آيات من القرآن الكريم

وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَمِيثَاقَهُ الَّذِي وَاثَقَكُمْ بِهِ إِذْ قُلْتُمْ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا ۖ وَاتَّقُوا اللَّهَ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ
ﮒﮓﮔﮕﮖﮗﮘﮙﮚﮛﮜﮝﮞﮟﮠﮡﮢﮣﮤﮥﮦ

«يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكارى حَتَّى تَعْلَمُوا ما تَقُولُونَ وَلا جُنُباً إِلَّا عابِرِي سَبِيلٍ حَتَّى تَغْتَسِلُوا وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضى أَوْ عَلى سَفَرٍ أَوْ جاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغائِطِ أَوْ لامَسْتُمُ النِّساءَ فَلَمْ تَجِدُوا ماءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ إِنَّ اللَّهَ كانَ عَفُوًّا غَفُوراً» (٤٣: النساء).. وقد سبق أن شرحناه فى موضعه! ولكن كيف يقع التصادم والتخالف فى كتاب منزل من رب العالمين، تعالى الله عن ذلك علوّا كبيرا.. «وَلَوْ كانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافاً كَثِيراً» وفى قوله تعالى: «ما يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ» ما يكشف عن جوانب كثيرة من رحمة الله بنا، وفضله علينا، وأنه أقامنا على شريعة، لا حرج فيها ولا إعنات، وأن كل ما جاءت به هو تصحيح لإنسانيتنا، وتكريم لآدميتنا، وحماية لنا من دواعى الفساد والعطب..
وفى هذا الذي يلبسنا من نعم الله وأفضاله، ما يستوجب الحمد والشكر، وذلك بأن نتلقى أحكام الله بالقبول والرضا، وأن نأنس بالحياة معها، والعيش فيها، وأن نستوحش من البعد عنها، أو التفريط فى الإمساك بها..
الآية: (٧) [سورة المائدة (٥) : آية ٧]
وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَمِيثاقَهُ الَّذِي واثَقَكُمْ بِهِ إِذْ قُلْتُمْ سَمِعْنا وَأَطَعْنا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ (٧)
التفسير: عطف هذه الآية على ما قبلها هو توكيد للشكر الواجب علينا

صفحة رقم 1045

أن نعيش فيه مع الله الذي تحفّ بنا ألطافه، وتشتمل علينا نعمه.. ففى كل نفس يتنفسه الإنسان نعم ظاهرة تحدّث بها كل جارحة فيه.. فضلا عن النعم التي تساق إليه من هذا الوجود الذي يتحرك فى رحابه ويتقلب بين أرضه وسمائه..
قوله تعالى: وَمِيثاقَهُ الَّذِي واثَقَكُمْ بِهِ» هو عطف على قوله تعالى: «نِعْمَةَ اللَّهِ» أي اذكروا نعمة الله عليكم وميثاقه الّذى واثقكم به..
والميثاق الذي واثقنا الله به هو ما أشار إليه سبحانه فى قوله تعالى: «وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قالُوا بَلى شَهِدْنا» (١٧٢: الأعراف) فهذا إقرار من الناس جميعا- قبل أن يخلقوا وقبل أن يكونوا أناسا- بالولاء لله، والاعتراف بربوبيته.. وهو إقرار ضمن الإقرار العام للوجود كلّه بالانقياد لله، والولاء له..
وإذ يذكر الإنسان أنه كان على عهد مع الله وهو فى مضمر الغيب، قبل أن يكون له وجود، وقبل أن يستكمل وجوده، ويصبح كائنا، عاقلا رشيدا- إذ يذكر الإنسان هذا من أمر نفسه، ويذكر ما ينبغى أن يكون موقفه من الله، وهو الإنسان العاقل الرشيد- وجد من السفاهة والضلال أن يكون على غير هذا الطريق القويم الذي انتظم فيه مع الوجود كله يوم أن لم يكن شيئا..
فكيف يسفه ويحمق، ويشرد عن هذا الطريق، ويتخذ لنفسه طرقا لا معلم فيها، ولا أنيس له فى مجاهلها إلا من كان على شاكلته من التأئهين والضالين وإخوان الشياطين؟

صفحة رقم 1046
التفسير القرآني للقرآن
عرض الكتاب
المؤلف
عبد الكريم يونس الخطيب
الناشر
دار الفكر العربي - القاهرة
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية