آيات من القرآن الكريم

۞ وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِّ إِذْ قَرَّبَا قُرْبَانًا فَتُقُبِّلَ مِنْ أَحَدِهِمَا وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الْآخَرِ قَالَ لَأَقْتُلَنَّكَ ۖ قَالَ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ
ﮃﮄﮅﮆﮇﮈﮉﮊﮋﮌﮍﮎﮏﮐﮑﮒﮓﮔﮕﮖﮗﮘﮙﮚﮛﮜ

(واتل عليهم نبأ ابني آدم) وجه اتصال هذا بما قبله التنبيه من الله على أن ظلم اليهود ونقضهم المواثيق والعهود هو كظلم ابن آدم لأخيه، فالداء قديم، والشر أصيل، وقد اختلف أهل العلم في ابني آدم المذكورين هل هما لصلبه أم لا؟ فذهب الجمهور إلى الأول، وذهب الحسن والضحاك إلى الثاني، وقالا: " إنهما كانا من بني إسرائيل، فضرب بهما المثل في إبانة حسد اليهود، وكانت بينهما خصومة فتقرّبا بقربانين ولم تكن القرابين إلا في بني إسرائيل ".
قال ابن عطية: " هذا وهم، كيف يجهل صورة الدفن أحد من بني إسرائيل حتى يقتدي بالغراب "، ، قال الجمهور من الصحابة فمن بعدهم اسمهما قابيل وهابيل.
(بالحق) أي تلاوة متلبسة بالحق، واختاره الزمخشري أو نبأ متلبساً بالحق، (إذ قربا قرباناً) القربان اسم لما يتقرب به إلى الله عز وجل من صدقة أو ذبيحة أو نسك أو غير ذلك مما يتقرب به، قاله الزمخشري، وقيل مصدر أطلق على الشيء المتقرب به، قاله أبو علي الفارسي وكان قربان قابيل حزمة من سنبل لأنه كان صاحب زرع، واختارها من أردأ زرعه حتى إنه وجد فيها سنبلة طيبة ففركها وأكلها، وكان قربان هابيل كبشاً لأنه كان صاحب غنم أخذه من أجود غنمه.
(فتقبل) القربان (من أحدهما) وهو هابيل فرفع إلى الجنة فلم يزل يرعى فيها إلى أن فدى به الذبيح عليه السلام، وكذا قال جماعة من السلف،

صفحة رقم 395

وقيل نزلت نار من السماء فأكلت قربانه (ولم يتقبل من الآخر) أي قابيل فحسده وأضمر الحسد في نفسه إلى أن حج آدم.
(قال لأقتلنك) قيل سبب هذا القربان أن حواء كانت تلد في كل بطن ذكراً وأنثى إلا شيثاً عليه السلام فإنها ولدته منفرداً، وكان آدم عليه السلام يزوج الذكر من هذا البطن بالأنثى من الآخر، ولا تحل له أخته التي ولدت معه، فولدت مع قابيل أخت جميلة وإسمها إقليما، ومع هابيل أخت ليست كذلك وإسمها ليوذا، فلما أراد آدم تزويجهما قال قابيل أنا أحق بأختي فأمره آدم فلم يأتمر وزجره فلم ينزجر، فاتفقوا على القربان وأنه يتزوجها من تقبل قربانه، قاله ابن عباس، قال ابن كثير في تفسيره إسناده جيد، وكذا قال السيوطي في الدر المنثور.
(قال إنما يتقبل الله من المتقين) استئناف كالأول كأنه قيل فماذا قال الذي تقبل. قربانه فقال: قال الخ، وإنما للحصر أي إنما يتقبل القربان من المتقين لا من غيرهم، وكأنه يقول لأخيه إنما أتيت من قبل نفسك لا من قبلي، فإن عدم تقبل قربانك بسبب عدم تقواك وأن حصول التقوى شرط في قبول الأعمال، وعن ابن عباس قال: كان من شأن بني آدم أنه لم يكن مسكين يتصدق عليه، وإنما كان القربان يقربه الرجل فبينما ابنا آدم قاعدان إذ قالا لو قربنا قرباناً ثم ذكر ما قررناه.

صفحة رقم 396
فتح البيان في مقاصد القرآن
عرض الكتاب
المؤلف
أبو الطيب محمد صديق خان بن حسن بن علي ابن لطف الله الحسيني البخاري القِنَّوجي
راجعه
عبد الله بن إبراهيم الأنصاري
الناشر
المَكتبة العصريَّة للطبَاعة والنّشْر
سنة النشر
1412
عدد الأجزاء
15
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية