آيات من القرآن الكريم

يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلَامِ وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَىٰ صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ
ﭳﭴﭵﭶﭷﭸﭹﭺﭻﭼﭽﭾﭿﮀﮁﮂﮃﮄﮅﮆﮇﮈﮉﮊﮋﮌﮍﮎﮏﮐﮑﮒﮓﮔﮕﮖﮗﮘﮙﮚﮛﮜﮝﮞﮟﮠﮡﮢﮣ ﮥﮦﮧﮨﮩﮪﮫﮬﮭﮮﮯﮰﮱﯓﯔﯕﯖﯗﯘﯙﯚﯛﯜﯝﯞﯟﯠﯡﯢﯣﯤﯥﯦﯧﯨﯩ ﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚﭛﭜﭝﭞﭟﭠﭡﭢﭣﭤﭥﭦﭧﭨﭩﭪ ﭬﭭﭮﭯﭰﭱﭲﭳﭴﭵﭶﭷﭸﭹﭺﭻﭼﭽﭾﭿﮀﮁﮂﮃ ﮅﮆﮇﮈﮉﮊﮋﮌﮍﮎﮏﮐﮑﮒﮓﮔﮕﮖ

حقوق نعمته فلا تخلوا بشكرها وَعَلَى اللَّهِ اى عليه تعالى خاصة دون غيره استقلالا واشتراكا فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ فانه يكفيهم فى إيصال كل خير ودفع كل شر. واعلم ان التوكل عبارة عن الاعتصام بالله تعالى فى جميع الأمور ومحله القلب والحركة بالظاهر لا تنافى توكل القلب بعد ما تحقق للعبد ان التقدير من قبل الله فان تعسر شىء فبتقديره. وأعلى مراتب التوكل ان يكون بين يدى الله تعالى كالميت بين يدى الغاسل تحركه القدرة الازلية وهو الذي قوى يقينه ألا ترى الى ابراهيم عليه السلام لما هم نمرود وقومه ان يبسطوا اليه أيديهم فرموه فى النار جاءه جبريل وهو فى الهواء فقال ألك حاجة قال أما إليك فلا وفاه بقوله حسبى الله ونعم الوكيل وانظر الى حقيقة توكل النبي عليه السلام حيث كف الله عنه وعن أصحابه أيدي المشركين رأسا فلم يقدروا ان يتعرضوا له بل ابتلوا فى اغلب الأحوال بما لا يخطر ببالهم من البلايا جزاء لهم على همهم بالسوء: وفى المثنوى

قصه عاد وثمود از بهر چيست تا بدانى كه انبيا را ناز كيست
فالتوكل من معالى درجات المقربين فعلى المؤمن ان يتحلى بالصفات الحميدة ويسير فى طريق الحق بسيرة حسنة. ودخل حكيم على رجل فرأى دارا متجددة وفرشا مبسوطة ورأى صاحبها خاليا من الفضائل فتنحنح فبزق على وجهه فقال ما هذا السفه ايها الحكيم فقال بل هو عين الحكمة لان البصاق لزق الى اخس ما كان فى الدار ولم ار فى دارك اخس منك لخلوك عن الفضائل الباطنة فنبه بذلك على دناءته وقبحه لكونه مسترسلا فى لذاته مستغرقا أوقاته لعمارة ظاهره: قال الحافظ رحمه الله
قلندران حقيقت بنيم جو نخرند قباى اطلس آنكس كه از هنر عاريست
ثم اعلم ان كل شىء بقضاء الله تعالى وان الله يختبر عباده بما أراد فعليهم ان يعتمدوا عليه فى العسر واليسر والمنشط والمكره. وعن ابى عثمان قال كان عيسى عليه السلام يصلى على رأس جبل فاتاه إبليس فقال أنت الذي تزعم ان كل شىء بقضاء قال نعم قال الق نفسك من الجبل وقل قدر علىّ قال يا لعين الله يختبر العباد وليس العباد يختبرون الله وما على العبد الا التوكل والشكر على الانعام. ومن جملة انعام الله تعالى الإخراج من ظلمة العدم الى نور الوجود بامر كن والله يعلم ان رجوع العباد الى العدم ليس بهم ولا إليهم كما لم يكن خروجهم بهم فان خروجهم كان بجذبة امر كن فكذلك رجوعهم لا يكون الا بجذبة امر ارجعي فعليهم ان يكونوا واثقين بكرم الله وفضله مسارعين فى طلب مرضاة الله جاهدين على وفق الأوامر والنواهي فى الله ليهديهم الى جذبات عنايته ولطفه وَلَقَدْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثاقَ بَنِي إِسْرائِيلَ اى بالله قد أخذ الله عهد طائفة اليهود والالتفات فى قوله تعالى وَبَعَثْنا مِنْهُمُ اثْنَيْ عَشَرَ نَقِيباً للجرى على سنن الكبرياء او لان البعث كان بواسطة موسى عليه السلام كما سيأتى اى شاهدا من كل سبط ينقب عن احوال قومه ويفتش عنها او كفيلا يكفل عليهم بالوفاء بما أمروا به. وقد روى ان النبي عليه السلام جعل للانصار ليلة العقبة اثنى عشر نقيبا وفائدة النقيب ان القوم إذا علموا ان عليهم نقيبا كانوا اقرب الى الاستقامة. والنقيب والعريف

صفحة رقم 361

نظيران وقيل النقيب فوق العريف. قال فى شرح الشرعة العريف فعيل بمعنى مفعول وهو سيد القوم والقيم بامور الجماعة من القبيلة والمحلة يلى أمورهم ويتعرف الأمير منه أحوالهم وهو دون الرئيس والعرافة كالسيادة لفظا ومعنى وفى الحديث (العرافة حق ولا بد للناس من عرفاء ولكن العرفاء فى النار) يعنى ان سيادة القوم جائزة فى الشرع لان بها ينتظم مصالح الناس وقضاء أشغالهم فهى مصلحة ورفق للناس تدعو إليها الضرورة. وقوله ولكن العرفاء فى النار اى أكثرهم فيها إذ المجتنب عن الظلم منهم يستحق الثواب لكن لما كان الغالب منهم خلاف ذلك أجراه مجرى الكل كذا فى شرح المصابيح: قال السعدي

رياست بدست كسانى خطاست كه از دستشان دستها بر خداست
مكن تا توانى دل خلق ريش وگر ميكنى ميكنى بيخ خويش
نماند ستمكار بد روزگار بماند برو لعنت پايدار
مها زورمندى مكن بر كهان كه بر يك نمط مى نماند جهان
دل دوستان جمع بهتر كه گنج خزينه تهى به كه مردم برنج
بقومي كه نيكى پسندد خداى دهد خسرو عادل نيك راى
چوخواهد كه ويران كند عالمى كند ملك در پنجه ظالمى
وَقالَ اللَّهُ اى لبنى إسرائيل فقط إذ هم المحتاجون الى الترغيب والترهيب إِنِّي مَعَكُمْ اى بالعلم والقدرة والنصرة اسمع كلامكم وارى أعمالكم واعلم ضمائركم فاجازيكم بذلك وتم الكلام هنا ثم ابتدأ بالجملة الشرطية فقال مخاطبا لبنى إسرائيل ايضا لَئِنْ أَقَمْتُمُ الصَّلاةَ وَآتَيْتُمُ الزَّكاةَ وَآمَنْتُمْ بِرُسُلِي اى بجميعهم واللام موطئة للقسم المحذوف وَعَزَّرْتُمُوهُمْ اى نصرتموهم وقويتموهم وأصله الذب وهو المنع والدفع ومنه التعزير ومن نصر إنسانا فقد ذب عنه عدوه يقال عزرت فلانا اى فعلت به ما يرده عن القبيح ويمنعه عنه وَأَقْرَضْتُمُ اللَّهَ بالإنفاق فى سبيل الخير او بالتصدق بالصدقات المندوبة فظهر الفرق بين هذا الاقراض وبين إخراج الزكاة فانها واجبة قَرْضاً حَسَناً وهو ان يكون من حلال المال وخياره برغبة واخلاص لا يشوبها رياء ولا سمعة ولا يكدرها من ولا أذى وانتصابه يحتمل ان يكون على المصدرية لانه اسم مصدر بمعنى اقراضا كما فى أنبتها نباتا حسنا بمعنى إنباتا ويحتمل ان يكون على المفعولية على انه اسم للمال المقرض لَأُكَفِّرَنَّ عَنْكُمْ سَيِّئاتِكُمْ جواب للقسم المدلول عليه باللام ساد مسد جواب الشرط وَلَأُدْخِلَنَّكُمْ جَنَّاتٍ اى بساطين تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا اى من تحت أشجارها ومساكنها الْأَنْهارُ الاربعة وأخره لضرورة تقدم التخلية على التحلية فَمَنْ كَفَرَ اى برسلى وبشىء مما عدد فى حيز الشرط والفاء لترتيب بيان حكم من كفر على بيان حكم من آمن تقوية للترغيب والترهيب بَعْدَ ذلِكَ الشرط المؤكد المعلق به الوعد العظيم الموجب للايمان قطعا مِنْكُمْ متعلق بمضمر وقع حالا من فاعل كفر فَقَدْ ضَلَّ سَواءَ السَّبِيلِ اى وسط الطريق الواضح ضلالا بينا واخطأ خطأ فاحشا لا عذر معه أصلا بخلاف من كفر قبل ذلك إذ ربما يمكن

صفحة رقم 362

ان يكون له شبهة ويتوهم له معذرة- روى- ان بنى إسرائيل لما استقروا بمصر بعد مهلك فرعون أمرهم الله تعالى بالمسير الى أريحا من ارض الشام وهى الأرض المقدسة وكانت لها الف قرية فى كل قرية الف بستان وكان يسكنها الجبابرة الكنعانيون وقال لهم انى كتبتها لكم دارا قرارا فاخرجوا إليها وجاهدوا من فيها وانى ناصركم وامر موسى عليه السلام ان يأخذ من كل سبط نقيبا أمينا يكون كفيلا على قومه بالوفاء بما أمروا به توثقة عليهم فاختار النقباء وأخذ الميثاق على بنى إسرائيل وتكفل لهم النقباء وسار بهم فلما دنا من ارض كنعان بعث النقباء يتجسسون له الاخبار ويعلمون علمها فرأوا اجراما عظيمة وقوة وشوكة فهابوا فرجعوا وحدثوا قومهم بما رأوا وقد نهاهم موسى عن ذلك فنكثوا الميثاق الأكالب بن يوقنا نقيب سبط يهودا ويوشع بن نون نقيب سبط افرائيم بن يوسف الصديق عليه السلام قيل لما توجه النقباء الى ارضهم للتجسس لقيهم عوج بن عنق وكان طوله ثلاثة آلاف وثلاثمائة وثلاثة وثلاثين ذراعا وثلث وذراع وقد عاش ثلاثة آلاف سنة وكان يحتجز بالسحاب ويشرب منه ويتناول الحوت من قرار البحر فيشويه بعين الشمس يرفعه إليها ثم يأكله ويروى ان الماء طبق ما على الأرض من جبل فى طوفان نوح وما جاوز ركبتى عوج وكانت امه عنق احدى بنات آدم وكان مجلسها جريبا من الأرض فلما لقى عوج النقباء وعلى رأسه حزمة حطب أخذ الاثني عشر نقيبا وجعلهم فى الحزمة فانطلق بهم الى امرأته وقال انظري الى هؤلاء الذين يزعمون قتالنا فطرحهم بين يديها وقال ألا اطحنهم برجلي فقالت لابل خل عنهم حتى يخبروا قومهم بما رأوا ففعل ذلك- وروى- انه جعلهم فى كمه واتى بهم الملك فنشرهم بين يديه فقال ارجعوا الى قومكم فاخبروهم بما رأيتم وكان لا يحمل عنقودا من عنبهم إلا خمسة انفس او اربعة بينهم فى خشبة ويدخل فى شطر رمانة إذا نزع حبها خمسة انفس فجعلوا يتعرفون بأحوالهم فلما رجعوا قال بعضهم لبعض انكم ان أخبرتم بنى إسرائيل بخبر القوم ارتدوا عن نبى الله ولكن اكتموه الا عن موسى وهارون فيكونان هما يريان رأيهما فاخذ بعضهم على بعض الميثاق بذلك ثم انصرفوا الى موسى عليه السلام وكان معهم حبة من عنبهم وقر جمل فنكثوا عهدهم وجعل كل منهم ينهى سبطه عن قتالهم ويخبرهم بما رأى الأكالب ويوشع وكان معسكر موسى فرسخا فى
فرسخ فجاء عوج حتى نظر إليهم ثم رجع الى جبل فقوّر منه صخرة عظيمة على قدر المعسكر ثم حملها على رأسه ليطبقها عليهم فبعث الله الهدهد فقوّر من الصخرة وسطها المحاذي لرأسه فانتقبت فوقعت فى عنق عوج فطوقته فصرعته واقبل موسى عليه السلام وطوله عشرة اذرع وكذا طول العصا فترامى فى السماء عشرة اذرع فما أصاب العصا الا كعبه وهو مصروع فقتله قالوا فاقبلت جماعة ومعهم الخناجر حتى جذروا رأسه وهكذا سنة الله فيما أراد حيث ينصر أولياءه بما لا يخطر ببالهم ولله فى كل فعله حكمة تامة ومصلحة شاملة. واعلم ان الله تعالى كما جعل فى امة موسى من النقباء المختارين المرجوع إليهم عند الضرورة اثنى عشر كذلك جعل من كمال عنايته فى هذه الامة من النجباء البدلاء واعزة الأولياء أربعين رجلا فى كل حال وزمان كما قال النبي عليه السلام (يكون

صفحة رقم 363

فى الامة أربعون على خلق ابراهيم وسبعة على خلق عيسى وواحدة على خلقى) فهم على مراتب درجاتهم ومناصب مقاماتهم امنة هذه الامة كما قال عليه السلام (بهم ترزقون وبهم تمطرون وبهم يدفع الله البلاء) قال ابو عثمان المغربي البدلاء أربعون والأمناء سبعة والخلفاء من الائمة ثلاثة والواحد هو القطب عارف بهم جميعا ومشرف عليهم ولا يعرفه أحد ولا يشرف عليه وهو امام الأولياء الثلاثة الذين هم الخلفاء من الائمة وهو يعرفهم وهم لا يعرفونه والخلفاء الثلاثة يعرفون السبعة الذين هم الأمناء ولا يعرفهم أولئك السبعة والسبعة يعرفون الأربعين الذين هم البدلاء ولا يعرفهم البدلاء الأربعون وهم يعرفون سائر الأولياء من الامة ولا يعرفهم من الأولياء أحد فاذا نقص من الأربعين واحد جعل مكانه واحد من الأولياء وإذا نقص من السبعة واحد جعل مكانه واحد من الأربعين وإذا نقص من الثلاثة واحد جعل مكانه واحد من السبعة وإذا مضى القطب الذي هو الواحد فى العدد وبه قوام اعداد الخلق جعل بدله واحد من الثلاثة هكذا الى ان يأذن الله تعالى فى قيام الساعة كما فى التأويلات النجمية. وقال الشيخ الأكبر قدس سره الأطهر القطب يحفظ المركز والامام الايمن يحفظ عالم الأرواح والامام الأيسر يحفظ عام الأجساد والأوتاد الاربعة يحفظون الشرق والغرب والجنوب والشمال والابدال السبعة يحفظون أقاليم الكرة علوا وسفلا انتهى كلامه فى كتاب العظيمة. ويقول الفقير جامع هذه المجالس اللطائف سمعت من حضرة شيخى وسندى الذي بمنزلة روحى فى جسدى ان قطب الوجود إذا انتقل الى الدار الآخرة يكون خليفته فى الجانب الأيسر من الافراد دون الجانب الايمن وذلك لان يسار الامام يمين ويمينه يسار حين الاستقبال الى القوم واليه الاشارة بقوله تعالى فَأَصْحابُ الْمَيْمَنَةِ ما أَصْحابُ الْمَيْمَنَةِ وَأَصْحابُ الْمَشْئَمَةِ ما أَصْحابُ الْمَشْئَمَةِ فان لفظة ما عند اهل التحقيق نافية واهل اليسار اهل الجلال والفناء واهل اليمين اهل الجمال والبقاء فافهم هذا السر البديع وكن ممن القى سمعه وهو شهيد فان المنكر الغافل طريد عن الحق بعيد

بسر وقت شان خلق كى ره برند كه چون آب حيوان بظلمت درند
: قال الصائب
سخن عشق با خرد گفتن بر رگ مرده نيشتر زدنست
ثم تحقيق قوله تعالى لَئِنْ أَقَمْتُمُ الصَّلاةَ ان اقامة الصلاة فى ادامتها بان تجعل الصلاة معراجك الى الحق وتديم العروج بدرجاتها الى ان تشاهد الحق كما شاهدت يوم الميثاق ودرجاتها اربع القيام والركوع والسجود والتشهد على حسب دركات نزلت بها من أعلى عليين وجوار رب العالمين الى أسفل السافلين القالب وهى العناصر الاربعة التي خلق منها قالب الإنسان فالمتولدات منها على اربعة اقسام ولكل قسم منها ظلمة وخاصية تحجبك عن مشاهدة الحق وهى الجمادية وخاصيتها التشهد ثم النباتية وخاصيتها السجود ثم الحيوانية وخاصيتها الركوع ثم الانسانية وخاصيتها القيام يشير إليك بالتخلص من حجب أوصاف الانسانية وأعظمها الكبر وهو من خاصية النار والركوع يشير إليك بالتخلص من حجب صفات الحيوانية وأعظمها الشهوة

صفحة رقم 364

غيره وفى الحديث (ما منكم من أحد الا سيكلمه ربه ليس بينه وبينه ترجمان فينظر ايمن منه فلا يرى الا ما قدم وينظر أشأم منه فلا يرى الا ما قدم فينظر بين يديه فلا يرى الا النار تلقاء وجهه فاتقوا النار ولو بشق ثمرة فمن لم يجد فبكلمة طيبة) يعنى من لم يجد شيأ يتقى به النار فليتق منها بقول حسن يطيب به قلب المسلم فان الكلمة الطيبة من الصدقات. والاشارة فى الآية ان الله تعالى أخذ الميثاق من اليهود والنصارى على التوحيد كما أخذ من هذه الامة يوم الميثاق ولكنه لما وكل الفريقين الى أنفسهم نسوا ما ذكروا به فما بقي لهم حظ من ذلك الميثاق بابطال الاستعداد الفطري لكمال الانسانية فصاروا كالانعام بل هم أضل اى بل كالسباع يتحارشون ويتناوشون بالعداوة والبغضاء الى يوم القيامة فان ارباب الغفلة لا الفة بينهم وان اصحاب الوفاق لا وحشة بينهم واما هذه الامة لما أيدت بتأييد الا له إذ كتب فى قلوبهم الايمان بقلم خطاب ألست بربكم يوم الميثاق وأيدهم بروح منه ما نسوا حظا مما ذكروا به وقيل لنبيهم عليه الصلاة والسلام وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ وقال تعالى خطابا لهم إذ لم ينسوا حظهم ولم ينقضوا ميثاقهم فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ على ان ذكره إياهم كان قبل وجودهم وذكرهم إياه حين ذكرهم المحبة وقال يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ كذا فى التأويلات النجمية يا أَهْلَ الْكِتابِ يعنى اليهود والنصارى والكتاب جنس شامل للتوراة والإنجيل قَدْ جاءَكُمْ رَسُولُنا الاضافة للتشريف والإيذان بوجوب اتباعه يُبَيِّنُ لَكُمْ
حال من رسولنا اى حال كونه مبينا لكم على التدريج حسبما تقتضيه المصلحة كَثِيراً مِمَّا كُنْتُمْ تُخْفُونَ مِنَ الْكِتابِ اى كثيرا كائنا من الذي كنتم تخفونه على الاستمرار حال كونه من الكتاب اى التوراة والإنجيل الذي أنتم اهله والمتمسكون به كنعت محمد عليه السلام وآية الرجم فى التوراة وبشارة عيسى بأحمد عليهما السلام فى الإنجيل وَيَعْفُوا عَنْ كَثِيرٍ مما تخفونه اى لا يظهره ولا يخبره إذا لم يضطر اليه امر دينى صيانة لكم عن زيادة الافتضاح قَدْ جاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتابٌ مُبِينٌ المراد بالنور والكتاب هو القرآن لما فيه من كشف ظلمات الشرك والشك وابانة ما خفى على الناس من الحق او الاعجاز الواضح والعطف المنبئ على تغاير الطرفين لتنزيل المغايرة بالعنوان منزلة المغايرة بالذات وقيل المراد بالأول هو الرسول ﷺ وبالثاني القرآن يَهْدِي بِهِ اللَّهُ وحد الضمير لان المراد بهما واحد بالذات او لانهما فى حكم الواحد فان المقصود منهما دعوة الخلق الى الحق أحدهما رسول الهى والآخر معجزته وبيان ما يدعو اليه من الحق مَنِ اتَّبَعَ رِضْوانَهُ اى رضاه بالايمان به سُبُلَ السَّلامِ اى طرق السلامة من العذاب والنجاة من العقاب على ان يكون السلام بمعنى السلامة كاللذاذ واللذاذة والرضاع والرضاعة او سبيل الله تعالى وهو شريعته التي شرعها للناس على ان يكون السلام هو الله تعالى وانتصاب سبل بنزع الخافض فان يهدى انما يتعدى الى الثاني بالى او باللام كما فى قوله تعالى إِنَّ هذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُخْرِجُهُمْ الضمير لمن والجمع باعتبار المعنى كما ان الافراد فى اتبع باعتبار اللفظ مِنَ الظُّلُماتِ اى ظلمات فنون الكفر والضلال إِلَى النُّورِ الى الايمان وسمى الايمان نورا لان الإنسان إذا آمن ابصر به طريق نجاته فطلبه وطريق هلاكه فحذره بِإِذْنِهِ

صفحة رقم 369
روح البيان
عرض الكتاب
المؤلف
إسماعيل حقي بن مصطفى الإستانبولي الحنفي الخلوتي , المولى أبو الفداء
الناشر
دار الفكر - بيروت
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية