آيات من القرآن الكريم

فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِمْ يَقُولُونَ نَخْشَىٰ أَنْ تُصِيبَنَا دَائِرَةٌ ۚ فَعَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِنْ عِنْدِهِ فَيُصْبِحُوا عَلَىٰ مَا أَسَرُّوا فِي أَنْفُسِهِمْ نَادِمِينَ
ﭬﭭﭮﭯﭰﭱﭲﭳﭴﭵﭶﭷﭸﭹﭺﭻﭼﭽﭾﭿﮀﮁﮂﮃﮄﮅﮆﮇﮈ

٥٢ - قوله تعالى: ﴿فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ﴾.
قال ابن عباس: "يعني عبد الله بن أبي وأصحابه" (١) وهو قول مجاهد (٢) ومقاتل (٣) وغيرهم.
وقوله تعالى: ﴿يُسَارِعُونَ فِيهِمْ﴾، قال ابن عباس: "يريد يسارعون إلى مودتهم" (٤)، وقال الكلبي: "يسارعون في ولاية اليهود، ونصارى نجران؛ لأنهم كانوا أهل ريف يميرونهم ويقرضونهم" (٥).
وقال مجاهد: يسارعون في مصانعة اليهود وموأخاتهم (٦)، وقال أبو إسحاق: يسارعون في معاونتهم على المسلمين (٧).
وقوله تعالى: ﴿يَقُولُونَ نَخْشَى أَنْ تُصِيبَنَا دَائِرَةٌ﴾، الدائرة من دوائر الدهر كالدولة، وهي التي تدور من قوم إلى قوم، والدائرة التي تخشى كالهزيمة والدبرة والقحط والحوادث المخوفة (٨)، قال عبد الله بن مسلم (٩): نخشى أن يدور الدهر علينا بمكروه فلا يميروننا (١٠). وقال أبو عبيدة: الدوائر

(١) انظر: "تنوير المقباس" بهامش المصحف ص ١١٧.
(٢) انظر: "تفسير الطبري" ٦/ ٢٧٨ - ٢٧٩، "زاد المسير" ٢/ ٣٧٩، "الدر المنثور" ٢/ ٥١٦.
(٣) "تفسير مقاتل" ١/ ٤٨٥، انظر: "زاد المسير" ٢/ ٣٧٨.
(٤) انظر: "تنوير المقباس" بهامش المصحف ص ١١٧.
(٥) لم أقف عليه، انظر: "غريب القرآن" لابن قتيبة ص ١٤٣، "زاد المسير" ٢/ ١٧٩.
(٦) أخرجه بنحوه الطبري ٦/ ٢٧٩.
(٧) "معاني القرآن وإعرابه" ٢/ ١٨١، وانظر: "تفسير البغوي" ٣/ ٦٨.
(٨) انظر: "تفسير الطبري" ١٠/ ٤٠٤، ٤٠٥، "تهذيب اللغة" ٢/ ١١٢٩ مادة (دار).
(٩) ابن قتيبة.
(١٠) "غريب القرآن" ص ١٤٣.

صفحة رقم 420

تدور، والدوائل تدول (١)، وذكر قول حُميد الأرقط (٢):
[كنت حسبت الخندق المحفورا] (٣)
ودائراتِ الدَّهر أن تدورا (٤)
قال الكلبي: ﴿نَخْشَى أَنْ تُصِيبَنَا دَائِرَةٌ﴾ أي سنة جدبة، وقال مقاتل: "نخشى أن تصيبنا دائرة اليهود على المسلمين، وذلك أنهم قالوا، إنا نكره قتال اليهود ومفارقتهم، فإنا لا ندري ما يكون ونخشى أن لا ينصر محمد فينقطع الذي بيننا من الميرة والقرض" (٥).
وقال أبو روق: "يعنون نخشى أن ينصر محمد" (٦).
ونحو ذلك قال الزجاج: أي نخشى أن لا يتم الأمر للنبي - ﷺ -، قال: ومعنى (دائرة): أي: يدور الأمر عن حاله التي يكون عليها (٧).
وقوله تعالى: ﴿فَعَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِنْ عِنْدِهِ﴾، قال أهل المعاني: وعسى من الله واجب (٨). لأن الكريم إذا طمّع في خير يفعله، فهو

(١) "مجاز القرآن" ١/ ١٦٩.
(٢) هو حميد بن مالك بن ربعي بن فحاش بن قيس، من بني ربيعة، شاعر إسلامي. "معجم الأدباء" ٣/ ٢٦٧.
(٣) ما بين المعقوفين ليس في "المجاز".
(٤) "مجاز القرآن" ١/ ١٦٩. والرجز في: "تفسير الطبري" ٦/ ٢٧٩، "تفسير القرطبي" ٦/ ٢١٧.
(٥) بمعناه في تفسير مقاتل ١/ ٤٨٤، "تفسير البغوي" ٣/ ٦٨. وانظر: "غريب القرآن" لابن قتيبة ص ١٤٣، "زاد المسير" ٢/ ٣٧٩.
(٦) لم أقف عليه، وهو بمعنى ما تقدمه وما تلاه.
(٧) "معاني القرآن وإعرابه" ٢/ ١٨١.
(٨) المرجع السابق.

صفحة رقم 421

بمنزلة الوعد به لتعلق النفس به ورجائها له، ولذلك حق لا يضيع، قال الكلبي والسدي: (أن يأتي بالفتح) يعني: فتح مكة (١)، وقال الضحاك: فتح قرى اليهود (٢)، وقال قتادة: "بالقضاء الفصل" (٣)، وقال مقاتل: "يعني نصر محمد الذي أيسوا منه" (٤)، وقال الزجاج: فعسى الله أن يظهر المسلمين (٥).
وجمع ابن عباس هذه الأقوال في قوله فقال: "يريد بفتح الله تعالى لمحمد - ﷺ - على جميع من خالفه" (٦)، وقوله تعالى: ﴿أَوْ أَمْرٍ مِنْ عِنْدِهِ﴾، قال الكلبي والضحاك: خصب وسعة لمحمد - ﷺ - وأصحابه (٧). وهو اختيار الزجاج (٨) وابن قتيبة (٩).
وقال السدي: "الجزية" (١٠)، وقال مقاتل: "القتل والجلاء لليهود" (١١)، وهذا معنى قول ابن عباس في قوله: (أو أمر من عنده)

(١) أخرجه عن السدي: الطبري ٦/ ٢٨٠ وذكره عنهما البغوي ٣/ ٦٨. وانظر: "زاد المسير" ٢/ ٣٧٩، "ابن كثير" ٢/ ٧٨.
(٢) البغوي ٣/ ٦٨.
(٣) "تفسير الطبري" ٦/ ٢٨٠، "تفسير البغوي" ٣/ ٦٨.
(٤) "تفسيره" ١/ ٤٨٤، وانظر: "تفسير البغوي" ٣/ ٦٨.
(٥) "معاني القرآن وإعرابه" ٢/ ١٨١.
(٦) انظر: "الوسيط" ٢/ ١٩٧، "تفسير القرطبي" ٦/ ٢١٨، "تنوير المقباس" بهامش المصحف ص ١١٧.
(٧) انظر: "الوسيط" ٢/ ١٩٨، "تفسير البغوي" ٣/ ٦٨، "زاد المسير" ٢/ ٣٧٩.
(٨) "معاني القرآن وإعرابه" ٢/ ١٨١.
(٩) "غريب القرآن" ص ١٤٤، انظر: "زاد المسير" ٢/ ٣٧٩.
(١٠) أخرجه الطبري ٦/ ٢٨٠، وابن أبي حاتم وأبو الشيخ كما في "الدر المنثور" ٣/ ١٠١، انظر: "زاد المسير" ٢/ ٣٧٩، "ابن كثير" ٢/ ٧٨.
(١١) "تفسيره" ١/ ٤٨٤، "الوسيط" ٢/ ١٩٨، انظر: "زاد المسير" ٢/ ٣٧٩.

صفحة رقم 422
التفسير البسيط
عرض الكتاب
المؤلف
أبو الحسن علي بن أحمد بن محمد بن علي الواحدي، النيسابوري، الشافعي
الناشر
عمادة البحث العلمي - جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية.
سنة النشر
1430
الطبعة
الأولى
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية