آيات من القرآن الكريم

أَزِفَتِ الْآزِفَةُ
ﮑﮒ ﮔﮕﮖﮗﮘﮙ ﮛﮜﮝﮞ ﮠﮡﮢ ﮤﮥ ﮧﮨﮩﮪ

الرسل، وقهر أعدائهم. هذا أي القرآن نَذِيرٌ مِنَ النُّذُرِ الْأُولى أي إنذار من جنس الإنذارات الأولى التي أنذر بها من قبلكم. أو هذا الرسول نذير من جنس من تقدمه، ليس بدعا من الرسل.
القول في تأويل قوله تعالى: [سورة النجم (٥٣) : الآيات ٥٧ الى ٥٨]
أَزِفَتِ الْآزِفَةُ (٥٧) لَيْسَ لَها مِنْ دُونِ اللَّهِ كاشِفَةٌ (٥٨)
أَزِفَتِ الْآزِفَةُ أي قربت القيامة الموصوفة بالقرب. فاللام في الْآزِفَةُ للعهد وقيل: الآزفة علم بالغلبة للساعة هنا، لئلا يلزم وصف القريب بالقريب.
قال الشهاب: وفيه نظر، لأن وصف القريب بالقرب يفيد المبالغة في قربه، كما يدل عليه الافتعال في (اقتربت).
لَيْسَ لَها مِنْ دُونِ اللَّهِ كاشِفَةٌ أي ليس لقيامها غير الله مبيّن لوقتها، كقوله:
لا يُجَلِّيها لِوَقْتِها إِلَّا هُوَ [الأعراف: ١٨٧]، وكاشِفَةٌ صفة محذوف، أي نفس كاشفة، أو حال كاشفة. أو التاء للمبالغة. أو هو مصدر بني على التأنيث ومِنْ دُونِ اللَّهِ بمعنى غير الله، أو إلا الله. وقيل: الكشف بمعنى الإزالة. أي ليس لها نفس كاشفة إذا وقعت، إلا هو تعالى، من (كشف الغماء).
القول في تأويل قوله تعالى: [سورة النجم (٥٣) : الآيات ٥٩ الى ٦٢]
أَفَمِنْ هذَا الْحَدِيثِ تَعْجَبُونَ (٥٩) وَتَضْحَكُونَ وَلا تَبْكُونَ (٦٠) وَأَنْتُمْ سامِدُونَ (٦١) فَاسْجُدُوا لِلَّهِ وَاعْبُدُوا (٦٢)
أَفَمِنْ هذَا الْحَدِيثِ يعني القرآن الذي قص ما تقدم، وأنذر بما أخبر تَعْجَبُونَ أي: تعجب إنكار مع أن ما حواه مما يلجئ إلى الإذعان والإقرار، بل مما يفيض لحقيته الدمع المدرار، كما قال وَتَضْحَكُونَ أي استهزاء وَلا تَبْكُونَ أي مما فيه من وعيد للعصاة، ومما فرط منكم قبل سماع ذكراه كما يفعله الموقنون به، المحدث عنهم في آية وَيَخِرُّونَ لِلْأَذْقانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعاً [الإسراء:
١٠٩]، وَأَنْتُمْ سامِدُونَ أي لاهون عما فيه من العبر، معرضون عن آياته كبرا.
قال مجاهد: كانوا يمرّون على النبيّ ﷺ غضابا مبرطمين، أي: شامخين.
وعن ابن عباس: هو الغناء: كانوا إذا سمعوا القرآن تغنوا ولعبوا، وهي لغة أهل اليمن. يقولون: اسمد لنا: تغنّ لنا. والمآل واحد. وإن اختلفت العبارة عنه. ولا ريب

صفحة رقم 84

أن كل ذلك مما كان يصدر عن المشركين.
قال في (الإكليل) : فيه استحباب البكاء عند القراءة، وذم الضحك والغناء، واللهو واللعب والغفلة. كما فسر بالأربعة قوله: سامِدُونَ وفسره السدّي بالاستكبار.
فَاسْجُدُوا لِلَّهِ وَاعْبُدُوا أي واعبدوه دون من سواه من الأوثان، فإنه لا ينبغي أن تكون العبادة إلا له، فلا تجعلوا له شريكا في عبادته.
وعن عبد الله بن مسعود قال: أول سورة أنزلت فيها سجدة (والنجم) فسجد رسول الله ﷺ وسجد من خلفه.. الحديث.
وتقدم في أول السورة.
وروى الإمام أحمد «١» عن المطّلب بن وداعة قال: قرأ رسول الله ﷺ بمكة سورة النجم. فسجد وسجد من عنده، فرفعت رأسي فأبيت أن أسجد- ولم يكن أسلم يومئذ المطّلب- فكان بعد ذلك لا يسمع أحدا قرأها إلا سجد معه- ورواه النسائيّ-

(١) أخرجه في المسند ٣/ ٤٢٠.

صفحة رقم 85
محاسن التأويل
عرض الكتاب
المؤلف
محمد جمال الدين بن محمد سعيد بن قاسم الحلاق القاسمي
تحقيق
محمد باسل عيون السود
الناشر
دار الكتب العلميه - بيروت
سنة النشر
1418
الطبعة
الأولى
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية