﭲﭳﭴ ﭶﭷﭸﭹ ﭻﭼﭽﭾﭿﮀﮁﮂﮃﮄ ﮆﮇﮈﮉﮊﮋﮌﮍ

قوله: «ألا وقول الزور، ألا وقول الزور، ألا وقول الزور». وكان ﷺ إذا سلم على قوم سلم عليهم ثلاثا، فهذا كله نحو واحد وإن تنوع، و: ثَمُودُ قبيلة صالح عليه السلام وهم أهل الحجر.
وقرأ الجمهور: «أبشرا منا واحدا» ونصب قوله «بشرا» بإضمار «فهل» يدل عليه قوله: نَتَّبِعُهُ، و: «واحدا» نعت ل «بشر». وقرأ أبو السمال: «أبشر منا واحدا نتبعه» ورفعه إما على إضمار فعل مبني للمفعول، التقدير: أينبأ بشر، وإما على الابتداء والخبر في قوله نَتَّبِعُهُ و: «واحدا» على هذه القراءة إما من الضمير في: نَتَّبِعُهُ وإما عن المقدر مع: مِنَّا كأنه يقول: أبشر كائن منا واحدا، وفي هذا نظر.
وحكى أبو عمر والداني قراءة أبي السمال: «أبشر منا واحد» بالرفع فيهما.
وهذه المقالة من ثمود حسد منهم واستبعاد منهم أن يكون نوع المبشر يفضل بعضه بعضا هذا الفضل فقالوا: أنكون جمعا ونتبع واحدا، ولم يعلموا أن الفضل بيد الله، يؤتيه من يشاء، ويفيض نور الهدى من رضيه.
وقوله: في ضَلالٍ معناه: في أمر متلف مهلك بالإتلاف، وَسُعُرٍ معناه: في احتراق أنفس واستعارها حنقا وهما باتباعه، وقيل في السعر: العناء، وقاله قتادة. وقيل الجنون، ومنه قولهم ناقة بمعنى مسعورة، إذا كانت تفرط في سيرها، ثم زادوا في التوقي بقولهم: أَأُلْقِيَ الذِّكْرُ عَلَيْهِ مِنْ بَيْنِنا، وأُلْقِيَ بمعنى أنزل، وكأنه يتضمن عجلة في الفعل، والعرب تستعمل هذا الفعل، ومنه قوله تعالى: وَأَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً مِنِّي [طه: ٣٩] ومنه قوله: إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلًا ثَقِيلًا [المزمل: ٥]، والذِّكْرُ هنا:
الرسالة وما يمكن أن جاءهم به من الحكمة والموعظة، ثم قالوا: بَلْ هُوَ كَذَّابٌ أَشِرٌ أي ليس الأمر كما يزعم، والأشر: البطر والمرح، فكأنهم رموه بأنه أَشِرٌ، فأراد العلو عليهم وأن يقتادهم ويتملك طاعتهم فقال الله تعالى لصالح: سَيَعْلَمُونَ غَداً وهذه بالياء من تحت قراءة علي بن أبي طالب وجمهور الناس.
وقرأ ابن عامر وحمزة وحفص عن عاصم وابن وثاب وطلحة والأعمش «ستعلمون» بالتاء على معنى قل لهم يا صالح.
وقوله: غَداً تقريب يريد به الزمان المستقبل، لا يوما بعينه، ونحو المثل: مع اليوم غد.
وقرأ جمهور الناس: «الأشر» بكسر السين كحذر بكسر الذال. وقرأ مجاهد فيما ذكر عنه الكسائي:
«الأشر» بضم الشين كحذر بضم الذال، وهما بناءان من اسم الفاعل. وقرأ أبو حيوة: «الأشر» بفتح الشين، كأنه وصف بالمصدر. وقرأ أبو قلابة: «الأشرّ» بفتح الشين وشد الراء، وهو الأفعل، ولا يستعمل بالألف واللام وهو كان الأصل لكنه رفض تخفيفا وكثرة استعمال.
قوله عز وجل:
[سورة القمر (٥٤) : الآيات ٢٧ الى ٣٥]
إِنَّا مُرْسِلُوا النَّاقَةِ فِتْنَةً لَهُمْ فَارْتَقِبْهُمْ وَاصْطَبِرْ (٢٧) وَنَبِّئْهُمْ أَنَّ الْماءَ قِسْمَةٌ بَيْنَهُمْ كُلُّ شِرْبٍ مُحْتَضَرٌ (٢٨) فَنادَوْا صاحِبَهُمْ فَتَعاطى فَعَقَرَ (٢٩) فَكَيْفَ كانَ عَذابِي وَنُذُرِ (٣٠) إِنَّا أَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ صَيْحَةً واحِدَةً فَكانُوا كَهَشِيمِ الْمُحْتَظِرِ (٣١)
وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ (٣٢) كَذَّبَتْ قَوْمُ لُوطٍ بِالنُّذُرِ (٣٣) إِنَّا أَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ حاصِباً إِلاَّ آلَ لُوطٍ نَجَّيْناهُمْ بِسَحَرٍ (٣٤) نِعْمَةً مِنْ عِنْدِنا كَذلِكَ نَجْزِي مَنْ شَكَرَ (٣٥)

صفحة رقم 217

هذه النَّاقَةِ التي اقترحوها أن تخرج لهم من صخرة صماء من الجبل، وقد تقدم قصصها، فأخبر الله تعالى صالحا على جهة التأنيس أنه يخرج لهم الناقة ابتلاء واختبارا، ثم أمره بارتقاب الفرج وبالصبر.
وَاصْطَبِرْ أصله: اصتبر. افتعل، أبدلت التاء طاء لتناسب الصاد. ثم أمره بأن يخبر ثمود أَنَّ الْماءَ قِسْمَةٌ بَيْنَهُمْ: والْماءَ: هو ماء البئر التي كانت لهم، واختلف المتأولون في معنى هذه القسمة، فقال جمهور منهم قِسْمَةٌ بَيْنَهُمْ: يتواسونه في اليوم الذي لا ترده الناقة وذلك فيما روي أن الناقة كانت ترد البئر غبا، وتحتاج جميع مائه يومها، فنهاهم الله عن أن يستأثر أهل اليوم الذي لا ترد الناقة فيه بيومهم، وأمرهم بالتواسي مع الذين ترد الناقة في يومهم. وقال آخرون معناه: الماء بين جميعهم وبين الناقة قسمة.
و: مُحْتَضَرٌ معناه: محضور مشهود متواسى فيه، وقال مجاهد المعنى: كُلُّ شِرْبٍ أي من الماء يوما ومن لبن الناقة يوما مُحْتَضَرٌ لهم، فكأنه أنبأهم الله عليهم في ذلك. و: صاحِبَهُمْ هو قدار بن سالف، وبسببه سمي الجزار القدار لشبه في الفعل، قال الشاعر [عدي بن ربيعة] :[الكامل]

إنا لنضرب بالسيوف رؤوسهم ضرب القدار نقيعة القدام
وقد تقدم شرح أمر قدار بن سالف. و: «تعاطى» مطاوع عاطى، فكأن هذه الفعلة تدافعها الناس وأعطاها بعضهم بعضا، فتعاطاها هو وتناول العقر بيده، قاله ابن عباس، ويقال للرجل الذي يدخل نفسه في تحمل الأمور الثقال متعاط على الوجه الذي ذكرناه، والأصل عطا يعطو، إذا تناول، ثم يقال: عاطى، وهو كما تقول: جرى وجارى وتجارى وهذا كثير، ويروى أنه كان مع شرب وهم التسعة الرهط، فاحتاجوا ماء فلم يجدوه بسبب ورد الناقة، فحمله أصحابه على عقرها. ويروى أن ملأ القبيل اجتمع على أن يعقرها، ورويت أسباب غير هذين، وقد تقدم ذلك.
والصيحة: يروى أن جبريل عليه السلام صاحها في طرف من منازلهم فتفتتوا وهمدوا فَكانُوا كَهَشِيمِ الْمُحْتَظِرِ. والهشيم: ما تفتت وتهشم من الأشياء.
وقرأ جمهور الناس: «كهشيم المحتظر» بكسر الظاء، ومعناه: الذي يصنع حظيرة من الرعاء ونحوهم قاله أبو إسحاق السبيعي والضحاك وابن زيد، وهي مأخوذة من الحظر وهو المنع، والعرب وأهل البوادي يصنعونها للمواشي وللسكنى أيضا من الأغصان والشجر المورق والقصب ونحوه، وهذا كله هشيم يتفتت إما في أول الصنعة، وإما عند بلى الحظيرة وتساقط أجزائها. وحكى الطبري عن ابن عباس وقتادة أن «المحتظر» معناه: المحترق. قال قتادة: كهشيم محرق. وقرأ الحسن بن أبي الحسن وأبو رجاء: «المحتظر» بفتح الظاء، ومعناه: الموضع الذي احتظر، فهو مفعل من الحظر، أو الشيء الذي احتظر به. وقد روي عن سعيد بن جبير أنه فسر: كَهَشِيمِ الْمُحْتَظِرِ بأن قال: هو التراب الذي سقط من الحائط البالي، وهذا متوجه، لأن الحائط حظيرة، والساقط هشيم. وقال أيضا هو وغيره: الْمُحْتَظِرِ، معناه: المحرق بالنار،

صفحة رقم 218
المحرر الوجيز فى تفسير الكتاب العزيز
عرض الكتاب
المؤلف
أبو محمد عبد الحق بن غالب بن عبد الرحمن بن تمام بن عطية الأندلسي المحاربي
تحقيق
عبد السلام عبد الشافي محمد
الناشر
دار الكتب العلمية - بيروت
سنة النشر
1422 - 2001
الطبعة
الأولى
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية