
القرآن إلى رأى هو كرأى الجاهلية بل أشد ميوعة ومحاباة، فالقانون الوضعي يحمى الجرائم والمجرمين! هذا الخطاب في الآية وهذا الاستفهام والتعجب والإنكار إنما هو لقوم يوقنون أنه لا أعدل من الله ولا أحسن حكما منه..!
موالاة اليهود والنصارى وعاقبتها [سورة المائدة (٥) : الآيات ٥١ الى ٥٣]
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصارى أَوْلِياءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (٥١) فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يُسارِعُونَ فِيهِمْ يَقُولُونَ نَخْشى أَنْ تُصِيبَنا دائِرَةٌ فَعَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِنْ عِنْدِهِ فَيُصْبِحُوا عَلى ما أَسَرُّوا فِي أَنْفُسِهِمْ نادِمِينَ (٥٢) وَيَقُولُ الَّذِينَ آمَنُوا أَهؤُلاءِ الَّذِينَ أَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمانِهِمْ إِنَّهُمْ لَمَعَكُمْ حَبِطَتْ أَعْمالُهُمْ فَأَصْبَحُوا خاسِرِينَ (٥٣)
المفردات:
مَرَضٌ: شك ونفاق. دائِرَةٌ: ما يدور به الزمان من المصائب والإحن التي تحيط بالمرء إحاطة الدائرة بما فيها. حَبِطَتْ: بطلت أعمالهم.
سبب النزول:
روى الرواة أنه جاء عبادة بن الصامت من بنى الخزرج إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فقال:
يا رسول الله إن لي موالي من اليهود كثيرا عددهم، وإنى أبرأ إلى الله ورسوله من ولاية يهود، وأتولى الله ورسوله. فقال عبد الله بن أبى: إنى رجل أخاف الدوائر لا أبرأ من

موالاة موالي. فقال الرسول صلّى الله عليه وسلّم لعبد الله بن أبى: «يا أبا الحباب: أرأيت الذي نفست به من ولاء يهود على عبادة، فهو لك دونه» قال: إذن أقبل، فنزلت هذه الآية
. المعنى:
يا من اتصفتم بهذا الوصف وهو الإيمان بالله ورسوله، سواء كان هذا باللسان فقط ولا إخلاص معه. أو كان إيمانا صادقا ومعه الإخلاص. لا يليق بكم أن تفعلوا ما نهاكم الله عنه من اتخاذ اليهود والنصارى أولياء تلقون إليهم بالمودة، وتسرون إليهم بما أخفيتم وما أعلنتم، وتتحابون إليهم وتصادقونهم، إذ بعض اليهود أولياء بعض، وبعض النصارى أولياء بعض، والكل متفق على كلمة واحدة هي بغضكم بغضا شديدا.
ومن يتولهم منكم فإنه منهم، أى: من جملتهم، وحكمه حكمهم. وهذا تشديد على المنافقين الذين يتخذون صداقات، ويربطون صلات باليهود والنصارى وأعداء الدين. إن الله لا يهدى الظالمين أنفسهم بموالاة الكفار أيا كان السبب.
فترى يا محمد وكذا كل من تصح منه الرؤية. ترى الذين في قلوبهم مرض: الشك والنفاق كعبد الله بن أبى وأضرابه، يسارعون في موالاتهم، ويرغبون فيها رغبة أكيدة خاصة للشيطان، وانظر إلى تعبير القرآن (يسارعون فيهم) بدل (يسرعون إلى موالاتهم) للإشارة إلى أنهم منتقلون من بعض مراتبها إلى بعض فهم مستقرون فيها.
يقولون متعللين: نخشى أن تصيبنا دائرة تدور علينا من دوائر الدهر. ودولة من دولة، بأن ينقلب الأمر للكفار واليهود وتدول الدولة على المسلمين فنحتاج إليهم فلا يسعفوننا بالميرة والطعام- أرأيت كيف لا يثق المنافقون بوعد الله؟ وأن حزب الله هم المفلحون.
وعسى الله أن يأتى بالفتح، و (عسى) في القرآن وعد محتوم فإن الكريم متى أطمع أطعم، وإذا وعد حقق، فما ظنك بأكرم الأكرمين؟ وهو على كل شيء قدير. والمراد بالفتح: فتح مكة، أو فتح من عنده شامل لتأسيس الدولة، وانتظام شؤونها