فلا تكدره بآثامك) (وغناك قبل فقرك) يعنى إذا كنت راضيا بما اعطاك الله من القوت فاغتنم ذلك ولا تطمع فيما فى أيدي الناس (وحياتك قبل مماتك) لان الرجل مادام حيا يقدر على العمل فاذا مات انقطع عمله ولهذا تتمنى الموتى ان يعودوا الى الدنيا فيتهللوا مرة او يصلوا ركعة فالفرصة غنيمة والعمر قليل: قال الحافظ
بگذشتن فرصت اى برادر
در كرم روى چوميغ باشد
درياب كه عمر بس عزيزست
كر فوت شود دريغ باشد
وقال السيد الشريف لابنه
نصيحت همينست جان پدر
كه عمرت عزيزست ضايع مكن
فينبغى للعاقل ان لا يضيع أيامه: قال الحكيم: بكودكى بازي. بجوان مستى به پيرى سستى.
خدا را كى پرستى. فاذا تم شغلك بالشريعة فاجتهد فى الطريقة وهى باطن الشريعة واقتد باولى الألباب فانه كما ان لكل نبى شرعة ومنهاجا كذلك لكل ولى طريقة مسلوكة مخصوصة وقد ضل من ضل منارهم يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا خطاب يعم حكمه كافة المؤمنين من المخلصين وغيرهم وان كان سبب وروده بعضا منهم إذ روى ان عبادة بن الصامت رضى الله عنه قال لرسول الله ﷺ ان لى موالى من اليهود كثيرا عددهم وانى ابرأ الى الله ورسوله من ولايتهم وأوالي الله ورسوله فقال عبد الله بن ابى انى رجل أخاف الدوائر لا ابرأ من ولاية موالىّ وهم يهود بنى فينقاع فقال تعالى لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصارى أَوْلِياءَ اى لا تتخذوا أحدا منهم وليا بمعنى لا تصافوهم ولا تعاشروهم مصافاة الأحباب ومعاشرتهم لا بمعنى لا تجعلوهم اولياء لكم حقيقة فانه امر ممتنع فى نفسه لا يتعلق به النهى بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ اى بعض كل فريق من ذينك الفريقين اولياء بعض آخر من ذلك الفريق لا من الفريق الآخر لانه لا موالاة بين فريقى اليهود والنصارى رأسا والكل متفقون على الكفر مجمعون على مضارتكم ومضاركم فيكيف يتصور بينكم وبينهم موالاة وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ اى من يتخذهم اولياء فَإِنَّهُ مِنْهُمْ اى هو على دينهم ومعهم فى النار وهذا إذا تولاهم لدينهم واما الصحبة لمعاملة شراء شىء منهم او طلب عمل منهم مع المخالفة فى الاعتقاد والأمور الدينية فليس فيه هذا الوعيد. قال المولى ابو السعود وفيه زجر شديد للمؤمنين عن اظهار صورة الموالاة لهم وان لم تكن موالاة فى الحقيقة إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ تعليل لكون من يتولاهم منهم اى لا يرشد الذين ظلموا أنفسهم بترك إخوانهم المؤمنين وبموالاة اعداء الله بل يخليهم وشأنهم فيقعون فى الكفر والضلالة اللهم لا تكلنى الى نفسى طرفة عين ولا اقل من ذلك: قال الحافظ
در ره عشق از ان سوى فناصد خطرست
تا نكوى كه چوعمرم بسر آمد رستم
فَتَرَى يا محمد او كل من له اهلية للخطاب رؤية بصرية الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ اى مرض النفاق ورخاوة العقد فى الدين يُسارِعُونَ فِيهِمْ حال من الموصول اى
صفحة رقم 402
الطريق الحق فلم يكن الا مقدار سيره من بلخ الى مرو الروذ حتى صار بحيث أشار الى رجل سقط من القنطرة فى الماء الكثير هنالك ان قف فوقف الرجل مكانه فى الهواء فتخلص. وان رابعة البصرية كانت امة كبيرة يطاف بها فى سوق البصرة لا يرغب فيها أحد لكبر سنها فرحمها بعض التجار فاشتراها بنحو مائة درهم فاعتقها فاختارت الطريق الحق فاقبلت على العبادة فما تمت لها سنة حتى زارها قراء البصرة وعلماؤها لعظم منزلتها. واما الذي لم تسبق له العناية ولا توجهت له ولم يعامل بالفضل فيوكل الى نفسه فربما يبقى فى شعب من عقبة واحدة من العقبات سبعين سنة ولا يقطعها وكم يصيح وكم يصرخ ما اظلم هذا الطريق واشكله وأعسر هذا الأمر واعضله. فان قلت لم اختص هذا بالتوفيق الخاص وحرم هذا وكلاهما مشتركان فى ربقة العبودية فعند هذا السؤال تنادى من سرادق الجلال ان الزم الادم واعرف سر الربوبية وحقيقة العبودية فانه لا يسأل عما يفعل وهم يسألون ذلك تقدير العزيز العليم وان الفضل بيد الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم
رضا بداده بده وز جبين گره بگشاى
كه بر من وتو در اختيار نگشادست
اللهم اجعلنا ممن سبقت له العناية وتقدم فى حقه التوفيق الخاص والهداية آمين يا رب العالمين إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا اى لا تتخذوا اليهود والنصارى اولياء لان بعضهم اولياء بعض وليسوا باوليائكم انما اولياؤكم الله ورسوله والمؤمنون فاختصوهم بالموالاة ولا تخطئوهم الى الغير. قال فى التأويلات النجمية فموالاة الله فى معاداة ما سوى الله كما قال الخليل عليه السلام فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِي إِلَّا رَبَّ الْعالَمِينَ وموالاة الرسول فى معاداة النفس ومخالفة الهوى كما قال عليه السلام (لا يؤمن أحدكم حتى يكون هواه تبعا لما جئت به) وقال (لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب اليه من نفسه وماله وولده والناس أجمعين) وموالاة المؤمنين فى مؤاخاتهم فى الدين كقوله تعالى إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ وقال عليه السلام (لا يؤمن أحدكم حتى يحب لاخيه ما يحب لنفسه) الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ بدل من الذين آمنوا وَهُمْ راكِعُونَ حال من فاعل الفعلين اى يعملون ما ذكر من اقامة الصلاة وإيتاء الزكاة وهم خاشعون ومتواضعون لله تعالى والمقصود تمييز المؤمن المخلص ممن يدعى الايمان ويكون منافقا لأن الإخلاص انما يعرف بكونه مواظبا على الصلاة والزكاة فى حال الركوع اى فى حال الخشوع والإخبات لله تعالى وَمَنْ يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا اى ومن يتخذهم اولياء فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغالِبُونَ اى فانهم الغالبون ولكن وضع الظاهر موضع المضمر تنبيها على البرهان عليه وكأنه قيل ومن يتول هؤلاء فهم حزب الله وحزب الله هم الغالبون وتشريفا لهم باضافتهم اليه تعالى وتعريضا بمن يوالى غير هؤلاء بانه حزب الشيطان وحزب الرجل أصحابه والحزب الطائفة يجتمعون لأمر حزبهم اى أصابهم. واعلم ان الغلبة على اعداء الله الظاهرة والباطنة كالهوى والنفس والشيطان انما تحصل بنصرة الله تعالى كما قال تعالى إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وليست النصرة والغلبة الا بتأثير الله تعالى وهو المعز وكل العزة منه تعالى- وروى- ان الله تعالى شكا من هذه الامة ليلة المعراج شكايات. الاولى انى لم أكلفهم عمل الغد وهم يطلبون منى رزق الغد.
صفحة رقم 407