آيات من القرآن الكريم

أَأُلْقِيَ الذِّكْرُ عَلَيْهِ مِنْ بَيْنِنَا بَلْ هُوَ كَذَّابٌ أَشِرٌ
ﯟﯠﯡﯢ ﯤﯥﯦﯧﯨﯩﯪ ﯬﯭﯮ ﯰﯱﯲﯳﯴﯵﯶﯷﯸﯹ ﯻﯼﯽﯾﯿﰀﰁﰂﰃ ﰅﰆﰇﰈﰉ ﰋﰌﰍﰎﰏﰐﰑ ﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙ ﭛﭜﭝﭞ ﭠﭡﭢﭣ

خلق الله جهنم، وفيه سلط ملك الموت على أرواح بني آدم، وفيه قتل قابيل هابيل، وفيه توفي موسى وهارون، وفيه ابتلي أيوب. وهذا ان صح لا يدل على نحو سعة، وغاية ما فيه أنه وقع فيه ما وقع، وجاء في رواية مسلم (خلف المنفق) أي ما يقوم به المعاش. يوم الثلاثاء هذا والله أعلم أنه لا اختصاص ليوم أو ساعة بالنحس والسعد فما من يوم أو ساعة إلا وهما على أناس سعد ونحس على آخرين، باعتبار ما يحدث الله تعالى فيهما على خلقه من نعم ونقم.
وإذا تتبعت التواريخ وجدت في كل يوم حوادث عظيمة، وناهيك حادثة عاد فإنها استغرقت الأسبوع كله، فإذا كانت النحوسة لذلك فلم يخل يوم منها فعلى العاقل أن لا يتقيد بشيء من ذلك ويتوكل على الله، وليعلم أنه لا دخل للأوقات بما يوقعه الله فيها، وهذا هو الحكم الشرعي في ذلك، نعم جاء لبعض الأوقات فضل لا ينكر كيوم الجمعة والساعة فيه للإجابة ويوم عرفة وشهر رمضان وليلة القدر وليلتي العيدين، وليلة البراءة، والعاشر من المحرم، ولبعضها ذم كالأوقات التي تكره فيها الصلاة والمحال التي وقع فيها العذاب على الكافرين ولأيام التي كان الهلاك فيها بخصوصها لا مثلها، فقد ثبت أن العنكبوت عشش على الغار الذي دخله محمد صلّى الله عليه وسلم وأبو بكر، فهذا بخصوصه ممدوح أما غيره فلا، فقد جاء عنه عليه الصلاة والسلام اقتلوا العنكبوت فإنه شيطان. وقس على هذا قال تعالى في وصف تلك الريح «تَنْزِعُ النَّاسَ» تقلعهم من محالهم فتدق رقابهم بالأرض فتصيرهم «كَأَنَّهُمْ أَعْجازُ نَخْلٍ» أي أصولها من غير فروعها «مُنْقَعِرٍ ٢٠» منقلع من مغارسه ساقط على الأرض، أي كل واحد من قوم عاد صار كجذع نخل خاو لا حراك به وإنما شبههم بالنخل لطول قامتهم وعظم أجسادهم
«فَكَيْفَ كانَ عَذابِي وَنُذُرِ ٢١» فانظروا أيها الناس وتفكروا فيه واستعيذوا من مثله بالله وتعجبوا منه «وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ ٢٢» يتذكر به ويتدبر عاقبة أمره ثم بدأ يذكر القصة الثالثة فقال: «كَذَّبَتْ ثَمُودُ» نبيهم صالحا «بِالنُّذُرِ ٢٣» الرسل وجاء بلفظ الجمع، لأن تكذيب واحد منهم كتكذيبهم كلهم، لأنهم كلهم ت (١٩)

صفحة رقم 289

مرسلون من الله، ومتفقون على أصول الدين والتشريع، ولأن ثمود منحدرون من عاد التي كذبت هودا فلما كذبوا صالحا فكأنهم كذبوا هودا أيضا فمن قبله، ثم بين صورة تكذيبهم بقوله: «فَقالُوا أَبَشَراً مِنَّا واحِداً نَتَّبِعُهُ» أي لا نتبع واحدا منا لأن الاستفهام انكاري ولا يجاب إلا بلا كما أن الاستفهام التقريري لا يجاب إلا ببلى مثل (أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ) وقالوا «إِنَّا إِذاً» إذا اتبعنا فردا من جنسنا «لَفِي ضَلالٍ» عن الصواب والسداد منحطين عن الحق والهدى «وَسُعُرٍ ٢٤» جنون أو جمع سعير أي في شدة من العذاب وهذه الجملة في الأصل قول صالح عليه السلام لهم بأنكم إذا لم تتبعوني تكونوا في ضلال عن الحق في الدنيا وفي سعر النار في الآخرة فعكسوا عليه قوله لتعنتهم وعتوهم المشعر به حكاية الله عنهم وقالوا «أَأُلْقِيَ الذِّكْرُ» الوحي الذي يزعم أنه نزل «عَلَيْهِ» من ربه «مِنْ بَيْنِنا» وفينا من هو على زعمهم أحق منه به وهذا كقول قريش في الآية ٣١ من سورة الزخرف في ج ٢ «بَلْ هُوَ كَذَّابٌ أَشِرٌ ٢٥» متكبر حمله بطره لأن يتعظم علينا مع أن فينا من هو أحسن منه للنبوة، فرد الله عليهم رد تهديد وتخويف بقوله عز قوله: «سَيَعْلَمُونَ غَداً» حين نزول العذاب بهم «مَنِ الْكَذَّابُ الْأَشِرُ ٢٦» هم أم هو «إِنَّا مُرْسِلُوا النَّاقَةِ فِتْنَةً لَهُمْ» نختبرهم فيها هل يمتثلون أمرنا أم لا «فَارْتَقِبْهُمْ» يا صالح وانظر ماذا يفعلون بها «وَاصْطَبِرْ ٢٧» على أذاهم ولا تعجل عليهم، وأصل اصطبر اصتبر فأبدلت التاء طاء وهكذا كل ما كان فعله افتعل فان تاءه تقلب طاء، وهو مبالغة اصبر «وَنَبِّئْهُمْ» يا رسولي «أَنَّ الْماءَ» الموجود في القرية هو «قِسْمَةٌ بَيْنَهُمْ» يوم للناقة ويوم لهم كلهم «كُلُّ شِرْبٍ مُحْتَضَرٌ ٢٨» في نوبته قال قوم صالح ان كنت نبيا فأخرج لنا من هذه الصخرة ناقة فدعا الله فأجابه وامتحنهم بقسمة الماء فأبوا وأجمعوا على قتلها الدال عليه قوله «فَنادَوْا صاحِبَهُمْ» الذي أجمع رأيهم عليه بأن يتولى قتلها «فَتَعاطى» اجترأ دون اكتراث بأنها آية الله على صدق نبيهم «فَعَقَرَ ٢٩» الناقة بالسيف الذي ناولوه إياه «فَكَيْفَ كانَ عَذابِي

صفحة رقم 290
بيان المعاني
عرض الكتاب
المؤلف
عبد القادر بن ملّا حويش السيد محمود آل غازي العاني
الناشر
مطبعة الترقي - دمشق
الطبعة
الأولى، 1382 ه - 1965 م
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية