آيات من القرآن الكريم

نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَقُولُونَ ۖ وَمَا أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِجَبَّارٍ ۖ فَذَكِّرْ بِالْقُرْآنِ مَنْ يَخَافُ وَعِيدِ
ﮨﮩﮪﮫﮬﮭﮮﮯﮰﮱ ﯔﯕﯖﯗﯘﯙﯚﯛﯜﯝﯞﯟﯠﯡﯢ

ولما تحقق بذلك أمر البعث غاية التحقق، صور خروجهم فيه فقال معلقاً بما ختم به الابتداء مما قبله زيادة في تفخيمه وتعظيمه وتبجيله: ﴿يوم تشقق الأرض﴾ وعبر بفعل المطاوعة لاقتضاء الحال له، وحذف تاء المطاوعة إشارة إلى سهولة الفعل وسرعته ﴿عنهم﴾ أي مجاوزة لهم بعد أن كانوا في بطنها فيخرجون منها أحياء كما كانوا على ظهرها أحياء، حال كونهم ﴿سراعاً﴾ إلى إجابة مناديها، وأشا إلى عظمه بقوله: ﴿ذلك﴾ أي الإخراج العظيم جداً ﴿حشر﴾ أي جمع بكره، وزاد في بيان عظمة هذا الأمر بدلالته على اختصاصه بتقديم الجار فقال: ﴿علينا﴾ أي خاصة ﴿يسير *﴾ فكيف يتوقف عاقل فيه فضلاً عن أن ينكره، وأما غيرنا فلا يمكنه ذلك بوجه. انتهى.
ولما أقام سبحانه الأدلة على تمام قدرته وشمول علمه وختم بسهولته عليه واختصاصه به، وصل تسلية للنبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بتهديدهم على تكذيبهم بالعلم الذي هو أعظم التهديد فقال: ﴿نحن﴾ أي لا غيرنا ولا هم أنفسهم ﴿أعلم﴾ أي من كل من يتوهم فيه العلم ﴿بما يقولون﴾ أي في الحال والاستقبال من التكذيب بالبعث وغيره مع إقرارهم بقدرتنا.
ولما كان التقدير: فنحن قادرون على ردهم عنه بما لنا من العلم المحيط وأنت لهم منذير تنذرهم وبال ذلك، عطف عليه قوله: ﴿وما أنت عليهم﴾

صفحة رقم 442

ولما أفاد حرف الاستعلاء القهر والغلبة صرح به مؤكداً في النفي فقال: ﴿بجبار﴾ أي متكبر قهار عات تردهم قهراً عما تكره منهم من الأقوال والأفعال، إنما أنت منذر، ولما نفى عنه الجبروت، أثبت لهم ما أفهمه واو العطف من النذارة كما قدرته قبله، فقال مسبباً عنه معبراً بالتذكير الذي يكون عن نسيان لأن كل ما في القرآن من وعظ إذا تأمله الإنسان وجده شاهداً في نفسه أو فيما يعرفه من الآفاق ﴿فذكر﴾ أي بطريق البشارة والنذارة ﴿بالقرآن﴾ أي الجامع بمجده لكل خير المحيط كل صلاح ﴿من يخاف وعيد *﴾ أي يمكن خوفه، وهو كل عاقل، ولكنه ساقه هكذا إعلاماً بأن الذي يخاف بالفعل فيكشف الحال عن إسلامه هو المقصود بالذات، وغيره إنما يقصد لإقامة الحجة عليه لا لدده ولا يؤسف عليه ولا يتأثر بتكذيبه بل يعتقد أنه عدم لا تضر عداوته ولا تنفع ولايته، وما آذى إلا نفسه وكل من والاه في الدنيا والآخرة، وهذا هو المجد للقرآن ولمن أنزله ولمن أتى به عنه بتمام قدرة من هو صفته وشمول علمه، فقد انعطف هذا الآخر على ذلك الأول أشد انعطاف، والتفت فروعه بأصله أتم التفاف، فاعترفت به أولو براعة وأهل الإنصاف والاتصاف بالتقدم في كل صناعة بالسبق الذي لا يمكن لحاقه أيّ اعتراف. والله الهادي للصواب.

صفحة رقم 443

مقصودها الدلالة على صدق ما أنذرت به سورة ق تصريحا وبشرت به تلويحا ولا سيما آخرها من مصاب الدنيا وعذاب الآخرة، واسمها الذاريات ظاهر في ذلك بملاحظة جواب القسم فإنه مع القسم لشدة الارتباط كالآية الواحدة وإن كان خمسا، والتعبير عن الرياح بالذاريات أتم إشارة إلى ذلك، فإن تكذيبهم بالوعيد لكونهم لا يشعرون بشيء من أسبابه وإن كانت موجودة معهم كما أن ما يأتي من السحاب من الرحمة والنقمة أسبابه وإن كانت موجودة، وهي الرياح وإن كانوا لا يرونها، واريح من شأنها الذرء وهو التفريق، فإذا أراد الله جمعت فكان ماأراد، فإنها تفرق الأبخرة، فإذا أراد الله سبحانه جمعها فحملها ما أوجد فيها فأوقرها به فأجراها إجراء سهلا، فقسم منها ما أراد تارة برقا وأخرى رعدا، يصل صليل الحديد على الحديد، أو الحجر على مثله مع لطافة السحاب، كل ما يشاهد فيه من الأسباب، وآونة مطرا شديد الانصباب ومرة بردا ومرة ثلجا يرجى ويهاب نن وحينا صواعق ونيرانا لها أي التهاب، ووقتا جواهر ومرجانا بديعة الإعجاب، فتكون مرة

صفحة رقم 444

سرورا ورضوانا، وأخرى غموما وأحزانا، وغبنا وخسرانا، على أنهم أخيل الناس في يعض ذلك، يعرفون السحاب الذي يخيل المطر والذي لا يخليه والذي مطرهع دان، والذي لم يئن له أن يمطر. إلى غير ذلك من أشياء ذكرها أهل الأدب وحملها أهل اللغة عنهم، وكل ذلك بتصريف الملائكة عن أمر الله، ولذلك. والله أعلم. سن أن يقال عنمد سماع الرعد: سبحان الله سبوح قدوس، بيانا لأن المصرف الحق هو الله تعالى) رب الملائكة) أي الذي أقيموا لهذا) الروح (الذي يحمله هذا الجسم من مطر أو نار أو غيرهما والله الموفق) بسم الله (المحيط بصفات الكمال فهو لايخلف الميعاد) الرحمن (الذي عم الخلائق بنعمة الإيجاد) الرحيم (الذي خص من اختاره بالتوفيق لما يرضاه من المراد.

صفحة رقم 445
نظم الدرر في تناسب الآيات والسور
عرض الكتاب
المؤلف
أبو الحسن، برهان الدين إبراهيم بن عمر بن حسن الرُّبَاط بن علي بن أبي بكر البقاعي
الناشر
دار الكتاب الإسلامي، القاهرة
عدد الأجزاء
22
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية