آيات من القرآن الكريم

نِعْمَةً مِنْ عِنْدِنَا ۚ كَذَٰلِكَ نَجْزِي مَنْ شَكَرَ
ﭤﭥﭦﭧﭨﭩﭪﭫﭬﭭ ﭯﭰﭱﭲﭳ ﭵﭶﭷﭸﭹ ﭻﭼﭽﭾﭿﮀﮁﮂﮃ ﮅﮆﮇﮈﮉ ﮋﮌﮍﮎﮏﮐ ﮒﮓﮔﮕﮖﮗ ﮙﮚﮛﮜ ﮞﮟﮠﮡﮢﮣﮤ ﮦﮧﮨﮩﮪﮫ ﮭﮮﮯﮰﮱﯓﯔﯕﯖ ﯘﯙﯚﯛﯜﯝ ﯟﯠﯡﯢ ﯤﯥﯦﯧﯨﯩﯪ ﯬﯭﯮ ﯰﯱﯲﯳﯴﯵﯶﯷﯸﯹ ﯻﯼﯽﯾﯿﰀﰁﰂﰃ ﰅﰆﰇﰈﰉ ﰋﰌﰍﰎﰏﰐﰑ ﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙ ﭛﭜﭝﭞ ﭠﭡﭢﭣ ﭥﭦﭧﭨﭩﭪﭫﭬ ﭮﭯﭰﭱﭲﭳﭴ ﭶﭷﭸﭹ ﭻﭼﭽﭾﭿﮀﮁﮂﮃﮄ ﮆﮇﮈﮉﮊﮋﮌﮍ ﮏﮐﮑﮒﮓ ﮕﮖﮗﮘﮙﮚﮛﮜﮝ ﮟﮠﮡﮢﮣ ﮥﮦﮧ ﮩﮪﮫﮬﮭﮮﮯ ﮱﯓﯔﯕﯖ ﯘﯙﯚﯛﯜﯝﯞ

والمكذبين من الجملة، فهذه مهمة النبي المستمرة، وإنما هو تعبير أسلوبي يتضمن التسلية والتهوين، وقد تكرر بعبارات مماثلة حينما كان يشتدّ لجاج الكفار والمكذبين مما مرّت أمثلة منه.
[سورة القمر (٥٤) : الآيات ٩ الى ٤٢]
كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ فَكَذَّبُوا عَبْدَنا وَقالُوا مَجْنُونٌ وَازْدُجِرَ (٩) فَدَعا رَبَّهُ أَنِّي مَغْلُوبٌ فَانْتَصِرْ (١٠) فَفَتَحْنا أَبْوابَ السَّماءِ بِماءٍ مُنْهَمِرٍ (١١) وَفَجَّرْنَا الْأَرْضَ عُيُوناً فَالْتَقَى الْماءُ عَلى أَمْرٍ قَدْ قُدِرَ (١٢) وَحَمَلْناهُ عَلى ذاتِ أَلْواحٍ وَدُسُرٍ (١٣)
تَجْرِي بِأَعْيُنِنا جَزاءً لِمَنْ كانَ كُفِرَ (١٤) وَلَقَدْ تَرَكْناها آيَةً فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ (١٥) فَكَيْفَ كانَ عَذابِي وَنُذُرِ (١٦) وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ (١٧) كَذَّبَتْ عادٌ فَكَيْفَ كانَ عَذابِي وَنُذُرِ (١٨)
إِنَّا أَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ رِيحاً صَرْصَراً فِي يَوْمِ نَحْسٍ مُسْتَمِرٍّ (١٩) تَنْزِعُ النَّاسَ كَأَنَّهُمْ أَعْجازُ نَخْلٍ مُنْقَعِرٍ (٢٠) فَكَيْفَ كانَ عَذابِي وَنُذُرِ (٢١) وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ (٢٢) كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِالنُّذُرِ (٢٣)
فَقالُوا أَبَشَراً مِنَّا واحِداً نَتَّبِعُهُ إِنَّا إِذاً لَفِي ضَلالٍ وَسُعُرٍ (٢٤) أَأُلْقِيَ الذِّكْرُ عَلَيْهِ مِنْ بَيْنِنا بَلْ هُوَ كَذَّابٌ أَشِرٌ (٢٥) سَيَعْلَمُونَ غَداً مَنِ الْكَذَّابُ الْأَشِرُ (٢٦) إِنَّا مُرْسِلُوا النَّاقَةِ فِتْنَةً لَهُمْ فَارْتَقِبْهُمْ وَاصْطَبِرْ (٢٧) وَنَبِّئْهُمْ أَنَّ الْماءَ قِسْمَةٌ بَيْنَهُمْ كُلُّ شِرْبٍ مُحْتَضَرٌ (٢٨)
فَنادَوْا صاحِبَهُمْ فَتَعاطى فَعَقَرَ (٢٩) فَكَيْفَ كانَ عَذابِي وَنُذُرِ (٣٠) إِنَّا أَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ صَيْحَةً واحِدَةً فَكانُوا كَهَشِيمِ الْمُحْتَظِرِ (٣١) وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ (٣٢) كَذَّبَتْ قَوْمُ لُوطٍ بِالنُّذُرِ (٣٣)
إِنَّا أَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ حاصِباً إِلاَّ آلَ لُوطٍ نَجَّيْناهُمْ بِسَحَرٍ (٣٤) نِعْمَةً مِنْ عِنْدِنا كَذلِكَ نَجْزِي مَنْ شَكَرَ (٣٥) وَلَقَدْ أَنْذَرَهُمْ بَطْشَتَنا فَتَمارَوْا بِالنُّذُرِ (٣٦) وَلَقَدْ راوَدُوهُ عَنْ ضَيْفِهِ فَطَمَسْنا أَعْيُنَهُمْ فَذُوقُوا عَذابِي وَنُذُرِ (٣٧) وَلَقَدْ صَبَّحَهُمْ بُكْرَةً عَذابٌ مُسْتَقِرٌّ (٣٨)
فَذُوقُوا عَذابِي وَنُذُرِ (٣٩) وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ (٤٠) وَلَقَدْ جاءَ آلَ فِرْعَوْنَ النُّذُرُ (٤١) كَذَّبُوا بِآياتِنا كُلِّها فَأَخَذْناهُمْ أَخْذَ عَزِيزٍ مُقْتَدِرٍ (٤٢)
. (١) ازدجر: قوبل بشدّة أو منع بشدة.

صفحة رقم 281

(٢) قد قدر: قد حسب ودبّر بإحكام.
(٣) دسر: قيل إن الكلمة تعني المسامير وقيل إنها العوارض وجملة ذاتِ أَلْواحٍ وَدُسُرٍ كناية عن السفينة.
(٤) تجري بأعيننا: تسير تحت رعايتنا وبتوجيهنا.
(٥) مدّكر: متذكر.
(٦) صرصرا: قيل إنه البرد، وقيل إنه الشديد الهبوب والدويّ.
(٧) أعجاز نخل منقعر: عجز النخلة ساقها، ومنقعر بمعنى منخلع، والآية تعني أن الريح كانت تنزع الرؤوس من الأجسام أو تطرحهم بشدتها كأنهم أعجاز النخل المنقعر.
(٨) سعر: الجنون، ومنه المسعور.
(٩) أشر: المتبجح بالكذب أو الموغل فيه أو المتبطر أو المتكبر.
(١٠) فتنته: اختبارا وامتحانا.
(١١) كل شرب محتضر: كل فريق من أصحاب نوبة الشرب يحضرون في يومهم المعين المتفق عليه فقط.
(١٢) صاحبهم: الذي اتفقوا على أن يكون عاقر الناقة منهم.
(١٣) تعاطى: هاجم الناقة أو تهيأ للهجوم عليها ليعقرها.
(١٤) هشيم: النبات الجاف.
(١٥) المحتظر: الحظيرة أي الحديقة أو الحقل.
(١٦) حاصبا: ريحا تحصب بالحجارة من شدّتها.
(١٧) تماروا: جادلوا وكذبوا.
(١٨) راودوه عن ضيفه: فاوضوه وطالبوه بالتخلي عن ضيوفه.
(١٩) مستقر: شامل لإخلاص منه.
في الآيات سلسلة لقصص أقوام نوح وعاد وثمود ولوط وفرعون مع أنبيائهم عليهم السلام، وقد جاءت عقب حكاية موقف كفار العرب من النبي صلّى الله عليه وسلّم وحكاية تكذيبهم له ولآيات الله والتنديد بهم وإنذارهم، وهو ما جرى عليه أسلوب النظم

صفحة رقم 282

القرآني في إيراد القصص على ما شرحناه في تفسير سورة القلم، فهي والحالة هذه متصلة بالآيات السابقة اتصال تعقيب واستطراد.
وباستثناء قصة فرعون فقد جاءت القصص الأخرى مفصلة بعض الشيء، وهذه أول مرة تأتي كذلك مما يمكن أن يدلّ على أن ظروف السيرة وحكمة التنزيل اقتضتا أن تأتي هنا مسهبة بعض الشيء بعد الإشارات الخاطفة التي ذكرت بها من قبل، وفي هذا مشهد من مشاهد تطور التنزيل كما هو المتبادر.
والبيان القصصي مفهوم وليس من حاجة إلى شرحه بأداء آخر، وأسلوب الآيات وصيغتها ومضمونها يؤيد ما قلناه من أن القصص القرآنية لم ترد لذاتها وإنما للعظة والتذكير واللازمة التي تكررت عقب كل مقطع وهي: فَذُوقُوا عَذابِي وَنُذُرِ (٣٩) وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ تزيد ذلك توكيدا.
ولقد احتوت تسلية للنبي صلّى الله عليه وسلّم من ناحية وتذكيرا وإنذارا للكفار من ناحية أخرى فإذا كان قومه قد كذبوه ونعتوه بالجنون والكذب والسحر وزجروه وتحدّوه فقد فعل الأقوام السابقون مثل ذلك مع أنبيائهم. ولقد نكّل الله بهم فمنهم من أغرقه بالطوفان ومنهم من أهلكه بالريح الصرصر. ومنهم من دمّره بالرجفة وخسف به الأرض ومنهم من أرسل عليه حاصبا. ومن الهيّن عليه أن ينكّل بهؤلاء كما نكّل بالسابقين إذا أصروا على مواقف التكذيب والعناد والمناوأة والصدّ.
والوصف الذي احتوته الآيات عن نكال الله للأقوام السابقة بسبب مواقفهم من أنبيائهم قوي مفزع. والمتبادر أنه استهدف فيما استهدفه إثارة الرعب في السامعين الكفار لحملهم على الارعواء.
تعليق توضيحي على القصص الواردة في السلسلة
والأنبياء وأقوامهم المذكورون في السلسلة ورد ذكرهم بإشارات مقتضبة في سور ق والنجم والمزمل والفجر والشمس. وأوردنا عنهم بعض التعريفات.

صفحة رقم 283

ولقد ذكرنا في سياق التعريف بنوح أن قصته واردة في الإصحاحات (٥- ٩) من سفر التكوين. ونقول هنا إنه ليس في هذه الإصحاحات إشارة ما إلى ما جاء في الآيات التي نحن في صددها من خبر رسالة نوح إلى قومه وتكذيبهم إياه ونعتهم له بالمجنون. وقد جاء في الإصحاح السادس: (أن الله رأى الأرض قد فسدت وكل جسد قد أفسد طريقه عليها فقال لنوح الذي نال حظوة في عيني الربّ وكان رجلا برّا كاملا في أجياله وسلك مع الله قد دنا أجل كل بشر بين يدي فقد امتلأت الأرض من أيديهم جورا فها أنا ذا مهلكهم) ثم أمره بصنع فلك من خشب ليدخل فيه هو وأهله لينجيهم وقال له: إني آت بطوفان مياه على الأرض لأهلك كل جسد فيه روح حياة من تحت السماء وأقيم عهدي معك إلخ)... وقد لا يكون بين هذا النص وفحوى الآيات تناقض. وليس ما يمنع إلى هذا أن يكون في أيدي الكتابيين قراطيس أخرى فيها بيانات متطابقة مع النص القرآني.
ولقد صرف بعض المفسرين الضمير في جملة تَرَكْناها التي جاءت في الآية [١٥] من قصة نوح إلى سفينة نوح وأوردوا حديثا رواه البخاري في فصل التفسير من صحيحه جاء فيه أن قتادة قال: «إنّ الله تعالى أبقى سفينة نوح حتى أدركها أوائل هذه الأمة» «١». وزاد الطبري والبغوي فرويا عن قتادة قوله أيضا: «أن الله أبقاها بباقردي من أرض الجزيرة». وقد صرفها بعضهم إلى عذاب الله ونكاله الطوفاني بالكافرين المكذبين. وخبر آثار سفينة نوح على قمة جبل الجودي أو أرارات من الأخبار التي ظلّت تتناقلها الأجيال إلى جيلنا. وقد حاول بعضهم التثبّت من وجودها فلم يتمكنوا فإذا كانت الكلمة عنتها فيكون ذلك لما كان مشهورا متداولا من أن السفينة استقرّت على أرارات أو الجودي وظلت هناك. وإلّا فيصرف الضمير في الجملة إلى الطوفان الذي كان نكالا وعذابا لقوم نوح على اعتبار أن خبر ذلك سيظل آية وعبرة للأجيال الآتية والله أعلم.
والعذاب الرباني لعاد الذي ذكر في الآيات [١٩- ٢٠] قد تكرر في سور

(١) التاج ج ٤ ص ٢٢٣.

صفحة رقم 284
التفسير الحديث
عرض الكتاب
المؤلف
محمد عزة بن عبد الهادي دروزة
الناشر
دار إحياء الكتب العربية - القاهرة
سنة النشر
1383
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية