آيات من القرآن الكريم

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَيَبْلُوَنَّكُمُ اللَّهُ بِشَيْءٍ مِنَ الصَّيْدِ تَنَالُهُ أَيْدِيكُمْ وَرِمَاحُكُمْ لِيَعْلَمَ اللَّهُ مَنْ يَخَافُهُ بِالْغَيْبِ ۚ فَمَنِ اعْتَدَىٰ بَعْدَ ذَٰلِكَ فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ
ﮐﮑﮒﮓﮔﮕﮖﮗﮘﮙﮚﮛﮜﮝﮞﮟﮠﮡﮢﮣﮤﮥﮦﮧ ﮩﮪﮫﮬﮭﮮﮯﮰﮱﯓﯔﯕﯖﯗﯘﯙﯚﯛﯜﯝﯞﯟﯠﯡﯢﯣﯤﯥﯦﯧﯨﯩﯪﯫﯬﯭﯮﯯﯰﯱﯲﯳﯴﯵﯶﯷﯸﯹﯺﯻﯼﯽﯾﯿ

عن شربها، فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ يقول: أعرضتم عن طاعة الله وطاعة الرسول فَاعْلَمُوا أَنَّما عَلى رَسُولِنَا الْبَلاغُ الْمُبِينُ فهذا تهديد لمن شرب الخمر بعد التحريم، فلما نزلت هذه الآية قال:
حُييُّ بن أخطب: فما حال من مات منهم وهم يشربونها. فعيّر بذلك أصحاب رسول الله ﷺ فسأل رسول الله ﷺ أصحابه عن ذلك، فنزلت هذه الآية: لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ جُناحٌ فِيما طَعِمُوا يعني: شربوا قبل تحريمها، ولم يعرفوا تحريمها.
ويقال: إن بعض الصحابة كانوا في سَفْرَة فشربوا منها بعد التحريم، ولم يعرفوا تحريمها. فلما رجعوا سألوا عن ذلك رسول الله ﷺ فنزل: لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ جُناحٌ فِيما طَعِمُوا يعني: شربوا قبل تحريمها، إِذا مَا اتَّقَوْا الشرك، وَآمَنُوا يعني: صدقوا بوحدانية الله تعالى، والقرآن وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ ثُمَّ اتَّقَوْا المعاصي وَآمَنُوا يعني: صدقوا بعد تحريمها ثُمَّ اتَّقَوْا وَأَحْسَنُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ في أفعالهم ويقال:
معناه ليس عليهم جناح فيما طعموا قبل تحريمها إذا اجتنبوا شربها بعد تحريمها.
وروى عطاء بن السائب، عن أبي عبد الرحمن السلمي قال: شرب نفر من أهل الشام الخمر وعليهم يومئذٍ معاوية بن أبي سفيان، وقالوا هي لنا حلال وتأولوا قوله لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ جُناحٌ فِيما طَعِمُوا فكتب في ذلك إلى عمر فكتب إليه عمر: أن ابعثهم إليّ، قبل أن يفسدوا من قِبَلك. فلما قدموا على عمر، جمع أصحاب رسول الله ﷺ فقال لهم ما ترون؟ فقالوا: إنهم قد افتروا على الله كذباً، وشرعوا في دينه ما لم يأذن به، فاضرب أعناقهم، وعليّ ساكت فقال: يا عليّ ما ترى؟ قال: أرى أن تستتيبهم، فإن تابوا فاضربهم ثمانين جلدة، وإن لم يتوبوا فاضرب أعناقهم، فاستتابهم فتابوا، فضربهم ثمانين جلدة وأرسلهم.
قوله تعالى:
[سورة المائدة (٥) : الآيات ٩٤ الى ٩٥]
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَيَبْلُوَنَّكُمُ اللَّهُ بِشَيْءٍ مِنَ الصَّيْدِ تَنالُهُ أَيْدِيكُمْ وَرِماحُكُمْ لِيَعْلَمَ اللَّهُ مَنْ يَخافُهُ بِالْغَيْبِ فَمَنِ اعْتَدى بَعْدَ ذلِكَ فَلَهُ عَذابٌ أَلِيمٌ (٩٤) يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّداً فَجَزاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ ذَوا عَدْلٍ مِنْكُمْ هَدْياً بالِغَ الْكَعْبَةِ أَوْ كَفَّارَةٌ طَعامُ مَساكِينَ أَوْ عَدْلُ ذلِكَ صِياماً لِيَذُوقَ وَبالَ أَمْرِهِ عَفَا اللَّهُ عَمَّا سَلَفَ وَمَنْ عادَ فَيَنْتَقِمُ اللَّهُ مِنْهُ وَاللَّهُ عَزِيزٌ ذُو انْتِقامٍ (٩٥)
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَيَبْلُوَنَّكُمُ اللَّهُ بِشَيْءٍ مِنَ الصَّيْدِ يعني: ليختبرنّكم الله. والاختبار من

صفحة رقم 417

الله هو إظهار ما علم منهم بشيء من الصيد. يعني: ببعض الصيد. فتبعيضه يحتمل أن يكون معناه: ما داموا في الإحرام، فيكون ذلك بعض الصيد، ويحتمل أن يكون على معنى التخصيص، يحمل ذلك على وجه تبيين جنس من الأجناس كما قال: فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثانِ [الحج: ٣٠] ويحتمل بعض الصيد، يعني صيد البر دون صيد البحر، تَنالُهُ أَيْدِيكُمْ يعني: تأخذونه بأيديكم بغير سلاح، مثل البيض والفراخ، وَرِماحُكُمْ يعني: تأخذونه بسلاحكم، وهو الكبار من الصيد، لِيَعْلَمَ اللَّهُ مَنْ يَخافُهُ بِالْغَيْبِ يعني: يميز الله من يخاف من الذين لا يخافون.
وبيّن فضل الخائفين: فَمَنِ اعْتَدى بَعْدَ ذلِكَ يعني: من أخذ الصيد بعد النهي فَلَهُ عَذابٌ أَلِيمٌ يعني: وجيع يعني الكفارة والتعذيب في الدنيا والآخرة، والعذاب إن مات بغير توبة.
ثم قال: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ يعني: وأنتم محرمون ويقال:
وأنتم محرمون أو في الحرم. ثم بيّن الكفارة فقال: وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّداً فَجَزاءٌ مِثْلُ ما قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ يعني: عليه الفداء مثل ما قتل. قرأ أهل الكوفة عاصم وحمزة والكسائي: فَجَزاءٌ مِثْلُ بتنوين الهمزة وبضم اللام. وقرأ الباقون: بالضم بغير تنوين وبكسر اللام. فأما من قرأ:
بالتنوين. فمعناه: فعليه جزاء، ثم صار المثل نعتاً للجزاء. وأما من قرأ: بغير تنوين فعلى معنى الإضافة إلى الجزاء يعني: عليه جزاء ما قتل من النعم، يشتري بقيمته من النعم ويذبحه. يعني:
إذا كان المقتول يوجد النعم.
ثم قال: يَحْكُمُ بِهِ ذَوا عَدْلٍ مِنْكُمْ يعني: رجلان مسلمان عدلان ينظران إلى قيمة المقتول، ثم يشتري بقيمته هَدْياً بالِغَ الْكَعْبَةِ يعني: يبلغ بالهدي مكة ويذبحه هناك ويتصدق بلحمه على الفقراء. أَوْ كَفَّارَةٌ طَعامُ مَساكِينَ يعني: إن شاء يشتري بقيمته طعاماً ويتصدق به على كل مسكين نصف صاع من حنطة أَوْ عَدْلُ ذلِكَ صِياماً يعني: يصوم مكان كل نصف صاع من حنطة يوماً. قال ابن عباس: إنما يقوّم لكي يعرف مقدار الصيام من الطعام فهو بالخيار بين هذه الأشياء الثلاثة إن شاء أطعم، وإن شاء أهدى، وإن شاء صام. قرأ نافع وابن عامر: أَوْ كَفَّارَةٌ طَعامُ مَساكِينَ بغير تنوين على معنى الإضافة. وقرأ الباقون كَفَّارَةٌ بالتنوين والطعام نعتاً لها.
ثم قال: لِيَذُوقَ وَبالَ أَمْرِهِ يعني: عقوبة ذنبه لكي يمتنع عن قتل الصيد. عَفَا اللَّهُ عَمَّا سَلَفَ يعني: عما مضى قبل التحريم وَمَنْ عادَ بعد التحريم فَيَنْتَقِمُ اللَّهُ مِنْهُ يعني:
يعاقبه الله تعالى. ومع ذلك يجب عليه الكفارة. وقال بعضهم: لا يجب عليه الكفارة إذا قتل مرة أخرى.
وروى عكرمة عن ابن عباس: أنه سئل عن المحرم يصيب الصيد فيحكم عليه، ثم يصيبه

صفحة رقم 418
بحر العلوم
عرض الكتاب
المؤلف
أبو الليث نصر بن محمد بن أحمد بن إبراهيم السمرقندي
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية