آيات من القرآن الكريم

وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ غَيْرَ بَعِيدٍ
ﮡﮢﮣﮤﮥﮦ ﮨﮩﮪﮫ ﮭﮮﮯﮰﮱﯓﯔﯕﯖﯗ ﯙﯚﯛﯜﯝﯞﯟﯠﯡﯢﯣ ﯥﯦﯧﯨﯩﯪﯫﯬ ﯮﯯﯰﯱﯲﯳﯴﯵ ﯷﯸﯹﯺﯻﯼﯽﯾﯿ ﰁﰂﰃﰄﰅ ﰇﰈﰉﰊﰋﰌ ﰎﰏﰐﰑﰒﰓﰔ ﰖﰗﰘﰙﰚﰛ ﰝﰞﰟﰠﰡﰢ ﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚﭛﭜﭝﭞﭟ ﭡﭢﭣﭤﭥﭦﭧﭨﭩﭪﭫﭬﭭ ﭯﭰﭱﭲﭳﭴﭵﭶﭷﭸﭹﭺﭻ ﭽﭾﭿﮀﮁﮂﮃﮄﮅﮆﮇﮈ

وقيل: الملك الذي يتولى عذابه في جهنم، والأول أرجح لأنه هو القرين المذكور بعد، ولقوله: نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطاناً، فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ [الزخرف: ٣٦] ومعنى قوله: هذا ما لديّ عتيد، أي هذا الإنسان حاضر لدي أعتدته ويسرته لجهنم، وكذلك المعنى إن قلنا: إن القرين هو الملك السائق، وإن قلنا: إنه أحد الزبانية فمعناه هذا العذاب لديّ حاضر، ويحتمل أن يكون ما في قوله، ما لديّ، موصوفة أو موصولة، فإن كانت موصوفة فعتيد وصف لها، وإن كانت موصولة، فعتيد بدل منها، أو خبر بعد خبر، أو خبر مبتدأ محذوف، وما هي خبر المبتدأ على هذه الوجوه، ويحتمل أن يكون عتيد الخبر وتكون ما بدلا من هذا أو منصوبة بفعل مضمر
أَلْقِيا فِي جَهَنَّمَ الخطاب للملكين السائق والشهيد، وقيل: إنه خطاب لواحد على أن يكون بالنون المؤكدة الخفيفة، ثم أبدل منها ألف، أو على أن يكون معناه: ألق ألق مثنى مبالغة وتأكيدا، أو على أن يكون على عادة العرب من مخاطبة الاثنين كقولهم: خليلي وصاحبي وهذا كله تكلف بعيد، ومما يدل على أن الخطاب لاثنين قوله: فألقياه في العذاب الشديد مَنَّاعٍ لِلْخَيْرِ قيل: مناع للزكاة المفروضة والصحيح العموم مُرِيبٍ شاك في الدين فهو من الريب بمعنى الشك الَّذِي جَعَلَ يحتمل أن يكون مبتدأ وخبره فألقياه وأدخل فيه ألفا لتضمنه معنى الشرط، أو يكون بدلا أو صفة، ويكون فألقياه تكرار للتوكيد.
قالَ قَرِينُهُ رَبَّنا ما أَطْغَيْتُهُ القرين هنا شيطانه الذي وكّل به في الدنيا، بلا خلاف ومعنى ما أطغيته: ما أوقعته في الطغيان، ولكنه طغى باختياره، وإنما حذف الواو هنا لأن هذه جملة مستأنفة بخلاف قوله: وقال قرينه قبل هذا فإنه عطف لا تَخْتَصِمُوا لَدَيَّ خطاب للناس وقرنائهم من الشياطين ما يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ أي قد حكمت بتعذيب الكفار فلا تبديل لذلك، وقيل: معناه لا يكذب أحد لدي لعلمي بجميع الأمور، فالإشارة على هذا إلى قول القرين ما أطغيته «١»
وَتَقُولُ هَلْ مِنْ مَزِيدٍ الفعل مسند إلى جهنم، وقيل:
إلى خزنتها من الملائكة، والأول أظهر واختلف هل تتكلم جهنم حقيقة أو مجازا بلسان الحال؟ والأظهر أنه حقيقة، وذلك على الله يسير، ومعنى قوله: «هل من مزيد» إنما تطلب الزيادة وكانت لم تمتلئ. وقيل: معناه لا مزيد أي ليس عندي موضع للزيادة، فهي على هذا قد امتلأت والأول أظهر وأرجح، لما ورد في الحديث «لا تزال جهنم يلقى فيها

(١). قوله: يوم نقول لجهنم: قرأ نافع وأبو بكر: يوم يقول لجهنم بالياء وقرأ الباقون: نقول بالنون.

صفحة رقم 303

وتقول: هل من مزيد حتى يلقى فيها الجبار قدمه «١» »، وفي الحديث كلام ليس هذا موضعه، والمزيد يحتمل أن يكون مصدرا كالمحيض أو اسم مفعول فإن كان مصدرا فوزنه مفعل، وإن كان اسم مفعول فوزنه مفعول.
وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ أي قرّبت ثم أكد ذلك بقوله غير بعيد لِكُلِّ أَوَّابٍ أي كثير الرجوع إلى الله، فهو من آب يؤوب إذا رجع، وقيل: هو المسبح لله من قوله يا جِبالُ أَوِّبِي مَعَهُ [سبأ: ١] حَفِيظٍ أي حافظ لأوامر الله فيفعلها، ولنواهيه فيتركها مَنْ خَشِيَ الرَّحْمنَ بِالْغَيْبِ أي اتقى الله وهو غائب عن الناس، فالمجرور في موضع الحال، من خشي بدل أو مبتدأ، فإن قيل: كيف قرن بالخشية الاسم الدال على الرحمة؟ فالجواب: أن ذلك لقصد المبالغة في الثناء على من يخشى الله لأنه يخشاه مع علمه برحمته وعفوه، قال ذلك الزمخشري ويحتمل أن يكون الجواب عن ذلك أن الرحمن صار يستعمل استعمال الاسم الذي ليس بصفة كقولنا الله وَلَدَيْنا مَزِيدٌ قيل معناه النظر إلى وجه الله، كقوله: الْحُسْنى وَزِيادَةٌ [يونس: ٢٦] وقيل: يعني ما لم يخطر على قلوبهم كما ورد في الحديث مما يرويه النبي ﷺ عن ربه أنه قال: أعددت لعبادي الصالحين مالا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر «٢» هُمْ أَشَدُّ مِنْهُمْ بَطْشاً الضمير في هم للقرون المتقدمة، وفي منهم لكفار قريش فَنَقَّبُوا فِي الْبِلادِ أي طافوا فيها، وأصله دخولها من أنقابها، أو من التنقب عن الأمر، بمعنى البحث عنه هَلْ مِنْ مَحِيصٍ أي قالوا: هل من مهرب من الله أو من العذاب لِمَنْ كانَ لَهُ قَلْبٌ أي قلب واع يعقل ويفهم أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ أي استمع وهو حاضر القلب وَما مَسَّنا مِنْ لُغُوبٍ اللغوب الإعياء والتعب.
فَاصْبِرْ عَلى ما يَقُولُونَ يعني كفار قريش وغيرهم وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ يحتمل أن يريد التسبيح باللسان، أو يريد الصلاة وقد ذكر الزمخشري فيه الوجهين وقال ابن عطية:
معناه: صلّ بإجماع من المتأوّلين، وهي على هذا إشارة إلى الصلوات الخمس فقبل طلوع الشمس: الصبح، وقبل الغروب: الظهر والعصر. ومن الليل: المغرب والعشاء، وقيل:

(١). رواه أحمد عن أنس ج ٣ ص ٢٣٤ بلفظ قريب منه. [.....]
(٢). الحديث أخرجه البخاري ومسلم والترمذي والنسائي وابن ماجة عن أبي هريرة وانظر رياض الصالحين.

صفحة رقم 304
التسهيل لعلوم التنزيل
عرض الكتاب
المؤلف
أبو القاسم، محمد بن أحمد بن محمد بن عبد الله، ابن جزي الكلبي الغرناطي
تحقيق
عبد الله الخالدي
الناشر
شركة دار الأرقم بن أبي الأرقم - بيروت
سنة النشر
1416
الطبعة
الأولى
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية