
قوله: ﴿مَّا دُمْتُ فِيهِمْ﴾: (ما) في موضع نصب، ﴿وَ﴾ المعنى: مدة دوامي، فهو ظرفٌ عَمِلَ فيه ﴿شَهِيداً﴾ أي: ﴿وَكُنتُ عَلَيْهِمْ شَهِيداً﴾، ﴿مَّا دُمْتُ﴾ أي: مدة دوامي. ﴿فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي﴾ أي: قبضتني إليك، ﴿كُنتَ أَنتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ﴾ أي: الحفيظ عليهم.
قوله: ﴿إِن تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ﴾ الآية.
المعنى: إن تعذبهم بقولهم فإنهم عبادك، وإن تغفر لهم بتوبتهم عما قالوا فتستر عليهم، ﴿فَإِنَّكَ أَنتَ العزيز﴾ في انتقامك، ﴿الحكيم﴾ في أفعالك.
وقال السدي: المعنى: إن تعذبهم فتميتهم على نصرانيتهم فيحق عليهم العذاب

فإنهم عبادك، وإن تغفر لهم فتخرجهم من النصارنية وتهديهم إلى الإسلام، فإنك أنت العزيز الحكيم، قال: هذا قول عيسى في الدنيا.
وقال بعض أهل النظر: يكون هذا من عيسى في القيامة وإنما يقوله على التسليم لأمر الله، وقد أيقن أن الله لا يغفر لكافر، ولكنه سلم الأمر، ولم يكن يعلم ما أحدثوا بعده: أكفروا أم لا.
قال ابن الأنباري: لم يقل هذا عيسى وهو يقدّر أن الله يغفر للنصارى إذا ماتوا مصرين على الكفر، لكنه قاله على جهة تفويض الأمر إلى ربه، وإخراجِهِ نَفْسَه من حالة الاعتراض.
والمعنى: إن غفرت لهم، لم يكن ﴿لِي﴾ و ﴿لاَ﴾ لأحذ الاعتراض عليك من حكمك، وإن عذبتهم (فبعدل) منك، ذلك لكفرهم.
وقيل: الهاء في ﴿تُعَذِّبْهُمْ﴾ للبعض الذين أقاموا على الكفر، والهاء في {(وَ)