آيات من القرآن الكريم

قَالَ فَإِنَّهَا مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِمْ ۛ أَرْبَعِينَ سَنَةً ۛ يَتِيهُونَ فِي الْأَرْضِ ۚ فَلَا تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ
ﭱﭲﭳﭴﭵﭶﭷﭸﭹﭺﭻﭼﭽﭾﭿﮀﮁ

نفسه، وهذا قول مردود، لأن كل إنسان يملك نفسه فلا فائدة في الكلام على هذا، ولو كان موسى لا يملك أخاه، لم يكن في تخصيص ذكره فائدة، لأنه أيضاً لا يملك قومه، فهم بمنزلة الأخ على هذا القول. (وقد أنكر هذا القول) المبرد وغيره.
قوله: ﴿فَإِنَّهَا مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِمْ أَرْبَعِينَ سَنَةً﴾ الآية.
﴿أَرْبَعِينَ سَنَةً﴾ منصوب بـ ﴿يَتِيهُونَ﴾، لأن موسى غضب عليهم لما قالوا، فدعا عليهم، فحرمها الله عليهم أبداً وألزمهم أن يتيهوا أربعين سنة عقوبة ولم يدخلوها.
وقيل: وهو منصوب بـ ﴿مُحَرَّمَةٌ﴾ وأنهم عوقبوا بأن حرمت عليهم أربعين

صفحة رقم 1669

سنة، و ﴿يَتِيهُونَ﴾، حال العامل فيه ﴿مُحَرَّمَةٌ﴾، ثم بعد الأربعين فَتَحَها لهم وأسكنهم إياها وكانوا يومئذ ست مائة ألف مقاتل، فلبثوا أربعين ﴿سَنَةً﴾ في ستة فراسخ جادين في السير، فإذا سئموا ونزلوا، فإذا هم في الدار التي منها ارتحلوا، فاشتكوا إلى موسى ما فُعِل بهم، فأنزل الله تعالى عليهم المن والسلوى و (ظللهم بالغمام)، وانفجر لهم حجر أبيض عن اثنتي عشرة عيناً، لكل سبط منهم عين، فلما تمت الأربعون سنة أمرهم الله أن يأتوا المدينة، فقد كفوا أمر عدوهم، وقال لهم: إذا أتيتم المسجد فَأْتوا الباب واسجدوا وقولوا " حطة "، بمعنى: حط عنا ذنوبنا، فأتى عامة القوم وسجدوا على خدودهم وقالوا: حنطة.
قال السدي: / لما ضرب عليهم التيه، ندم موسى فمكثوا أربعين سنة، ثم إن

صفحة رقم 1670

موسى اجتمع بعاج، [فنزا] موسى في السماء عشرة أذرع، وكانت عصاه عشرة أذرع، وكان طوله عشرة أذرع، فأصاب كعب عاج فقتله، ولم يبق أحد ممن أبى (أن يدخل) قرية الجبارين - ممن كان مع موسى - إلاَّ مات ولم يشهد الفتح، وإنما كان معه أبناؤهم، ثم إن الله [نَبَّأ] يوشع بن نون وأمره بقتال الجبارين، فآمن به بنو إسرائيل، فهزموا الجبارين، قال: فكانت العصابة من بني إسرائيل تجتمع على عُنُقِ الرجل يضربونها لا يقطعونها.
قال ابن عباس: كل من دخل التيه - ممن جاز العشرين سنة - مات في التيه، ومات موسى عليه السلام في التيه، ومات هارون قبله، وبرز يوشع [بمن بقي] معه مدينة الجبارين فافتتحها.

صفحة رقم 1671

قال قتادة: مات موسى في الأربعين سنة ولم يدخل بيت المقدس إلا أبناؤهم والرجلان اللذان قالا ما قالا.
قال الطبري: ثبتت الأخبار أن موسى قتل عاج بن عناق وهو من أعظم الجبارين، وموسى ﷺ هو الذي افتتح مدينة الجبارين والرجلان على مقدمته.
وروي أن طول عاج ثمان مائة ذراع، وأنه لما ضربه موسى بعصاه [في] الكعب [سقط] ميتاً، فكان جسراً للناس يمرون عليه.
وروى ابن زيد عن أبيه أن النبي عليه السلام قال: " كان طول موسى عشرة أذرع، وطول عصاه عشرة أذرع، ونزا موسى عشرة أذرع (فما نال من عوج إلا العِرق) - الذي تحت الكعب - فقتله بتلك الضربة " قال زيد: فبلغني أن جيفته سدَّت بطن وادي الأردن.

صفحة رقم 1672

قال نوف البكالي: كان طول عوج ثمان مائة ذراع، وعرضه أربع مائة ذراع.
وقال وهب بن منبه: لما نظر عوج إلى عسكر موسى - وكانوا ستمائة (ألف مقاتل) ونيفاً - اقتلع من الجبل صخرة - على قدرهم من الأرض - فاحتملها رافعاً بها يديه ليرسلها على العسكر، فبعث الله تعالى الهدهد - ومعه قطعة من ماسٍ - فأداره على الصخرة تلقاء رأسه، فما نزا موسى فأصاب عرق عوج، سقط موضع التقوير من الصخرة في عنق عوج فسقط ميتاً.

صفحة رقم 1673

وقوله: ﴿يَتِيهُونَ﴾ أي: يحارون.
وقوله: ﴿فَلاَ تَأْسَ﴾ خطاب لموسى. وقيل: لمحمد عليهما السلام.
والتمام عند الأخفش وأبي حاتم ونافع ويعقوب: ﴿مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِمْ﴾ على أن نصب " الأربعين " بـ ﴿يَتِيهُونَ﴾.
" قال أبو العالية: كانوا ست مائة ألف، سماهم الله " فاسقين " بهذه

صفحة رقم 1674
الهداية الى بلوغ النهاية
عرض الكتاب
المؤلف
أبو محمد مكي بن أبي طالب حَمّوش بن محمد بن مختار القيسي القيرواني ثم الأندلسي القرطبي المالكي
الناشر
مجموعة بحوث الكتاب والسنة - كلية الشريعة والدراسات الإسلامية - جامعة الشارقة
سنة النشر
1429
الطبعة
الأولى
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية