آيات من القرآن الكريم

قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَسْتُمْ عَلَىٰ شَيْءٍ حَتَّىٰ تُقِيمُوا التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ ۗ وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ طُغْيَانًا وَكُفْرًا ۖ فَلَا تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ
ﮖﮗﮘﮙﮚﮛﮜﮝﮞﮟﮠﮡﮢﮣﮤﮥﮦﮧﮨﮩﮪﮫﮬﮭﮮﮯﮰﮱﯓﯔﯕﯖ

لم تبلغ فيما مضى. أو إن لم تبلغ البيان كما بلغت التنزيل فما بلغت الرسالة، واللَّه أعلم.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ)
فيه دليل إثبات رسالته - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - لأنه - عَزَّ وَجَلَّ - أخبر أنه عصمه من الناس؛ فكان ما قال؛ فدل أنه علم ذلك باللَّه، وكذلك في قوله - تعالى -: (فَكِيدُونِي جَمِيعًا ثُمَّ لَا تُنْظِرُونِ): كان يقول بين ظهراني الكفرة: كيدوني جميعًا، ثم لم يلحقه من كيدهم شيء؛ دل أنه كان ذلك باللَّه تعالى.
وعن عائشة - رضي اللَّه عنها -: " كان النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - ليحرس، فلما نزل قوله - تعالى -: (وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ) قال: " انْصَرِفُوا إِلَى مَنَازِلِكُم؛ فَإِنَّ اللهَ عَصَمَنِي مِنَ الناسِ "؛ فانصرفوا.
ويحتمل قوله - تعالى -: (بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ)، أي: بلغ ما أنزل إليك من الآيات والحجج والبراهين، التي جعلها اللَّه أعلاما لرسالتك، وآثارا لنبوتك؛ ليلزمهم الحجة بذلك، واللَّه أعلم.
قوله تعالى: (قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَسْتُمْ عَلَى شَيْءٍ حَتَّى تُقِيمُوا التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ طُغْيَانًا وَكُفْرًا فَلَا تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ (٦٨)
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَسْتُمْ عَلَى شَيْءٍ حَتَّى تُقِيمُوا التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ)
لا يُبتَدَأ الكلام بمثل هذا إلا عن قول أو دعوى تسبق، وليس في الآية بيان ما كان منهم؛ فيشبه أن يكون الذي كان منهم ما ادَّعَوا أنهم على دين اللَّه وعلى ولايته، أو ما قالوا: (نَحْنُ أَبْنَاءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ)، أو ما قالوا: (لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلَّا مَنْ كَانَ هُودًا أَوْ نَصَارَى)، أو نحو ذلك من أمانيهم ودعاويهم التي ادعوا لأنفسهم؛ فقال لرسوله: قل لهم: (لَسْتُمْ عَلَى شَيْءٍ حَتَّى تُقِيمُوا التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ).
قال الحسن: قوله - تعالى -: (حَتَّى تُقِيمُوا التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ)، أي: حتى تقيموا ما قد حرفتم وغيرتم من التوراة والإنجيل وبدلتم، وتثبتوا على ما أنزل وتؤمنوا به.

صفحة رقم 558
تأويلات أهل السنة
عرض الكتاب
المؤلف
محمد بن محمد بن محمود، أبو منصور الماتريدي
تحقيق
مجدي محمد باسلوم
الناشر
دار الكتب العلمية - بيروت، لبنان
سنة النشر
1426
الطبعة
الأولى
عدد الأجزاء
10
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية