آيات من القرآن الكريم

وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَاحْذَرُوا ۚ فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّمَا عَلَىٰ رَسُولِنَا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ
ﭧﭨﭩﭪﭫﭬﭭﭮﭯﭰﭱﭲﭳﭴ

وَأَنْتَ لَنَا وَاللَّهِ ذِي الْعَرْشِ قُدْوَةٌ إِذَا صَدَّنَا عَنْ شُرْبِهَا الْمُتَكَلِّفُ
نَقُولُ:
أَبُو ثَوْرٍ أَحَلَّ شَرَابَهَا وَقَوْلُ أَبِي ثَوْرٍ أَسَدُّ وَأَعْرَفُ
وَحُذِفَ مُتَعَلِّقُ مُنْتَهُونَ لِظُهُورِهِ، إِذِ التَّقْدِيرُ: فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ عَنْهُمَا، أَيْ عَنِ
الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ، لِأَنَّ تَفْرِيعَ هَذَا الِاسْتِفْهَامِ عَنْ قَوْلِهِ: إِنَّما يُرِيدُ الشَّيْطانُ يُعَيِّنُ أَنَّهُمَا الْمَقْصُودُ مِنَ الِانْتِهَاءِ.
وَاقْتِصَارُ الْآيَةِ عَلَى تَبْيِينِ مَفَاسِدِ شُرْبِ الْخَمْرِ وَتَعَاطِي الْمَيْسِرِ دُونَ تَبْيِينِ مَا فِي عِبَادَةِ الْأَنْصَابِ وَالِاسْتِقْسَامِ بِالْأَزْلَامِ مِنَ الْفَسَادِ، لِأَنَّ إِقْلَاعَ الْمُسْلِمِينَ عَنْهُمَا قَدْ تَقَرَّرَ قَبْلَ هَذِهِ الْآيَةِ مِنْ حِينِ الدُّخُولِ فِي الْإِسْلَامِ لِأَنَّهُمَا مِنْ مَآثِرِ عَقَائِدِ الشِّرْكِ، وَلِأَنَّهُ لَيْسَ فِي النُّفُوسِ مَا يُدَافِعُ الْوَازِعَ الشَّرْعِيَّ عَنْهُمَا بِخِلَافِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ فَإِنَّ مَا فِيهِمَا مِنَ اللَّذَّاتِ الَّتِي تُزْجِي بِالنُّفُوسِ إِلَى تَعَاطِيهِمَا قد يدافع الوزاع الشَّرْعِيَّ، فَلِذَلِكَ أُكِّدَ النَّهْيُ عَنْهُمَا أَشَدَّ مِمَّا أُكِّدَ النَّهْيُ عَنِ الأنصاب والأزلام.
[٩٢]
[سُورَة الْمَائِدَة (٥) : آيَة ٩٢]
وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَاحْذَرُوا فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّما عَلى رَسُولِنَا الْبَلاغُ الْمُبِينُ (٩٢)
عُطِفَتْ جُمْلَةُ وَأَطِيعُوا عَلَى جُمْلَةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ [الْمَائِدَة: ٩١]، وَهِيَ كَالتَّذْيِيلِ، لِأَنَّ طَاعَةَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ تَعُمُّ تَرْكَ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَالْأَنْصَابِ وَالْأَزْلَامِ وَتَعُمُّ غَيْرَ ذَلِكَ مِنْ وُجُوهِ الِامْتِثَالِ وَالِاجْتِنَابِ. وَكُرِّرَ وَأَطِيعُوا اهْتِمَامًا بِالْأَمْرِ بِالطَّاعَةِ. وَعُطِفَ وَاحْذَرُوا عَلَى أَطِيعُوا أَيْ وَكُونُوا عَلَى حَذَرٍ. وَحُذِفَ مَفْعُولُ احْذَرُوا لِيُنَزَّلَ الْفِعْلُ مَنْزِلَةَ اللَّازِمِ لِأَنَّ الْقَصْدَ التَّلَبُّسُ بِالْحَذَرِ فِي أُمُورِ الدِّينِ، أَيِ الْحَذَرِ مِنَ الْوُقُوعِ فِيمَا يَأْبَاهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ، وَذَلِكَ أَبْلَغُ مِنْ أَنْ يُقَالَ وَاحْذَرُوهُمَا، لِأَنَّ الْفِعْلَ اللَّازِمَ يَقْرُبُ مَعْنَاهُ مِنْ مَعْنَى أَفْعَالِ السَّجَايَا، وَلِذَلِكَ يَجِيءُ اسْمُ الْفَاعِلِ مِنْهُ عَلَى زِنَةِ فَعِلٍ كَفَرِحٍ وَنَهِمٍ.

صفحة رقم 30
تحرير المعنى السديد وتنوير العقل الجديد من تفسير الكتاب المجيد
عرض الكتاب
المؤلف
محمد الطاهر بن عاشور
الناشر
الدار التونسية للنشر
سنة النشر
1403
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية