
أخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة ﴿وأزلفت الْجنَّة﴾ قَالَ: زينت الْجنَّة
وَأخرج ابْن جرير وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن التَّمِيمِي قَالَ: سَأَلت ابْن عَبَّاس عَن الأواب الحفيظ قَالَ حفظ ذنُوبه حَتَّى رَجَعَ عَنْهَا
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن سعيد بن سِنَان فِي قَوْله ﴿لكل أواب حفيظ﴾ قَالَ: حفظ ذنُوبه فَتَابَ مِنْهَا ذَنبا ذَنبا
وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن سعيد بن الْمسيب قَالَ: الأواب الَّذِي يُذنب ثمَّ يَتُوب ثمَّ يُذنب ثمَّ يَتُوب ثمَّ يُذنب ثمَّ يَتُوب حَتَّى يخْتم الله لَهُ بِالتَّوْبَةِ
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن أنس بن خباب قَالَ: قَالَ لي مُجَاهِد أَلا أنبئك بالأواب الحفيظ هُوَ الرجل يذكر ذَنبه إِذا خلا فيستغفر لَهُ
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن عبيد بن عُمَيْر مثله
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر عَن عبيد بن عُمَيْر قَالَ: كُنَّا نعد الأواب الحفيظ الَّذِي يكون فِي الْمجْلس فَإِذا أَرَادَ أَن يقوم قَالَ: اللَّهُمَّ اغْفِر لي مَا أصبت فِي مجلسي هَذَا
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة فِي قَوْله ﴿لكل أواب﴾ قَالَ: مُطِيع لله ﴿حفيظ﴾ قَالَ: لما استودعه الله من حَقه ونعمه وَفِي قَوْله ﴿وَجَاء بقلب منيب﴾ قَالَ: منيب إِلَى الله مقبل إِلَيْهِ وَفِي قَوْله ﴿ادخلوها بِسَلام﴾ قَالَ: سلمُوا من عَذَاب الله وَسلم الله عَلَيْهِم ﴿ذَلِك يَوْم الخلود﴾ قَالَ: خلدوا وَالله فَلَا يموتون
وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج فِي قَوْله ﴿من خشِي الرَّحْمَن بِالْغَيْبِ﴾ قَالَ: يخْشَى وَلَا يرى

أما قَوْله تَعَالَى: ﴿لَهُم مَا يشاؤون فِيهَا ولدينا مزِيد﴾
أخرج الْبَزَّار وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه واللالكائي فِي السّنة وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْبَعْث والنشور عَن أنس فِي قَوْله ﴿ولدينا مزِيد﴾ قَالَ: يتجلى لَهُم الرب عز وَجل
وَأخرج الشَّافِعِي فِي الْأُم وَابْن أبي شيبَة وَالْبَزَّار وَأَبُو يعلى وَابْن أبي الدُّنْيَا فِي صفة الْجنَّة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَالطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط وَابْن مرْدَوَيْه والآجري فِي الشَّرِيعَة وَالْبَيْهَقِيّ فِي الرُّؤْيَة وَأَبُو نصر السجْزِي فِي الإِبانة من طرق جَيِّدَة عَن أنس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أَتَانِي جِبْرِيل وَفِي يَده مرْآة بَيْضَاء فِيهَا نُكْتَة سَوْدَاء فَقلت: مَا هَذَا يَا جِبْرِيل قَالَ: هَذِه الْجُمُعَة فضلت بهَا أَنْت وَأمتك فَالنَّاس لكم فِيهَا تبع الْيَهُود وَالنَّصَارَى وَلكم فِيهَا خير وفيهَا سَاعَة لَا يُوَافِقهَا مُؤمن يَدْعُو الله بِخَير إِلَّا اسْتُجِيبَ لَهُ وَهُوَ عندنَا يَوْم الْمَزِيد قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: يَا جِبْرِيل وَمَا يَوْم الْمَزِيد قَالَ: إِن رَبك اتخذ فِي الفردوس وَاديا أفيح فِيهِ كثب من مسك فَإِذا كَانَ يَوْم الْجُمُعَة أنزل الله مَا شَاءَ من الْمَلَائِكَة وَحَوله مَنَابِر من نور عَلَيْهَا مقاعد النَّبِيين وتحف تِلْكَ المنابر بكراسي من ذهب مكللة بالياقوت والزبرجد عَلَيْهَا الشُّهَدَاء وَالصِّدِّيقُونَ ثمَّ جَاءَ أهل الْجنَّة فجلسوا من ورائهم على تِلْكَ الكثب فيتجلى لَهُم تبَارك وَتَعَالَى حَتَّى ينْظرُوا إِلَى وَجهه وَيَقُول الله: أَنا ربكُم قد صدقتكم وعدي فسلوني أعطكم فَيَقُولُونَ: رَبنَا نَسْأَلك رضوانك فَيَقُول: قد رضيت عَنْكُم فسلوني فيسألونه حَتَّى تَنْتَهِي رغبتهم فَيَقُول: لكم مَا تمنيتم ﴿ولدينا مزِيد﴾ فهم يحبونَ يَوْم الْجُمُعَة لما يعطيهم فِيهِ رَبهم من الْخَيْر وَهُوَ الْيَوْم الَّذِي اسْتَوَى فِيهِ ربكُم على الْعَرْش وَفِيه خلق آدم وَفِيه تقوم السَّاعَة
وَأخرج أَحْمد وَأَبُو يعلى وَابْن جرير بِسَنَد حسن عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ رَضِي الله عَنهُ عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: إِن الرجل ليتكىء فِي الْجنَّة سبعين سنة قبل أَن يتحوّل ثمَّ تَأتيه امْرَأَته فَتضْرب على مَنْكِبه فَينْظر وَجهه فِي خدها أصفى من الْمرْآة وَإِن أدنى لؤلؤة عَلَيْهَا تضيء مَا بَين الْمشرق وَالْمغْرب فتسلم عَلَيْهِ فَيرد عَلَيْهَا السَّلَام ويسألها من أنتِ فَتَقول: أَنا من الْمَزِيد وَإنَّهُ ليَكُون عَلَيْهَا سَبْعُونَ حلَّة أدناها مثل [] الغمان من طُوبَى فينفذها بَصَره حَتَّى يرى مخ سَاقهَا من وَرَاء ذَلِك وَإِن عَلَيْهَا التيجان إِن أدنى لؤلؤة مِنْهَا لتضيء مَا بَين الْمشرق وَالْمغْرب

وَأخرج ابْن جرير عَن أنس رَضِي الله عَنهُ قَالَ: إِن الله إِذا أسكن أهل الْجنَّة الْجنَّة وَأهل النَّار النَّار هَبَط إِلَى مرج من الْجنَّة أفيح فَمد بَينه وَبَين خلقه حجباً من لُؤْلُؤ وحجباً من نور ثمَّ وضعت مَنَابِر النُّور وسرر النُّور وكراسي النُّور
ثمَّ أذن لرجل على الله بَين يَدَيْهِ أَمْثَال الْجبَال من النُّور فَيسمع دويّ تَسْبِيح الْمَلَائِكَة مَعَه وصفق أجنحتهم فَمد أهل الْجنَّة أَعْنَاقهم فَقيل من هَذَا الَّذِي قد أذن لَهُ على الله فَقيل: هَذَا المجبول بِيَدِهِ والمعلم الْأَسْمَاء أمرت الْمَلَائِكَة فسجدت لَهُ وَالَّذِي أبيحت لَهُ الْجنَّة: آدم قد أذن لَهُ على الله
ثمَّ يُؤذن لرجل آخر بَين يَدَيْهِ أَمْثَال الْجبَال من النُّور يسمع دويّ تَسْبِيح الْمَلَائِكَة مَعَه وصفق أجنحتهم فَمد أهل الْجنَّة أَعْنَاقهم فَقيل: من هَذَا الَّذِي قد أذن لَهُ على الله فَقيل: هَذَا الَّذِي قد اتَّخذهُ الله خَلِيلًا وَجعلت النَّار عَلَيْهِ بردا وَسلَامًا: إِبْرَاهِيم قد أذن لَهُ على الله
ثمَّ أذن لرجل آخر على الله بَين يَدَيْهِ أَمْثَال الْجبَال من النُّور يسمع مَعَه دويّ تَسْبِيح الْمَلَائِكَة وصفق أجنحتهم فَمد أهل الْجنَّة أَعْنَاقهم فَقيل: من هَذَا الَّذِي قد أذن لَهُ على الله فَقيل: هَذَا الَّذِي اصطفاه الله برسالته وقربه نجياً وَكَلمه كلَاما: مُوسَى قد أذن لَهُ على الله
ثمَّ يُؤذن لرجل آخر مَعَه مثل جَمِيع مواكب النَّبِيين قبله من بَين يَدَيْهِ أَمْثَال الْجبَال من النُّور يسمع دويّ تَسْبِيح الْمَلَائِكَة مَعَه وصفق أجنحتهم فَمد أهل الْجنَّة أَعْنَاقهم فَقيل: من هَذَا الَّذِي قد أذن لَهُ على الله فَقيل: هَذَا أول شَافِع وَأول مُشَفع وَأكْثر النَّاس وَارِدَة وَسيد ولد آدم وَأول من تَنْشَق عَن ذؤابته الأَرْض وَصَاحب لِوَاء الْحَمد وَقد أذن لَهُ على الله
فَجَلَسَ النَّبِيُّونَ على مَنَابِر النُّور وَالصِّدِّيقُونَ على سرر النُّور وَالشُّهَدَاء على كراسي النُّور وَجلسَ سَائِر النَّاس على كُثْبَان الْمسك الأذفر الْأَبْيَض ثمَّ ناداهم الرب تَعَالَى من وَرَاء الْحجب: مرْحَبًا

بعبادي وزواري وجيراني ووفدي يَا ملائكتي إنهضوا إِلَى عبَادي فاطعموهم
فقربت إِلَيْهِم من لُحُوم الطير كَأَنَّهَا البخت لَا ريش لَهَا وَلَا عظم فَأَكَلُوا ثمَّ ناداهم الرب عز وَجل من وَرَاء الْحجب: مرْحَبًا بعبادي وزواري وجيراني ووفدي أكلُوا اسقوهم
فَنَهَضَ إِلَيْهِم غلْمَان كَأَنَّهُمْ اللُّؤْلُؤ الْمكنون بأباريق الذَّهَب وَالْفِضَّة بأشربة مُخْتَلفَة لذيذة آخرهَا كلذة أَولهَا (لَا يصدعون عَنْهَا وَلَا ينزفون) (الْوَاقِعَة آيَة ١٩)
ثمَّ ناداهم الرب عز وَجل من وَرَاء الْحجب: مرْحَبًا بعبادي وزواري وجيراني ووفدي أكلُوا وَشَرِبُوا فكّهوهم
فَيقرب إِلَيْهِم على أطباق مكللة بالياقوت والمرجان من الرطب الَّذِي سمى الله أشدّ بَيَاضًا من اللَّبن وَأَشد عذوبة من الْعَسَل
فَأَكَلُوا ثمَّ ناداهم الرب من وَرَاء الْحجب: مرْحَبًا بعبادي وزواري وجيراني ووفدي أكلُوا وَشَرِبُوا وفكهوا أكسوهم
ففتحت لَهُم ثمار الْجنَّة بحلل مصقولة بِنور الرَّحْمَن فأكسوها
ثمَّ ناداهم الرب عز وَجل من وَرَاء الْحجب: مرْحَبًا بعبادي وزواري وجيراني ووفدي أكلُوا وَشَرِبُوا وفكهوا وكسوا طيبوهم
فهاجت عَلَيْهِم ريح يُقَال لَهَا المثيرة بأباريق الْمسك الْأَبْيَض الأذفر فنفخت على وُجُوههم من غير غُبَار وَلَا قتام ثمَّ ناداهم الرب عز وَجل من وَرَاء الْحجب: مرْحَبًا بعبادي وزواري وجيراني ووفدي أكلُوا وَشَرِبُوا وفكهوا وكسوا وطيبوا وَعِزَّتِي لأتجلين لَهُم حَتَّى ينْظرُوا إليّ
فَذَلِك إنتهاء الْعَطاء وَفضل الْمَزِيد
فتجلى لَهُم الرب ثمَّ قَالَ: السَّلَام عَلَيْكُم عبَادي أنظروا إليّ فقد رضيت عَنْكُم
فتداعت قُصُور الْجنَّة وشجرها سُبْحَانَكَ أَربع مَرَّات وخر الْقَوْم سجدا فناداهم الرب: عبَادي إرفعوا رؤوسكم فَإِنَّهَا لَيست بدار عمل وَلَا دَار نصب إِنَّمَا هِيَ دَار جَزَاء وثواب وَعِزَّتِي مَا خلقتها إِلَّا من أجلكم وَمَا من سَاعَة ذكرتموني فِيهَا فِي دَار الدُّنْيَا إِلَّا ذكرتكم فَوق عَرْشِي
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن أنس بن مَالك رَضِي الله عَنهُ قَالَ: حَدثنِي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: حَدثنِي جِبْرِيل قَالَ: يدْخل الرجل على الْحَوْرَاء فتستقبله بالمعانقة والمصافحة فَبِأَي بنان تعاطيه لَو أَن بعض بنانها بدا لغلب ضوءه ضوء الشَّمْس وَالْقَمَر وَلَو أَن طَاقَة من شعرهَا بَدَت لملأت مَا بَين الْمشرق وَالْمغْرب من طيب رِيحهَا فَبَيْنَمَا هُوَ متكىء مَعهَا على أريكته إِذْ أشرق عَلَيْهِ نور من فَوْقه فيظن أَن الله تَعَالَى قد أشرف على خلقه فَإِذا حوراء تناديه يَا ولي الله أما لنا فِيك من دولة فَيَقُول وَمن أنتِ يَا هَذِه فَتَقول: أَنا من اللواتي قَالَ الله ﴿ولدينا مزِيد﴾ فيتحول إِلَيْهَا فَإِذا عِنْدهَا من الْجمال والكمال مَا لَيْسَ مَعَ الأولى فَبَيْنَمَا هُوَ متكىء على أريكته إِذْ أشرف عَلَيْهِ نور من فَوْقه فَإِذا حوراء أُخْرَى تناديه: يَا ولي الله أما لنا فِيك من دولة فَيَقُول وَمن أنتِ يَا هَذِه فَتَقول: أَنا من اللواتي قَالَ الله (فَلَا تعلم نفس مَا أُخْفِي لَهُم من قُرَّة أعين جَزَاء بِمَا كَانُوا يعْملُونَ) (السَّجْدَة آيَة ١٧) فَلَا يزَال يتَحَوَّل من زَوْجَة إِلَى زَوْجَة

وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن الْمُنْذر عَن مُحَمَّد بن كَعْب فِي قَوْله ﴿لَهُم مَا يشاؤون فِيهَا ولدينا مزِيد﴾ قَالَ: لَو أَن أدنى أهل الْجنَّة نزل بِهِ أهل الْجنَّة كلهم لأوسعهم طَعَاما وَشَرَابًا ومجالس وخدماً
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن كثير بن مرّة قَالَ: من الْمَزِيد أَن تمر السحابة بِأَهْل الْجنَّة فَتَقول مَاذَا تُرِيدُونَ فأمطره لكم فَلَا يدعونَ بِشَيْء إِلَّا أمطرتهم وَالله تَعَالَى أعلم
الْآيَات ٣٦ - ٣٧