آيات من القرآن الكريم

إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ
ﯤﯥﯦﯧﯨﯩﯪﯫﯬﯭﯮﯯﯰ ﯲﯳﯴﯵﯶﯷﯸﯹﯺﯻﯼ

السمع والطاعة في المنشط والمكره. وأن لا ننازع الأمر أهله. وأن نقول بالحق حيثما كنّا، لا نخاف في الله لومة لائم.
الخامسة: قوله تعالى ذلِكَ فَضْلُ اللَّهِ.
الإشارة إلى ما ذكر من حب الله إياهم، وحبهم لله وذلّتهم للمؤمنين، وعزّتهم على الكافرين، وجهادهم في سبيل الله، وعدم مبالاتهم للوم اللوّام. فالمذكور كله فضل الله الذي فضل به أولياءه.
قال المهايميّ: أما المحبتان فظاهر. وكذا العزة على الكفار والجهاد. وأما الذلة على المؤمنين فلأنه تواضع موجب للرفع. وأما عدم خوف الملامة فلما فيه من تحقيق المودة مع الله.
وقوله تعالى: يُؤْتِيهِ مَنْ يَشاءُ أي: ممن يريد به مزيد إكرام من سعة جوده، وَاللَّهُ واسِعٌ أي: كثير الفواضل، جلّ جلاله.
ولمّا نهى عن موالاة اليهود والنصارى، أشار إلى من يتعيّن للموالاة، فقال سبحانه:
القول في تأويل قوله تعالى: [سورة المائدة (٥) : آية ٥٥]
إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَهُمْ راكِعُونَ (٥٥)
إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللَّهُ المفيض عليكم كلّ خير وَرَسُولُهُ الذي هو واسطة الفيض وَالَّذِينَ آمَنُوا المعينون في موالاة الله ورسوله بأفعالهم، لأنهم الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ التي هي أجمع العبادات البدنية وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ القاطعة محبة المال الجالب للشهوات وَهُمْ راكِعُونَ حال من فاعل الفعلين، أي: يعملون ما ذكر- من إقامة الصلاة وإيتاء الزكاة- وهم خاشعون ومتواضعون لله ومتذللون غير معجبين. فإن رؤيتهم تؤثر فيمن يواليهم بالعون في موالاة الله ورسوله.
القول في تأويل قوله تعالى: [سورة المائدة (٥) : آية ٥٦]
وَمَنْ يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغالِبُونَ (٥٦)
وَمَنْ يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فيعينهم وينصرهم فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغالِبُونَ في العاقبة على أعدائه.

صفحة رقم 174

تنبيهات:
الأول: إنما أفرد (الوليّ) ولم يجمع، مع أنه متعدّد، للإيذان بأن الولاية لله أصل، ولغيره تبع لولايته عزّ وجل. فالتقدير: وكذلك رسوله والذين آمنوا.
الثاني: ثمرة هذه الآية تأكيد موالاة المؤمنين والبعد عن موالاة الكفار.
الثالث: قال ابن كثير: توهم بعض الناس أن هذه الجملة- يعني قوله تعالى وَهُمْ راكِعُونَ- في موضع الحال من قوله وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ أي في ركوعهم.
ولو كان هذا كذلك، لكان دفع الزكاة في حال الركوع أفضل من غيره لأنه ممدوح، وليس الأمر كذلك عند أحد من العلماء ممن نعلمهم من أئمة الفتوى. وحتى إن بعضهم ذكر في هذا أثرا عن عليّ بن أبي طالب، أنّ هذه الآية نزلت فيه: إنّه مرّ به سائل في حال ركوعه، فأعطاه خاتمه. ثم روى ابن كثير الأثر المذكور عن ابن أبي حاتم وابن جرير «١» وعبد الرزاق وابن مردويه، ثم قال: وليس يصحّ شيء منها بالكليّة. لضعف أسانيدها وجهالة رجالها.. انتهى.
وقد اقتصّ ذلك الخفاجيّ في (حواشي البيضاوي) عن الحاكم وغيره بطول.
ثم أنشد أبياتا لحسان بن ثابت فيها. ولوائح الضعف بل الوضع لا تخفى عليها. لا سيما ونفس حسان بن ثابت، العريق في العربية، بعيد مما نسب إليه. وأيّ حاجة للتنويه بفضل عليّ عليه السلام بمثل هذه الواهيات. وفضله أشهر من نار على علم.
قال البغويّ «٢» : روي عن عبد الملك بن سليمان قال: سألت أبا جعفر، محمد ابن عليّ الباقر عن هذه الآية إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا من هم؟ فقال:
المؤمنون. فقلت: إن ناسا يقولون هو عليّ. فقال: عليّ من الذين آمنوا.
قال ابن كثير: وقد تقدم في الأحاديث التي أوردناها، أنّ هذه الآية كلها نزلت في عبادة بن الصامت رضي الله عنه، حين تبرأ من حلف يهود، ورضي بولاية الله ورسوله والمؤمنين، الرابع: ذهب من رأى أن هذه الآية نزلت في عليّ عليه السلام وأنه تصدق بخاتمه وهو راكع- كما قدّمنا- إلى أنّ العمل القليل في الصلاة لا يبطلها، وإن صدقة النفل تسمى زكاة. نقله السيوطيّ في (الإكليل) عن ابن الفرس.
وقال بعض الزيدية: ثمرة الآية تأكيد موالاة المؤمنين، وبيان فضل من نزلت

(١) الأثر رقم ١٢٢١٠ من التفسير.
(٢) الأثر رقم ١٢٢١١ من تفسير ابن جرير.

صفحة رقم 175
محاسن التأويل
عرض الكتاب
المؤلف
محمد جمال الدين بن محمد سعيد بن قاسم الحلاق القاسمي
تحقيق
محمد باسل عيون السود
الناشر
دار الكتب العلميه - بيروت
سنة النشر
1418
الطبعة
الأولى
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية