آيات من القرآن الكريم

قَالُوا نُرِيدُ أَنْ نَأْكُلَ مِنْهَا وَتَطْمَئِنَّ قُلُوبُنَا وَنَعْلَمَ أَنْ قَدْ صَدَقْتَنَا وَنَكُونَ عَلَيْهَا مِنَ الشَّاهِدِينَ
ﯯﯰﯱﯲﯳﯴﯵﯶﯷﯸﯹﯺﯻﯼﯽ ﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚﭛﭜﭝﭞﭟﭠﭡﭢﭣﭤﭥﭦﭧ ﭩﭪﭫﭬﭭﭮﭯﭰﭱﭲﭳﭴﭵﭶﭷﭸﭹﭺ ﭼﭽﭾﭿﮀﮁﮂﮃﮄﮅﮆﮇﮈﮉﮊﮋﮌﮍﮎﮏﮐﮑﮒﮓﮔﮕﮖﮗﮘﮙﮚﮛﮜﮝﮞﮟﮠﮡﮢﮣﮤﮥﮦﮧﮨﮩﮪﮫ ﮭﮮﮯﮰﮱﯓﯔﯕﯖﯗﯘﯙﯚﯛﯜﯝﯞﯟﯠﯡﯢﯣﯤﯥﯦﯧﯨﯩﯪﯫﯬﯭ ﯯﯰﯱﯲﯳﯴﯵﯶﯷﯸﯹﯺ ﯼﯽﯾﯿﰀﰁﰂﰃﰄﰅﰆﰇﰈﰉﰊﰋﰌﰍﰎﰏﰐﰑﰒﰓﰔﰕﰖ ﰘﰙﰚﰛﰜﰝﰞﰟﰠﰡﰢﰣ

المقالة صدرت منهم في أوّل الأمر قبل أن يروا معجزات عيسى
قالُوا نُرِيدُ أَنْ نَأْكُلَ مِنْها أي أكلا نتشرف به بين الناس، وليس مرادهم شهوة البطن وَتَطْمَئِنَّ قُلُوبُنا أي نعاين الآية فيصير إيماننا بالضرورة والمشاهدة، فلا تعرض لنا الشكوك التي تعرض في الاستدلال وَنَعْلَمَ أَنْ قَدْ صَدَقْتَنا ظاهره يقوي قول من قال إنهم إنما قالوا ذلك قبل تمكن إيمانهم، ويحتمل أن يكون المعنى نعلم علما ضروريا لا يحتمل الشك وَنَكُونَ عَلَيْها مِنَ الشَّاهِدِينَ أي نشهد بها عند من لم يحضرها من الناس قالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ اللَّهُمَّ رَبَّنا أَنْزِلْ عَلَيْنا مائِدَةً مِنَ السَّماءِ أجابهم عيسى إلى سؤال المائدة من الله، وروي أنه لبس جبة شعر ورداء شعر، وقام يصلي ويدعو ويبكي تَكُونُ لَنا عِيداً لِأَوَّلِنا وَآخِرِنا قيل: نتخذ يوم نزولها عيدا يدور كل عام لأول الأمة، ثم لمن بعدهم، وقال ابن عباس: المعنى تكون مجتمعا لجميعنا أوّلنا وآخرنا في يوم نزولها خاصة لا عيدا يدور وَآيَةً مِنْكَ أي علامة على صدقي قالَ اللَّهُ إِنِّي مُنَزِّلُها عَلَيْكُمْ أجابهم الله إلى ما طلبوا، ونزلت المائدة عليها سمك وخبز، وقيل زيتون وتمر ورمان وقال ابن عباس: كان طعام المائدة ينزل عليهم حيثما نزلوا وفي قصة المائدة قصص كثيرة غير صحيحة فَمَنْ يَكْفُرْ بَعْدُ مِنْكُمْ فَإِنِّي أُعَذِّبُهُ عَذاباً عادة الله عز وجل عقاب من كفر بعد اقتراح آية فأعطيته، ولما كفر بعض هؤلاء مسخهم الله خنازير، قال عبد الله بن عمر: أشدّ الناس عذابا يوم القيامة من كفر من أصحاب المائدة وآل فرعون والمنافقون..
وَإِذْ قالَ اللَّهُ يا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّي إِلهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ قال ابن عباس والجمهور: هذا القول يكون من الله يوم القيامة على رؤوس الخلائق، ليرى الكفار تبرئة عيسى مما نسبوه إليه، ويعلمون أنهم كانوا على باطل، وقال السدّي: لما رفع الله عيسى إليه قالت النصارى ما قالوا، وزعموا أن عيسى أمرهم بذلك، وسأل الله حينئذ عن ذلك، فقال: سبحانك الآية، فعلى هذا يكون إذ قال ماضيا في معناه كما هو لفظه، وعلى قول ابن عباس يكون بمعنى المستقبل ما يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ ما لَيْسَ لِي بِحَقٍّ نفي يعضده دليل العقل لأنّ المحدث لا يكون إلها إِنْ كُنْتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ اعتذار وبراءة من ذلك القول، ووكل العلم إلى الله لتظهر براءته، لأن الله علم أنه لم يقل ذلك تَعْلَمُ ما فِي نَفْسِي وَلا أَعْلَمُ ما فِي نَفْسِكَ أي تعلم معلومي ولا أعلم معلومك، ولكنه سلك باللفظ مسلك المشاكلة، فقال في نفسك مقابلة لقوله في نفسي، وبقية قوله تعظيما لله، وإخبار بما

صفحة رقم 251

قال الناس في الدنيا أَنِ اعْبُدُوا أن حرف عبارة وتفسير أو مصدرية بدل من الضمير في به إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ فيها سؤالان الأول كيف قال وإن تغفر لهم وهم كفار والكفار لا يغفر لهم؟ والجواب أن المعنى تسليم الأمر إلى الله، وأنه إن عذب أو غفر فلا اعتراض عليه، لأن الخلق عباده، والمالك يفعل في ملكه ما يشاء، ولا يلزم من هذا وقوع المغفرة للكفار، وإنما يقتضي جوازها في حكمة الله تعالى وعزته، وفرق بين الجواز والوقوع، وأما على قول من قال: إن هذا الخطاب لعيسى عليه السلام حين رفعه الله إلى السماء، فلا إشكال، لأن المعنى إن تغفر لهم بالتوبة، وكانوا حينئذ أحياء، وكل حيّ معرض للتوبة، السؤال الثاني: ما مناسبة قوله: فإنك أنت العزيز الحكيم، لقوله: وإن تغفر لهم والأليق مع ذكر المغفرة أن لو قيل: فإنك أنت الغفور الرحيم؟ والجواب من ثلاثة أوجه. الأول يظهر لي أنه لما قصد التسليم لله والتعظيم له، كان قوله: فإنك أنت العزيز الحكيم أليق، فإن الحكمة تقتضي التسليم له، والعزة تقتضي التعظيم له، فإن العزيز هو الذي يفعل ما يريد ولا يغلبه غيره، ولا يمتنع عليه شيء أراده، فاقتضى الكلام تفويض الأمر إلى الله في المغفرة لهم أو عدم المغفرة لأنه قادر على كلا الأمرين لعزته وأيهما فعل فهو جميل لحكمته. الجواب الثاني: قاله شيخنا الأستاذ أبو جعفر بن الزبير: إنما لم يقل الغفور الرحيم لئلا يكون في ذلك تعريض في طلب المغفرة لهم. فاقتصر على التسليم والتفويض دون الطلب. إذ لا تطلب المغفرة للكفار، وهذا قريب من قولنا. الثالث حكى شيخنا الخطيب أبو عبد الله بن رشيد عن شيخه إمام البلغاء في وقته حازم بن حازم أنه كان يقف على قوله: إِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ ويجعل فإنك أنت العزيز استئنافا وجواب إن في قوله فإنهم عبادك كأنه قال إن تعذبهم وإن تغفر لهم فإنهم عبادك على كل حال.
هذا يَوْمُ يَنْفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ عموم في جميع الصادقين، وخصوصا في عيسى ابن مريم فإن في ذلك إشارة إلى صدقه في الكلام الذي حكاه الله عنه، وقرأ غير نافع بقية القراء هذا يوم بالرفع على الابتداء أو الخبر، وقرأ نافع بالنصب وفيه وجهان: أحدهما: أن يكون يوم ظرف لقال، فعلى هذا لا تكون الجملة معمول القول، وإنما معموله هذا خاصة والمعنى قال الله هذا القصص أو الخبر في يوم، وهذا بعيد مزيل لرونق الكلام، والآخر أن يكون هذا مبتدأ، ويوم في موضع خبره والعامل فيه محذوف تقديره هذا واقع يوم ينفع الصادقين صدقهم، ولا يجوز أن يكون يوم مبنيا على قراءة نافع، لأنه أضيف إلى معرب، قاله الفارسي والزمخشري.

صفحة رقم 252
التسهيل لعلوم التنزيل
عرض الكتاب
المؤلف
أبو القاسم، محمد بن أحمد بن محمد بن عبد الله، ابن جزي الكلبي الغرناطي
تحقيق
عبد الله الخالدي
الناشر
شركة دار الأرقم بن أبي الأرقم - بيروت
سنة النشر
1416
الطبعة
الأولى
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية